بقلم : محمود كامل
لا أدري كيف يمكن أن تتحول امتحانات الثانوية العامة في مصر إلى أزمة قومية تصل إلى حد الكارثة لكل بيت له تلميذ أو تلميذة في ختام تلك المرحلة التعليمية الرهيبة التي هي في نهاية الأمر شهادة لا قيمة لها ولا يمكن أن يكون لها أي علاقة بأمن الوطن، ذلك أنها في نهاية المطاف قضية شطارة تلامذة أو خيبة تلامذة، تفرز لنا في نهاية الأمر مئات من بين الألوف يكونون بما حصلوا عليه من علم قادرين على اقتحام المستقبل المصري بمن بينهم من علماء مستقبل ومبدعي علم نستفيد بهم في بعثات إلى الخارج يعود البعض منهم محملاً بالجديد رداً لجميل الوطن، بينما يفضل البعض منهم البقاء حيث تعلم ليفيد مجتمعات غريبة لم تساهم بقرش واحد في وضع حجر أساس هؤلاء المبتعثين.
ولعل من أكبر الأخطاء المصرية هو اعتبار أن الثانوية العامة هي المعبر الوحيد إلى التعليم الجامعي الذي تنفق عليه الدولة الفقيرة دم قلبها دون فحص لكل من يمر فوق هذا المعبر من حيث صلاحيته الذهنية لذلك المستوى التعليمي اكتفاء بمجاميع درجات لا يمكن أن تكون معياراً وحيداً لذلك العبور وفي تجاهل تام لعبقريات الإبداع لدى آخرين لم يؤهلهم مجموعهم لأي أسباب لعبور الكوبري إلى تلك الجامعات وهو ما يعني إهدار عقول وإن جانبها حظ المجاميع.
ولعل «زيطة» الدخول إلى الجامعات من طلبة رغم مجاميعهم التي قد تكون ناتجة عن الغش هي السبب في تخرج عشرات الألوف من الجامعات كل عام، لا يمثلون أكثر من إطالة طوابير العاطلين، لينتهي الأمر بخريجي الجامعات هؤلاء بالعمل «فواعلية» عند مقاول أنفار أو سباكين أو «كناسين» بالشوارع، ذلك إذا عثروا أصلا على أي وظائف. وفي تجربة مفزعة خلال زفاف حضرته لابنة صديق ثري في فندق فاخر اكتشفت بالسؤال أن كل الذين «يخدّمون» على موائد عشاء المدعوين من خريجي كلية الطب وطب «الأسنان»!