الدوحة "المسلة" …. في مواجهة أزمات الغذاء والزراعة والتغيرات المناخية يجتمع قادة العالم من القارات الخمس في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية يوم الاربعاء وحتى 22 من الشهر الجاري حين تنعقد دورة جديدة من "مؤتمر الامم المتحدة المعني بالاستدامة "ريو+ 20".
وستكون مشاركة قطر في هذا المحفل الدولي متميزة فهي الدولة التي حازت ثقة المجتمع الدولي لاستضافة المؤتمر الثامن عشر للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بالتغير المناخي "cop 18" والجلسة الثامنة لمؤتمر الأطراف الموقعة على بروتوكول كيوتو للتغير المناخي خلال الفترة من 26 نوفمبر وحتى 7 ديسمبر من العام الجاري بعدد وصل إلى نحو 17 ألف مشارك ينتمون إلى 195 دولة وينتظمون في حوالي خمسة آلاف جمعية تهتم بالبيئة على ذلك فإن المشاركة القطرية ستؤطر لشكل القضايا المناخية وقضايا الغذاء والطاقة من البرازيل وعلى مدار خمسة أشهر حين يحط ملف التغيير المناخي في الدوحة .
كما تشارك قطر في "ريو+20" وقد حققت تنمية بيئية حيث تعتبر إحدى الركائز الرئيسة الأربع لرؤية قطر الوطنية عام 2030م علاوة على ذلك تعتبر التنمية المستدامة إحدى الركائز الأساسية لاستراتيجية التنمية الوطنية في ظل التزام بإمداد العالم بالطاقة النظيفة وكذلك التزامها تجاه بيئة نظيفة تفوق الحدود.
وقال أشيم شتاينر المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة والذي يقود مؤتمر "ريو+20" إنه سيكون هناك ألف موضوع على طاولة المؤتمر ويرى أنه من الصعب التحدث عن نجاح اجتماعات القمة خاصة أن على المشاركين إيجاد حلول لازمات الغذاء والزراعة والتغيرات المناخية وكل تلك الأزمات تشكل تحديا لدول العالم. وتعمل الامم المتحدة جاهدة من أجل وضع حلول اقتصادية في هذا المجال وكان الحديث حول الاقتصاد الأخضر قد بدأ منذ 2005 ويتم البحث دوما من خلال برامج الأمم المتحدة والمنظمات البيئية عن "البرامج الخضراء" التي ترمي لمواجهة التحديات وأبرزت إحصائيات الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن ملياري نسمة في العالم يعتمدون على الزراعة في ظل التغيرات المناخية التي تعد التحدي الكبير حيث شح الأمطار في بعض الدول بينما دول أخرى تعاني تلف المحاصيل ودمارا نتيجة الأعاصير والفيضانات.
وتعيش المنطقة العربية سلسلة من الازمات الغذائية من غير المستبعد أن تجد لها مكانا للطرح على مائدة ريو+20 المعني بالتنمية المستدامة ووفقا لاخر تقارير منظمة الأغذية والزراعة الدولية "فاو" فإن الفجوة الغذائية العربية اتسعت ووصلت إلى 37 مليار دولار العام الماضي 2011 فيما لم تحقق الزراعة العربية الزيادة المستهدفة في الإنتاج اللازم لمواجهة الطلب على الأغذية وارتفعت نسبة الاستيراد إلى 90 في المئة من حاجاتها على رغم توافر الموارد الطبيعية الضخمة التي تملكها هذه الدول والمتمثلة في الأرض والمياه والموارد البشرية والقدرات المادية. وكان البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي الذي أطلقته القمة العربية الاقتصادية التنموية والاجتماعية التي عقدت في الكويت عام 2009 قد كشفت أن المنطقة العربية تحتاج إلى استثمارات بنحو 27 مليار دولار لتنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج في السنوات الخمس المقبلة وإلى تمويل يفوق 64 مليار دولار في السنوات العشرين المقبلة حيث يمتد البرنامج الطارئ 20 عاما موزعة على مراحل ثلاث وتقع مسؤولية تنفيذه على الدول العربية بمؤسساتها العامة والخاصة وي توقع أن يوفر البرنامج فرص عمل كثيرة عبر مراحله المتتالية تصل إلى نحو 9ر8 مليون عام 2031.
كما تتعرض المنطقة العربية لموجات من التغييرات المناخية تلقي بظلال كثيفة على أمنها الغذائي والمائي حيث يمثل التصحر التهديد الأكثر خطورة على الأراضي العربية المنتجة فبسبب ارتفاع نسبة انبعاثات أكسيد الكربون في العقود الثلاثة الماضية إلى 10 أضعاف المعدل العالمي تتكبد الاقتصاديات العربية أكثر من 5 مليارات دولار سنويا إلى جانب استمرار تدهور نوعية الهواء جراء المخلفات الصلبة غير المعالجة والتي تقدر بـ 200 ألف طن يوميا وهي ذات العوامل التي شكلت أكبر الهواجس أمام الدول العربية.
وأشار تقرير أعده المنتدى العربي الأول للبيئة والتنمية بالقاهرة إلى أن التحديات البيئية التي تواجه المنطقة العربية تشمل انعكاسات التغيرات المناخية حيث أفاد أن المنطقة ستعرف ضغطا حادا على المياه بحلول عام 2025 وارتفاع منسوب البحر بمقدار متر واحد الأمر الذي سيتسبب بخسائر تتراوح بين 12 و15 بالمائة من الأراضي الزراعية في منطقة دلتا النيل في مصر وكذا الارتفاع في درجات الحرارة مما سيزيد من موجات الجفاف وتأثيرها على المنطقة بما يهدد الموارد المائية والأراضي المنتجة.
يذكر أن "ريو+20" هو الاسم المختصر لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتنمية المستدامة الذي سي عقد في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في يونيو 2012 أي بعد عشرين عاما من مؤتمر قمة الأرض التاريخي الذي عقد في ريو عام 1992. وريو+20 هو أيضا فرصة للتطلع إلى العالم الذي نريده في غضون 20 عاما وفي مؤتمر ريو+20 سيجتمع معا قادة العالم إلى جانب آلاف من المشاركين من القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية ومجموعات أخرى لتشكيل الكيفية التي يمكن بها أن نحد من الفقر ونعزز العدل الاجتماعي ونكفل حماية البيئة في كوكب يتزايد اكتظاظه باستمرار وهو فرصة تاريخية لتحديد المسارات التي تفضي إلى مستقبل مستدام يوجد فيه مزيد من فرص العمل ومزيد من الطاقة النظيفة وأمن أكبر ومستوى معيشة لائق للجميع.
ويدلل تقرير "الاقتصاد الأخضر" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة على أن الاقتصادات الخضراء هي قاطرة جديدة للنمو وأنها تول د فرص عمل كريمة وأنها حيوية للقضاء على الفقر المستمر، كاشفا أن استثمار نسبة لا تتجاوز 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عشرة قطاعات أساسية من بينها الزراعة والمباني والطاقة ومصائد الأسماك والغابات والصناعة التحويلية والسياحة والنقل والمياه وإدارة النفايات يمكن أن يبدأ على الفور تحولا نحو اقتصاد قليل الانبعاثات الكربونية ويتسم بكفاءة استخدام الموارد.
وفي إطار التحو ل إلى اقتصاد أخضر ستتوفر فرص عمل جديدة ستتجاوز بمرور الوقت الخسائر في فرص عمل الاقتصاديات المعتادة لاسيما في قطاعات الزراعة والمباني والطاقة والغابات والنقل ويحدث التحول نحو اقتصاد أخضر على نطاق وبسرعة لم ي شهد لهما مثيل من قبل حيث يتزايد دفع الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة بواسطة الاقتصادات الصاعدة "البلدان غير المنتمية إلى منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي" التي ارتفعت حصتها في الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة من 29 في المائة في عام 2007 إلى 40 في المائة في عام 2008 مع كون البرازيل والصين والهند هي مصدر معظم ذلك الاستثمار.
المصدر: قنا