بقلم : محمود كامل
منذ مدة أضرب ألف عامل ومهندس بمصنع «موبكو» للأسمدة النيتروجينية، مكونين ما أسموه ائتلاف «مواطنون ضد مصانع الموت»، متصورين أن تلك الصناعة غير موائمة لقوانين البيئة ومن ثم ينبغي إغلاقها، حيث استجاب أصحاب المصنع لحصار العمال له، وأوقفوا العمل به لمدة شهور بعد أن أذاعوا تقارير لعلماء في تلك الصناعة أكدوا فيها أن المصنع ملتزم كاملاً بشروط البيئة، ولا تأثير له مطلقاً على صحة العمال، ولا صحة سكان المدينة المقام بها، إلا أن الإضراب استمر، ليكتشف العمال أنهم «قد قطعوا عيشهم بإيدهم»، حيث أصبحوا عاطلين لا يجدون قوت عيالهم، حيث امتنع أصحاب المصنع عن صرف المرتبات لهم، مع وقف إنتاح مطلوب محلياً.. وعالمياً ضمن عقود سنوية سوف تسبب للمصنع خسائر مادية قد تودي به.
وعندما طال الأمر بإيقاف المصنع ووقف التوسعات الهائلة له، التي كانت قد بدأت قبل الحصار، بما يوحي بفتح فرص عمل جديدة لألوف العاطلين بالمدينة بمرتبات جيدة، اكتشف العمال ما ارتكبوه في حق أنفسهم عندما رفضت إدارة المصنع طلبهم بالعودة إلى التشغيل خوفاً من إضرابات أخرى، مما اضطر هؤلاء الـ»ألف» موظف ومهندس وعامل إلى رفع دعوى لإجبار إدارة المصنع على العودة إلى التشغيل وعودتهم إلى العمل من جديد، مع استئناف العمل في التوسعات التي كانت قد بدأت، وقد استجابت محكمة القضاء الإداري بالحكم المطلوب، لنفاجأ بأن العمال قد عادوا لحصار المصنع ولكن باتهامات جديدة: يا تشغّلونا.. يا تأكّلونا»، مانحين إدارة المصنع مهلة 48 ساعة فقط لتنفيذ حكم المحكمة وفتح أبواب المصنع وعودة كل العاملين لأعمالهم، وحتى تَحبُك إدارة المصنع خطة العقاب على الذين بهدلوها، فإنها أرجأت التشغيل وفتح الأبواب إلى الساعة «47» من المهلة الممنوحة، حيث دخل العمال الذين انتظموا جميعاً في ورديات تشغيلهم، بنشاط غير مسبوق، مع استئناف التوسعات التي كانت قد توقفت، ليبقى سؤال «حازقني»: كان عليكوا من دا كله.. بـ «إيه»!