بقلم : محمود كامل
«م حدّش ضامن عمره»، واحدة من حقيقتين في الكون، فالأولى هي «لحظة الميلاد»، والثانية تلك هي «لحظة الختام» وما بينهما يكون الحساب الذي تعترف به الجوارح في لحظة إنكار صاحبها، فإذا ما اعترف فقد يحصل على «عفو من الرحمن» الذي قد يعفو عن كل شيء إلا أن يشرك به، و»تخرج» عن دائرة العفو «حقوق الناس» ما لم يتصالح أصحابها ويعفُ أحدهما عن الآخر متنازلاً -بسماحة الإسلام- عن حق له، ليكتسب الأول من الله «جزاء العفو» الذي يلقاه كل «المتسامحين» فيما ليس من حقوق الله، صناعة لمناخ من التسامح يريده الله بين كل المؤمنين به من العباد!
ولأن أحداً منا لا يعرف «متى تحين ساعته» فلماذا لا يسدّد كل مدين فينا الآن وفوراً دينه لصاحبه، فإذا كان المدين معسراً فليسأل أخاه الصفح والتنازل عما له ابتغاء وجه الله محولاً دينه لدى أخيه إلى «صدقة»، أو كفارة ذنوب ابتغاء لقول رسول الله: من فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، الذي هو يوم لو تعلمون عظيم!
ولقد ترك الله بعظمة مقامه وقدرته اللا متناهية عن العفو، حقوق الناس.. للناس، تاركاً العفو فيها لصاحب الحق وحده ليعذر كل منا صاحبه عندما يضيق العيش بذلك الصاحب -جاراً كان أو شريك دين، أو صاحباً في المدرسة، أو صديق عمل- ذلك أن ضيق العيش مثل المرض دوّار على كل العباد، فإذا ما عذرت اليوم صاحبك، فقد يرزقك الله بمن يعذرك عند ضيق الحال، فالدنيا كما يقولون في الأمثال القديمة «سلف.. ودين»، وكلها أمثال تتحدث -وغيرها بالمئات- عن أن فعل الخير لا يضيع عند الله، وإن ضاع أحياناً لدى بعض الخلق الذين يلهيهم طمع الدنيا والشهوات المؤقتة عما تحدث به القرآن عن يوم «تشخص فيه الأبصار»، لا يفوز فيه «إلا من أتى الله بقلب سليم»!