الحج استطاعة مالية
بقلم : عبدالله ابو السمح … أنا من المؤيدين بشدة لربط شرط الحج والعمرة بالاستطاعة المالية ثم الصحية، ذلك شرط واضح في فريضة الحج من الناحية الشرعية. لقد ذهبت بعض المذاهب إلى أن الحج فرض على الفقير المتسول إذا كان يستطيع التسول في الحج، هذا رأي ألغته تطورات العصر وتكاليف الانتقال. لقد عوض الله على غير القادرين ماليا عن الحج بعبادات أخرى يؤدونها في بلدهم، كصيام الأيام العشرة أو يوم عرفات… إلخ.
ومع تزايد أعداد المسلمين تزايدا مهولا، فقد وجب تقنينه ووضع «كوتا» عددية لمسلمي كل دولة تنقص نسبتها بازدياد أعداد سكان تلك الدولة. مشاعر الحج وأماكنها محدودة الاتساع، وقدرة الاستيعاب فيها محدودة بمساحتها، والمجامع الفقهية حتى الآن لم تجز الآراء القائلة بالتوسع المكاني بشرط توفر تواصل الصفوف (التواجد البشري)، ومع استحالة الاستيعاب وجب التشدد في الشروط. هذا العام، الحكومة السعودية جندت جيشا عرمرما لخدمة الحجيج قرابة ربع مليون من العسكريين والمدنيين والأطباء وأماكن تلقى العلاج. إن تواجد قرابة ثلاثة ملايين حاج في مكان محدود في أيام محدودة مع متطلبات خدمتهم من تغذية وتنقلات ورعاية صحية وأمنية مهمة صعبة جدا، كمواجهة إعصار بشري متحرك، هذا يوجب فرض الاستطاعة المالية والصحية العالية كواجب للحماية والتنظيم السليم، ولا مكان لحج المشاة، ولا الحج الرخيص، ولا للأقوال الغوغائية بالفرص المفتوحة.
أيها الأخوان، تذكروا دائما الحديث النبوي الشريف «ذهب أهل الدثور بالأجور… إلخ»، هذا معناه احترام الاستطاعة المالية والتنظيم، نعم.. اجعلوا الحج للقادرين فقط، وفقكم الله.