برلين.. جاذبية سياحية تعكس تاريخاً سياسياً مثيراً
برلين " المسلة " … تختلف العاصمة الألمانية برلين عن نظيراتها من العواصم الاوروبية في ان غناها وجاذبيتها السياحية هي في الواقع انعكاس مباشر لإرثها السياسي الحافل والذي جعل منها واحدة من أكثر مدن العالم إثارة في التاريخ السياسي.ولا غرابة في ذلك، فالمدينة التي عانت من حربين عالميتين تعرضت فوق ذلك الى تقسيم مرير جعلها مدينتين ما زالت شواهد هذا التقسيم ماثلة حتى اليوم ولكن بصبغة سياحية، حيث تستضيف الملايين سنويا للاطلاع على بقايا جدار العار الذي نصبته الحكومة في العهد الشيوعي امام شعبها لمنعهم من الانتقال الى الجانب الغربي الآخر وبقايا الحائط مازالت باقية شاهدة على هذه الحوادث التي جعلت من برلين حدودا ملتهبة خلال سنوات الستينيات والسبعينيات.
لكن المدنية نهضت اليوم وباتت واحدة من اكثر مدن العالم جاذبية سياحية ومعامل تاريخية ونهضة عمرانية هي الاكثر والاضخم في القارة العجوز بفضل مشاريع ضخمة متسارعة تليق بعاصمة دولة عريقة مثل المانيا خصوصا انها واحدة من العواصم الحديثة في اوروبا التي تسارعت فيها بروز عواصم جديدة نتجت عن انهيار الاتحاد السوفيتي وتسارع بروز القوميات الجديدة.
حائط برلين بوابة براندنبيرغ:
حرص الالمان وسكان برلين على إبقاء أجزاء من حائط برلين ما زالت ماثلة للعيان امام السائح حتى يتذكر العالم ما قد جرى خلال 28 عاما من عمر الجدار الذي انهار بفضل رغبة الشعب الالماني في الحرية والتخلص ممن حاول تقسيم الشعب الى شعبين. ولا يتوقف الامر عن جدار برلين بل ان نقاط التفتيش التي كانت سائدة في الستينيات ولعل ابرزها نقطة تفتيش "تشارلي" تعد اليوم واحدة من اكثر معالم برلين استقطابا للسياحة.
حيث يحرص الجميع على التقاط الصور امام هذا الحاجز . اما بوابة براندن بيرغ فهي الاخرى معلم سياحي آخر من معالم العاصمة الاكثر خضرة في اوروبا فهي كانت حاجزا طبيعيا يقسم المدينة الى قسمين واحدا في الشرق والآخر في الغرب وليس من السهل في ذلك الوقت التنقل بينهما خصوصا بالنسبة لسكان برلين الشرقية.
وقد انتزع البرليني اجزاء كثيرة من حائط العار وتم توزيعها على احياء مختلفة من المدنية النابضة بالحيوية واقام عليها اكبر معرض فني مفتوح في العالم يستقطب اليوم الآلاف سنويا من عشاق الفن.
وكما أن المدينة مغموسة حتى النخاع في تاريخها السياسي الحافل لكنها لم تتوقف عند ذلك الحد فالتغيرات لا حدود لها في هذه المدينة التي تستضيف سنويا عشرات المهرجانات الثقافية والفنية اشهرها مهرجان برلين السياحي. والعاصمة الالمانية التي تحتفل بعقدين من الوحدة مازالت فتية وتنهض بمشاريع عملاقة تعيد اكتشاف نفسها رغم ان عمرها الفعلي يعود إلى 775 عاماً.
والزائر للعاصمة برلين يلمس ذلك التنوع الفريد في سكانها وثقافتها الغنية وهي فوق ذلك تكاد تكون العاصمة الاقل كلفة في المعيشة بين العواصم الاوروبية ولذلك فهي مهوى للكثير من الشباب الذين يزورون المدنية ليس فقط من داخل المانيا بل من خارجها للتمتع بجمال المدنية المدهش وخضرتها الدائمة ومعالمها السياحية البارزة حيث يحكي كل معلم تاريخا حافلا وحكاية تروى للاجيال.
مدينة الإمكانات غير المحدودة:
ورغم أن المدينة مازالت فتية فإنها تتمتع بقدرات وإمكانات غير محدودة. والمدينة التي كانت يوماً ما رمزا للانفصال المعزز بحائط اسمنتي يرتفع أكثر من مترين ونصف المتر باتت اليوم وجهة سياحية عالمية. والسائح ايضا لا يأتي لبرلين فقط لمشاهدة المعالم التاريخية والثقافية لكنه ايضا شغوف بما تحتويه من جمال آخر متنوع يتمثل في طبيعة واسلوب العيش لسكان المدنية والاطلاع على احدث اتجاهات الموضة فهي مدينة الازياء ولا غرابة أن سجلت المدينة خلال العام الماضي 22 مليون ليلة فندقية وباتت واحدة أكبر ثلاث وجهات سياحية في اوروبا بعد لندن وباريس.
والتاريخ ليس فقط سر جاذبية برلين السياحية بالتنوع ايضا يلعب دورا هاما في تحويلها لمدينة تتنفس سياحة كل يوم وتتحول الى مزار لكثير من شباب اوروبا والعالم كل ينشد اهتمامه في التاريخ والثقافة والموسيقى والترفيه والفن والتسوق وحتى الطعام حيث مطابخ العالم تتركز في هذه المدنية من مختلف انحاء العالم.
وكان صانع القرار في ألمانيا مصيبا تماما في العودة الى برلين كعاصمة سياسية للبلاد التي عانت من التقسيم ومرارة الحرب ومنذ توحيدها في بداية التسعينيات والمدينة لم تتوقف عن النمو والتطور والعمران بمختلف اشكاله المادي والمعنوي، حيث توحدت مشاعر الشعب الالماني وزالت تلك الخلافات التي اوجدتها تناقضات السياسة والمناطق الـ23 في المدنية تقلصت الى 12 فقط وهي اليوم مدينة تضم سكانا من 180 دولة في العالم.
مهرجانات وأحداث:
ولإضفاء مزيد من الجاذبية على سحر برلين فإن البرلمان الالماني الذي تستضيفه المدينة منذ تسعينيات القرن الماضي يعد الاكثر استقطابا للسياح في العالم بفضل قبته الزجاجية الشهيرة التي تعد تحفة معمارية رغم انها في قلب السياسة.
ويزور الآلاف من السياح من الداخل والخارج يوميا مبنى البرلمان الالماني القريب جدا من بوابة براندنبيرغ. وتمتاز برلين بأنها تمازج بين المعمار التاريخي والحديث والتاريخ هنا يتمثل في بوابة براندنبريغ ونقاط التفيتش وحائط برلين فيما تعد ميادين "بتوسدام بلاتز وبرج التلفزيون والحدائق الغناء مثالا للحداثة حتى وان حمل بعضها تاريخا حافلا بالاحداث.
استضافت العاصمة برلين اكثر من 1500 معرض وحدث في اليوم خصوصا خلال اغسطس حيث تحتفل المدينة بمرور 775 عاما على تأسيسها. وللصيف في برلين مذاق آخر حيث الطبيعة والطقس الرائع الذي يترقبه الجميع والبحيرات العديدة التي تنتشر في مختلف ضواحي المدينة وحتى الشواطئ الرملية.
وللسائح ايضا حرية تجربة الرحلات النهرية على متن إحدى السفن التي تجوب نهر سبري او حضور واحد من مهرجانات الفن والموسيقى التي لا تتوقف في برلين والتي يقام العديد منها في الهواء الطلق فضلا عن حفلات الاوبرا وزيارة المتاحف الفريدة او حضور إحدى المسرحيات.وهناك اسبوع كامل للموسيقى في برلين ومهرجان للاضواء وآخر للسينما وواحد للفن والكثير الكثير من الاحداث التي لا تتوقف طوال العام حتى في ايام الثلج حيث سوق الكريسماس الذي يعد الاشهر في اوروبا والمانيا.
50 % نمو سياح الخليج في برلين
اكد بيركارد كيكر رئيس مكتب السياحة في برلين ان العاصمة سجلت خلال العام الماضي 22.4 مليون ليلة فندقية بنمو وصل الى 7.5% في حين بلغ عدد السياح 9.9 ملايين سائح بنمو 9% ما يجعلها ثالث اكبر مدينة في اوروبا من السياح بعد لندن وباريس.وقال كيكر إنه يتوقع ان تسجل برلين خلال العام الجاري اكثر من 24 مليون ليلة فندقية في الوقت الذي تتوقع فيه ان تصل الى 30 مليون ليلة خلال العام 2020 .
وحول السياحة من الامارات ودول مجلس التعاون الخليجي اكد كيكر أن السياحة الخليجية سجلت نموا كبيرا بلغ 50.8% خلال الفترة من يناير وحتى يونيو وبلغ اعداد السياح 13225 سائحا وعدد الليالي الفندقية التي قضاها الخليجيون هناك 38326 ليلة وبنمو 53.5% .وقال: إن أسواق الإمارات خاصة والخليج عامة تعد من الاسواق الحيوية للسياحة في برلين خصوصا مع وصول نموها الى معدلات كبيرة، مشيرا الى أن برلين ومن خلال مكتب السياحة فيها تشارك بفاعلية في مختلف الاحداث السياحية وخاصة سوق السفر العربي الذي تستضيفه دبي كل عام.
كما تنظم برلين وهيئة السياحة الالمانية ومنذ اكثر من 10 أعوام الكثير من الفاعاليات والاحداث لاستقطاب السياح في منطقة دول التعاون في الوقت الذي يتم فيه دعوة الكثير من الوفود الاعلامية من المنطقة للاطلاع على معالم المدنية والترويج السياحي فيها.
واشار الى أن مكتب السياحة في برلين سيقوم خلال الشهور المقبلة بتنظيم العديد من ورش العمل للترويج السياحي في كل من الكويت والدوحة اضافة الى أبوظبي وبالتعاون مع هيئة السياحة الالمانية للترويج للسياحة العلاجية التي تمتاز بها برلين والتي باتت تستقطب اهتمام السائح الخليجي.
وقال: إن وجود المزيد من شركات الطيران العالمية والرحلات الجوية المباشرة من والى برلين سيعمل بالفعل على زيادة اعداد السياح الى برلين مسيرا الى ان المكتب يعمل بشكل وثيق مع شركات الطيران لهذه الغاية ومنها اير برلين التي تروج للعاصمة في الخارج.