Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

تحية لأبطال مصر فى عيد النصر

 

تحية لأبطال مصر فى عيد النصر

بقلم : د . عبد الرحيم ريحان

 
فى ظل التلوث السمعى والبصرى الذى زرعته الأنظمة المستبدة فى مصر لتستخف بعقول شعوبها حتى تضمن طاعتهم وسكوتهم على القهر والظلم والطغيان فإن شباب مصر والعالم العربى الذى تحدى كل أشكال القهر وأثبت للمستبدين أن صوت الحق هو الأعلى والأقوى فى حاجة لاستلهام القوة والقدوة من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وضحوا بأرواحهم واختلطت دماؤهم الذكية برمال سيناء الطاهرة ومنهم من فقد بصره أو ساقه أو قدمه من أجل كرامة شعوبهم ونهضة أوطانهم وللأسف لا تذكرهم أوطانهم إلا فى عيد النصر يظهرون للإعلام ثم يعودون من حيث أتوا ومنهم من يعيش بمعاش لا يجابه طغيان الأسعار وظروف الحياة الصعبة ونقدم نماذج من هذه البطولات لنذكّر بها شبابنا الذى يجد متعته فى مسلسلات التخلف الفكرى وأغانى المخدرات ويبحث عن القدوة فى نجوم وهمية لنقدم له نجوم الحرية الذى صنعت لنا النصر والعزة والكرامة .

فعقب حرب أكتوبر سأل الصحفيون الأجانب موشى ديان عن سبب نجاح المصريين فى الحصول على كل هذه المعلومات رغم أنه ليس لديهم الأجهزة الحديثة والطائرات المتطورة ومساعدات القمر الصناعى الأمريكى فأجاب بوضوح لقد زرع المصريون سيناء برجال تحولوا إلى رادارات بشرية لها عقول تفكر بخلاف الرادارات الصماء التى استخدمناها فكان استخدام الرادارات البشرية أفضل .

بطولات أهل السويس

يروى لنا الكاتب الصحفى  محمد على السيد نائب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة فى كتابه " بطولات مصرية حكايات من نصر أكتوبر"  قصص أبطال السويس  يوم 24 أكتوبر وبعد ثمانية أيام من ثغرة الدفرسوار وبعد يومين من قرار مجلس الأمن بوقف القتال مع آخر ضوء يوم 22 أكتوبر حين بدأت القوات الإسرائيلية تبحث عن نصر زائف دعائى يساعدها فى التفاوض السياسى فبدأت تلعب على اسم السويس المرتبط فى أذهان العالم بقناة السويس ولم يفهموا أن سبع سنوات من مهانة حرب 67 وتهجير أهل السويس جعلت من فيها مستعداً لاستقبال رياح الجنة بالشهادة عن طيب خاطر وقصفوا مدينة السويس بالطائرات والمدفعية طوال يوم 23 أكتوبر وتولى المستشار العسكرى لمحافظة السويس مهمة قيادة وتنظيم الدفاع عن المدينة بالإمكانيات المتيسرة وقام قائد الفرقة 19 العميد يوسف عفيفى بدفع مجموعات اقتناص الدبابات وصواريخ لتنظيم الدفاع حول المدينة كما قسمت السويس إلى قطاعات تقاتل فيها القوات المسلحة والشرطة والدفاع الشعبى وفى قلب السويس كانت المقاومة الشعبية من منظمة سيناء وميكرفون مسجد الشهداء يردد فيه الشيخ حافظ سلامة بأن أهل السويس يرحبون برى أرضهم بدماء الإسرائيليين القذرة وعندما ظهرت دبابات العدو فى الجزء الشمالى الغربى واجهها القناصة وتم تدمير عدداً منها  وفى الجنوب قام نقيب شرطة حسن عاصم بتكوين مجموعة من أبناء السويس مستعينين بأسلحة حصلوا عليها من مستشفى السويس العام هى أسلحة الشهداء والمصابين وكان يوماً تاريخياً خسرت فيه إسرائيل 32 دبابة وعدد 82 قتيل علاوة على العشرات فى الشوارع والبيوت وفى الصباح التالى كانت القوات الصهيونية خارج المدينة وجمع أهل السويس بين البطولة والروح الإنسانية فبعد المعركة دفنوا شهدائهم وكذلك دفنوا قتلى العدو ولقد كتب الخبير العسكرى الإسرائيلى عن بطولة أهل السويس بأن القوات الإسرائيلية انخدعت بالهدوء الذى ساد مدينة السويس لتنهال عليهم نيران المصريين وتشتعل الدبابات ويسقط مئات القتلى والجرحى وأصبح هم القوات الإسرائيلية هو تأمين انسحاب القوات المتبقية إلى خارج السويس .

 
فهود النصر

فهود النصر كما جاء على لسان اللواء أ.ح محمود حسن عبد الله قائد قوات المظلات فى حرب أكتوبر أنه على مد 12 يوم من 6 إلى 18 أكتوبر استطاع رجال المظلات من حاملى صواريخ فهد تدمير 118 دبابة فى شرق القناة وفى غرب القناة بعد الثغرة تشكل منهم أطقم اقتناص للدبابات للتعامل مع مدرعات العدو المخترق فى الثغرة ومنعه من توسيعها مع حماية مواقع الدفاع الجوى وقام القناصة باصطياد 40 دبابة أخرى بجنوب الاسماعيلية وغرب البحيرات المرة وقد استشهد المقدم صلاح حواش قائد كتيبة الصواريخ الملحقة على الجيش الثانى وهو يقوم بإعطاء شربة ماء لأحد جنوده أثناء الهجوم المضاد الرئيسى لمدرعات العدو وحرص جنوده على الثأر له واستبسلوا فى التصدى بعنف للعدو المخترق ودمروا معظم دباباته وأطلق الأعداء على هذا اليوم 8 أكتوبر يوم الإثنين الحزين وحصل حواش على نجمة سيناء.

 
 
محمد المصرى

محمد المصرى أحد أبطال حرب أكتوبر وحامل وسام نجمة سيناء من مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة وقد كان فى الفوج الأول الذى عبر القناة الساعة الثانية وعشرون دقيقة وأن قائده المقدم صلاح حواش الذى كان يضع المصحف فى جيب سترته الأيمن لقنه كلمة السر المتفق عليها قائلاً لا إله إلا الله ورد عليه محمد رسول الله ومن لحظتها أصبح واجبه التعامل فوراً مع أى مدرعة وفى التاسعة صباح 7 اكتوبر وجد أمامه تشكيل مفتوح من 9 دبابات إسرائيلية فأطلق أول صواريخه فأصاب الهدف فى 27 ثانية وشاهد لأول مرة الدبابة وهى تتحول إلى كتلة نيران ملتهبة وبعد دقيقتين ونصف دمر 4 دبابات وفر الباقى من أمامه وفى يوم 8 أكتوبر بعد أن تغير التمركز إلى منطقة وادى النخيل واجه تشكيلاً من الدبابات دمر منها ثلاثة وفجأة وجد قائده المقدم صلاح يفتح زمزمية المياه ليملأ له غطاءها وهو الذى كان يشربه 4 أفراد فى التدريب والحرب ليقدمه له كله ولكن قبل أن تصل إليه يده بالماء أصيب بطلقة فجائية استشهد على أثرها فى الحال فاشتعل الغضب داخل محمد المصرى ودمر 3 دبابات فى نفس اليوم وفى الليل فى منطقة التمركز جاءه فردين ليبلغوه أنه دمر دبابة عساف ياجورى ولم يكن يعرفه وعرف أنه برتبه عقيد وقائد إحدى كتائب اللواء 190 المدرع الإسرائيلى والذى قفز من دبابته فور رؤيته لصاروخ محمد المصرى وشعر المصرى بأن هذا أقل واجب عزاء يقدمه لقائده الشهيد صلاح حواش وأنه كان يدمر الدبابات دون أن يعرف عددها وفى يوم 12 أكتوبر دمر 6 دبابات ويوم 14 دمر 10 دبابات وانتقل لمنطقة أبو سلطان ليدمر دبابة أخرى ولم يعرف عدد الدبابات التى دمرها إلا من خلال تقرير كفاءة القتال فى نهاية الحرب وكان عددهم 27 دبابة وحصل على نجمة سيناء .

  
 
معاناة أهل سيناء

يروى لنا اللواء فؤاد حسين كشاهد عيان والذى شغل عدة مناصب بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع فى كتابه " شبه جزيرة سيناء المقدسة – المعجزات الإلهية على أرضها وبطولات أهلها " بطولات أهل سيناء عبر التاريخ وخصوصاً بعد احتلال سيناء عام 1967 ولا تقتصر هذه البطولات على قبيلة معينة بل كل قبائل سيناء حظيت بهذا الشرف وقد قاموا ببطولات ومساعدات هائلة للوطن وللقوات المسلحة من البدو والحضر رغم ظروفهم المعيشية الصعبة وطريقة معاملتهم قبل عام 1967 حيث شهدوا سنوات طويلة من العزلة الإجبارية التى فرضها عليهم  الاستعمار الانجليزى لدرجة أقنعت حكام مصر بعد زوال الاستعمار على استمرار نفس النهج وأصبح هذا النهج هو التقليد الطبيعى فى مفهوم الحكومات المصرية المتعاقبة ليتحقق المخطط الصهيونى الاستيطانى الذى كان يعمل على عزلة سيناء عن الوطن الأم مصر ليسهل عليهم احتلالها وهو ما حدث عام 1967 حيث عانى أهل سيناء من طريقة الدخول والخروج لسيناء ونقاط التفتيش الجمركى فى العريش والقنطرة شرق ونقطة الشط وكأنها دولة خارج مصر كما أنها كانت محافظة لا تتبع الحكم المحلى كباقى محافظات مصر وكان أهل سيناء يذهبون للسويس لشراء احتياجاتهم بعد الحصول على تصريح من سلاح الحدود من أقسام الشرطة بالشط أو الطور أو العريش أو الشيخ زويد وغيرها وكان أهالى سيناء محبوسين دون خدمات أو مدارس أو مستشفيات وبدون كهرباء ومياه صالحة للشرب إلا عن طريق الآبار ولا زراعة إلا على الأمطار القليلة ولا صناعة على الإطلاق ولا خدمات طرق وخلافه .

 
بطولات أهل سيناء  

رغم معاناة أهل سيناء عبر التاريخ لكنهم سجلوا بطولات حفرت فى ذاكرة التاريخ بحروف من نور  منها بطولات ما قبل عام 1967 والثانية ما بعد احتلال سيناء والثالثة مرحلة العمل الإيجابى لتحرير الأرض والذى أطلق عليها "مرحلة سيناء العربية" التى تكونت من أبناء سيناء وبعض المحافظات الأخرى وفيها بطولات غير مسبوقة لأهلها ففى المرحلة الأولى قام أهل سيناء بجمع المعلومات عن العدو ورصد التحركات العسكرية داخل إسرائيل وإرسالها للمخابرات المصرية فى العريش وقد أرسلوا خبر الهجوم الإسرائيلى الوشيك يوم 4 ، 5 يونيو وقد أجمع المحللون والقادة فى مذكراتهم أنه لو كان قد تم التعامل مع هذه المعلومات الواردة من مخابرات سيناء بجدية وسرعة لما نجحت الضربة الجوية الإسرائيلية الأولى على المطارات المصرية ولما نجح الهجوم الإسرائيلى الكبير بعد ذلك .

 
وفى المرحلة الثانية ظهرت بوضوح معادن أهل سيناء ووطنيتهم وخدماتهم التى قدموها للوطن ومنها مساعدة أفراد القوات المسلحة العائدين والتائهين وتوصيلهم لقناة السويس بعد إخفائهم عن أعين القوات الإسرائيلية ونقل المصابين لأماكن علاج آمنة وعلاجهم بالطب البدوى والمساعدة فى إنشاء مراكز إعاشة وتجمع لأفراد القوات المسلحة فى منطقة بئر العبد تمهيداً لنقلهم بمراكب صيد إلى بور سعيد بالتعاون مع المخابرات الحربية أو نقلهم سيراً على الأقدام من خلال الملاحات إلى بور سعيد علاوة على إخفاء العديد من أفراد القوات المسلحة فى بيوتهم كما حدث بالعريش كما قاموا بجمع البطاقات الشخصية والعائلية الفارغة بمبنى السجل المدنى والأختام وشعار الجمهورية قبل وصول قوات إسرائيل إليها وقاموا باستخدامها فى استخراج بطاقات لأفراد القوات المسلحة الذين تخفوا فى المدن لإيهام السلطات الإسرائيلية بأنهم من أبناء سيناء .

كما أنشئت شبكة مخابرات العريش الخاصة من أبناء سيناء كما قام أهالى سيناء وبتكليف من المخابرات الحربية باختطاف الجواسيس الإسرائيليين منفذى عملية السكة الحديد من القنطرة شرق وهى العملية الذى قام فيها الجنود الإسرائيليون بتجميع الأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية المتروكة بسيناء لنقلها بالسكة الحديد إلى العريش ومنها لإسرائيل .

مؤتمر الحسنة

بعد 16 شهر من احتلال سيناء وبالتحديد فى 26 أكتوبر 1968 جهزت إسرائيل لمؤتمر فى الحسنة بوسط سيناء بحضور جميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية وقد خططت إسرائيل لتعلن أمام العالم موافقة أهل سيناء على تدويل سيناء وفشل المؤتمر بعد أن وضعت المخابرات الحربية خطة مع أهل سيناء وقد كان همزة الوصل هو المرحوم محمد اليمانى والشيخ سالم الهرش والذى تحدث بصوته الجهورى أمام العالم قائلاً ( أن هذه الأرض أرضنا نحن جميعاً مصريين ورئيسنا هو الرئيس جمال عبد الناصر وإذا كانت سيناء محتلة حالياً فستعود قريباً إلى الوطن الأم ) فصفق له الحاضرون من أهل سيناء وفشل المخطط الصهيونى.

كما ساعد أهل سيناء القوات المسلحة المصرية عندما وضحوا لهم أن من صفات الجمل أيضاً هى قدرته على العوم واقترحوا على المخابرات نقل المعدات والأسلحة عن طريق الجمال لتعوم من غرب القناة لشرقها وهى فكرة الشيخ سمحان موسى مطير من قبيلة الصوالحة وكانت هذه أول مرة يعرف الجميع أن الجمل يعوم فى الماء وكانت المعدات والأسلحة تنقل بواسطة لنشات مطاطية خلفها الجمال حتى تصل لشرق القناة لتنطلق بعد ذلك بالجمال إلى المناطق المحددة لها مهام قتالية .

 
نماذج من أبطال سيناء

محمد محمود اليمانى قام بجمع معلومات عن العدو بعد نكسة 1967 كما قاد مجموعة من الفدائيين أبناء منظمة سيناء العربية الذين أرهقوا المخابرات الإسرائيلية وكبدوا العدو خسائر فى المعدات والأفراد وكان مطلوباً من مخابرات العدو تطارده فى كل مكان ومع ذلك دخل سيناء وخرج منها 64 مرة أثناء الاحتلال لتنفيذ مهام كلفته بها المخابرات المصرية وسار فوق رمال سيناء مئات الأميال ومات مريضاً عام 2005 ولم ينل من الدولة سوى بعض الأنواط والنياشين التى لا تغنى من جوع .

أما حسن على خلف الملقب بالنمر الأسود فهو شاب من الشيخ زويد والذى قام بعد تدريبه بتصوير الموانع الإسرائيلية شمال سيناء فى مناطق رمانة وبئر العبد والعريش وقام بضرب قيادة القوات الإسرائيلية فى العريش بصواريخ الكاتيوشا وعددها 12 صاروخ وكان معه زميلاه بريك جهينى وأحمد سالم وكلهم من قبيلة السواركة وعند تنفيذ عملية أخرى قبض عليهم العدو الصهيونى وتم تعذيبهما بواسطة مخابرات العدو وحكمت عليهم المحكمة الإسرائيلية بالسجن 149 عام قضوا منها 4 سنوات وأفرج عنهم ضمن صفقة تبادل الأسرى ومنح حسن على خلف نوط الامتياز من رئيس الجمهورية .

عودة صباح لويمى من قبيلة الترابين  الذى أبلغ المخابرات الحربية عام 1972 أن القوات الإسرائيلية فى سيناء تقوم بالتدريب على عبور مانع مائى عند نقطة سد الروافع بوسط سيناء ووصف معدات العبور وفى عام 1973 وبعد عبور القوات المسلحة المصرية قناة السويس وقبل حدوث ثغرة الدفرسوار أبلغ عودة بأن معدات العبور السابق ذكرها تخرج من المخازن وتتجه لقناة السويس وكان ذلك أول بلاغ صحيح عن احتمال عبور العدو لقناة السويس فى الدفرسوار .

موسى رويشد تخصص فى زرع الألغام فى طريق مدرعات وعربات العدو فى سيناء وأطلق عليه مهندس الألغام والشيخ سمحان موسى مطير الذى خصص بيته على أطراف السويس لتدريب الكثيرين من أهل سيناء لعمل مأموريات لصالح المخابرات المصرية والشيخ متعب هجرس شيخ قبيلة البياضية فتح بيته لاستقبال آلاف الجنود المصريين المنسحبين من سيناء عام 1967 وقام مع رجاله بتوصيلهم للبر الغربى ليكونوا فى أمان والمجاهدة فهيمة وهى أول سيدة تعمل فى منظمة سيناء العربية تحمل جهاز لاسلكى متنقل وتنقل التموين للأفراد خلف الخطوط وقامت بإيواء أحد الفدائيين فى منزلها فترة طويلة بعد أن حفرت له حفرة كبيرة وضعته فيها وغطته بأكوام الحطب وكانت تقدم له الطعام والشراب فى حفرته  

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله