بقلم : محمود كامل
صحيح أن الحياة «فرص»، ولكن ليست كل الفرص حلالاً، رغم أن «الحلال بيّن.. والحرام بيّن.. وبينهما أمور متشابهات»، والكثير من ناس اليومين دول يستغلون الفرص المتاحة في منطقة «المتشابهات» هرباً من الحرام وتخوفاً من صعوبة الحلال، في تصور مريض بأن تلك المتشابهات قد تحمل لهم خليطاً من الحرام والحلال ضمن تدليس قد ينطلي على بعضهم، لكنه أبداً لا ينطلي على الله الذي يعلم «خائنة الأعين.. وما تخفي الصدور».
ومن مآسي فرص هذه الأيام أن أناساً كُثر أصبح «معندهمش دم» مفضلين دائماً انتهاز الفرص على حال الضحية، حتى لو كانت الضحية هي «الوطن» ذاته، وفي الوطن المصري نعاني كثيراً من انتهازية الفرص التي صبغت تصرفات كثيرة، فردية وحزبية، بل وقيادية لم نعد نعرف لتصرفاتهم لوناً نبني عليه ملامح المستقبل، وذلك أن كل ما يقدمونه لنا لا يزيد على «قش» وبيوت للعنكبوت لا تصمد لريح ولا لأزمة طارئة أو مزمنة، فيما يثير لدينا الكثير من الشك في النوايا، ليتحول الأمر كله إلى أن نشك جميعاً في تصرفات الجميع بما يدفع الكل إلى أن يشك في الكل، في مناخ «رمادي الضوء» لا ترى فيه ملامح وجهك أو حتى خطوط كفّك، في انتظار شروق طال انتظاره لشهور تزيد على عام، فيما يُطرح علينا سؤال بلا إجابة: أين ذهبت شمس كل صباح؟ وهل نراها ثانية، أم نحن في مرحلة غروب كامل بغير إشراق؟ إلا أن «الطيبين» في هذا الوطن مؤمنون بحتمية الشروق حتى لو طال الانتظار، إلا أن الانتهازيين يرون أن ظلمة الغروب هي فرصة العمر لنهب كل شيء، متصورين أن «الليل ستّار» بينما الستّار الحقيقي هو الله، وليس غروب الشمس التي لابد وأن تسطع كاشفة كل العورات، بحيث لا يتبقى على وجه الأرض سوى الحلال.. وعشّاق الحلال!