الملكية التائهة !
بقلم : محمود كامل … عندما صدر قرار « تأميم الصحافة « في الستينات بمصر جاء بحجة « إعادة ملكية الشعب» لأدواته الإعلامية ، ولأن أصحاب القرار لم يكونوا يعلمون أصلاً معنى لكلمة « الشعب» الذي تصوروه «مجرد ديكور» لحكمهم للوطن المصري ، فإنهم هربا من تلك «الحوسة» قد قرروا أن يكون «مجلس الشورى» هو البديل لكلمة شعب» ومن ثم أوكلوا إليه مهمة تولي مسؤولية ذلك الإعلام ، وهو ما يعني عمليا أن يتولى هذا الأمر أحد فروع السلطة التي لم تترك – من أيامها وحتى الآن- شيئاً ليملكه الشعب منذ اعتبرت السلطة أنها «وارث لمن لا وارث له» .
ويعاني الوسط الصحفي الآن من «موضة» النظام الجديد بإعادة الصحافة المصرية – مرة أخرى حتى بعد الثورة – إلى «حظيرة» مجلس الشورى الذي لا يؤدي أي وظيفة للمجتمع المصري بما يحتم «إلغاءه» توفيراً لملايين الجنيهات التي تنفق كمرتبات لأناس « لا لزوم لهم أصلاً ، مثلما كان الأمر في الملايين الأخرى التي لهفها الإخوان من «أعضاء مجلس الشعب» المنحل كسلف بعشرات الألوف لا يريدون إعادتها أو حتى سداد أقساطها ، وهو ما يؤكد أن السبق إلى فلوس الدولة هو «طبيعة إخوانية» ، مهما كانت حرمة هذه الأموال التي يحصلون عليها دون مقابل يساوي حجم تلك الأموال «المشفوطة» ! وليؤكد « مجلس شورى الإخوان» سيطرته الجديدة على بلاط صاحبة الجلالة ، فإنه أضاف إلى «المجلس الأعلى للصحافة»
الذي عاد إلينا من جديد مسؤولية لجنة اختيار رؤساء تحرير الصحف التي أثارت الأسماء الإخوانية – دون إعلان مسبق عن هوية رؤساء الصحف هؤلاء – ثورة عارمة في الوسط الصحفي الذي لا ينتمي أصلا سوى لعشق المهنة – بالغة الخطورة – التي يمارسونها مع استعداد كامل لتحمل مخاطر تلك الممارسة ، خصوصاً العقاب على أي هجوم صحفي على خطط الإخوان» لأخونة «الدولة وهو ما لم ينجح بفضل وقوف البقية الباقية من الكتاب الذين يعرفون أن «شرف الكلمة» المتجهة أصلا لخدمة الوطن المصري يساوي ألف مرة كل المغريات المطروحة على الساحة الصحفية ، وتمثل هذه القلة أولئك الذين يقفون حراسا لساحة صاحبة الجلالة ضد كل الهجوم – المنتظم والمنظم من عناصر إخوانية تتصور إمكانية الإخضاع بالغزو لصناعة الرأي العام المصري ، وهي المهمة الجليلة التي مازال يقوم بها بقية الفرسان الذين نجوا من مذابح كثيرة دبرتها أنظمة الحكم السابقة التي تولت مهمة قتل كل قيمة في مصر !!