Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

صلاة الجمعة حج المساكين !!

 

صلاة الجمعة حج المساكين !!

بقلم: عبدالامير الخرسان

 

بعد إن طلب الله من رسوله الكريم(صلى الله عليه وآله) إن يهيأ الشعب المسلم روحيا ونفسيا وماديا ويأمرهم بالمسير إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج الإبراهيمي كما ورد في الآية الكريمة ( وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) .

لقد فرض الله الحج مرة واحدة في العمر كله لمن استطاع إليه سبيلا .. من الناحية المادية (بحيث يكون مقتدر غني غير محتاج لم يفرض عليه إن يقترض المال من أصدقائه ويذهب للحج بل يكون متمكن من الناحية المادية فلا يحتاج المساعدة من أحد غير الله سبحانه .) وكذلك من الناحية الصحية إن يكون صحيحا سليما قادر على تحمل مشاقة السفر وطول الطريق ووعورته . إن فاقد المال وفاقد الصحة لا يجب عليه الحج فالقفير حتى يستغني ويقتدر على الحج ليمضي لحج بيت الله الحرام وزيارته والتزود منه . أما المقتدر والمستطيع للحج من جميع النواحي المادية والصحية ولم يحج بيت الله الحرام فهذا شأنه شأن اليهود والنصارى كما قال رسول الله (ص) (من مات ولم يحج بيت الله الحرام وهو قادر على ذلك مات إن شاء يهوديا أو نصرانيا ) .. لأن التسويف في الحج يعتبر من كبائر الذنوب الموجبة للنار نعوذ بالله منها . وكذلك الخوف من أداء الزكاة والخمس من نقص رصيده وأمواله فهذا شرك بالله لأنه يشرك مع حب الله وطاعته شريكا آخر هو المال والشرك أيضا يعتبر من الكبائر الموجبة لجهنم أعاذنا الله وإياكم منها . ونجد من يشرك مع طاعة الله طاعة الأصنام من البشر الطواغيت والجبابرة والحكام الظلمة .. وهذا من الشرك والكبائر التي نهانا الله عنها ..

إن الغير مقتدر على حج بيت الله الحرام من الفقراء والمحتاجين والمرضى المزمنين الذين لا يستطيعون تحمل مشاقة السفر وأداء المناسك ساقط عنه هذا التكليف الشرعي باعتبار (إن الله لا يكلف نفس إلاّ وسعها) .. لكن لو سأل سائل هل هناك بديل عن الحج لمن لا يستطيع الحج ولو بحجم الأجر والثواب .. الجواب نعم .. هناك بديل عن الحج وهو أداء فريضة الجمعة ..

إن فريضة الجمعة تقام يوم الجمعة واجب تخييري بين صلاة الظهر وصلاة الجمعة فأي الصلاتين تقام هي إسقاط للتكليف الشرعي .. ولكن صلاة الجمعة عظيمة الشأن تزيل الآثام وتمحو الذنوب وتنقّي الروح وتصفّي القلب .. وورد فيها سورة كاملة هي سورة الجمعة كما قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون ) إن صلاة الجمعة مع الإمام الجامع للشرائط هي أعظم من صلاة الظهر جماعة , كما قال رسول الله (ص) ( صلاة الجمعة حج المساكين ) إن الذي لا يستطيع حج بيت الله الحرام يستطيع أن يؤدي صلاة الجمعة فينال أجر وثواب كمن حج البيت الحرام .. وهكذا لكل مصلي يؤدي صلاة الجمعة مع الإمام الجامع للشرائط أجر وثواب حج بيت الله الحرام ..

إن لصلاة الجمعة أهداف ووفوائد كثيرة وأحب ذكر بعض هذه الأهداف لأهميتها وعظيم فائدتها على المصلين بصورة خاصة وعموم المسلمين بصورة عامة :
1 – وحدة المسلمين .. وتقاربهم وتعارفهم .. وتعاونهم وتكافلهم في السراء والضراء .. كما أوصانا الله بقوله ( وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) ..
2 – الإحاطة بمعرفة ما يحدث في البلد والبلدان المجاورة من سياسة واقتصاد وشئون عسكرية ومعاهدات وعقود من خلال الخطبتين الشريفتين في الصلاة التي يعرضها الخطيب لأن النبي الأكرم (ص) قال ( ليس منا من لم يعرف ما يحيط بأهل زمانه ) فالمعرفة بما يحيط بالدولة والمدينة سياسيا واقتصاديا وصحيا وخدميا هي مهمة جدا للمواطن ليستطيع معرفة حقوقه وواجباته وماله وما عليه ليطالب بها سلطاته وحكومته لتوفيرها له .. أو يقوّم اعوجاج السلطات وانحرافها عن القانون كما قال عمر بن الخطاب ( إن لي شيطانا يعتريني فإذا اعوججت فقوموني .) فقام له أحد المصلين وقال له والله لو اعوججت لقومناك بسيوفنا هذه .. فتقبلها منه بمرونة وروح رياضية عالية !! يجب على كل حكام المسلمين أن يدركوا هذه الحقيقة إذا اعتراهم الشيطان وانحرفوا عن الخط المستقيم أما أن يعودوا للاستقامة أو ينسحبوا من الحكومة ويسلمونها لمن هو أكفأ منهم في علوم السياسة والاقتصاد وعلوم الاجتماع وشجاعة التطبيق والتنفيذ والتواصل مع الشعب بنجاح وإخلاص .. حتى لا تعم الفوضى وتسود الفتن والاضطرابات !! ويجب على حكوماتنا ان تتقبل النقد وتقبل بتقويم الشعب لكل انحرافاتها وسرقاتها وأزماتها .. وتضع حدا للفساد والسرقة وتهريب العملة ومعالجة الغلاء .. وترفيه المواطن وتوفير كل حاجاته الضرورية والأساسية ليعيش أسوة بالشعوب الراقية والمتقدمة .. كذلك معرفة المخاطر والدسائس التي تحاك من دول الاستعمار ليعد لها العدة العسكرية القوية كما قال تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) ..
3 – الإحاطة بالثقافة الإسلامية والإنسانية ومعرفة الواجبات الشرعية في العبادات والمعاملات لأن معرفة الأحكام الشرعية وتطبيقها بصورة صحيحة ينشأ من خلالها المجتمع الصالح المتماسك والمتعاون والمتراحم فيما بينه الذي يسوده الأمن والاطمئنان والمودة والرحمة .
4 – الإحاطة بعلوم الأخلاق الكريمة والحسنة من خلال الخطيب (كما قال رسول الله(ص) أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحسنكم أخلاقا ) وقال أيضا ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) لأن الشخصية الإسلامية تحمل ثقافة الدين وثقافة الأخلاق مع التطبيق وأحدهما متمم للآخر .. فلابد للشخصية المسلمة هذا الخلق الكريم تمشي به في الناس لتسوسهم به وتحيطهم بخلقها بعنايتها ولطفها وكرمها …
5 – الإحاطة بعلوم الحوار وآدابه .. يستفيد المصلي من أسلوب وأدب الحوار من خلال ما يطرحه الخطيب من حوارات عقائدية أو حوارات قرآنية كما نشاهد في كثير من الآيات القرآنية أسلوب وأدب الحوار بين الأنبياء وشعوبهم التي بعثهم الله اليها .. ليستطيعوا جذب الناس إليهم من خلال الثقافة الإلهية والدلالة الربانية والمعاجز التي جاؤوا بها ليؤمن بهم البشر كلهم ويطمأنوا لآيات الله العظيمة ..ليعبدوا الله ويعظموه ويوقروه ويقروا نظامه ومبادئه ..
6 – ثقافة الذكر الدائم لأن الإنسان إذا عرف الله بعظمته وهيمنته وجبروته وملكه وخليقته .. ولطفه وكرمه وإحسانه من جانب آخر خشع قلبه لله ووقع حب الله فيه وبالتالي لا يستطيع أي منظر من مناظر الدنيا وزخارفها وزبرجها أن يبعدها عن ذكر الله وحبه وحب أنبيائه ورسله وأوليائه وأحبائه .. والانشغال بطاعته وعبادته ..
7 – ثقافة الإخلاص في العمل كما قال رسول الله ( رحم الله امرءا عمل عملا وأتقنه ) يتعلم المصلي من خلال إيمانه الراسخ بالله ورسوله الكريم وأهل بيته الطاهرين أن يخلص في عمله غاية الإخلاص سواء كان عمل سياسي أو اقتصادي أو إصلاحي او تشريعي او تكنولوجي أو مشروع خدمي ليكون السياسي والحكومي له أسوة برسول الله (ص) والأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) بأن يكون عادلا بين الرعية رحيما بهم يساوي بينهم بالعطاء والحقوق لا يتكبر أو يتجبر بل يكون انسان مستقيم متواضع يسهر على راحة الشعب وتوفير مستلزمات الراحة لهم .. ليشعر برضا الله عنه ورضا الناس لأن رضا الله من رضا الناس وسخط الله من سخط الناس . وأكتفي بهذا القدر .. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وآله الطاهرين .

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله