بقلم : محمود كامل
لسنا فاسدين، ولا صناع فساد، وإن كنا بالصمت مشاركين وشهودا، ذلك أن «الساكت عن الحق شيطان أخرس»، ذلك أن صناعة الفساد الكبير تخصص لبعض الكبار فقط، وهم الذين يضيع في أقدامهم كل الصغار الذين يحاولون الاقتراب طمعا في «الفتافيت» التي يمنعها الكبار عن الصغار خوفا من «التعود» طريقا للمنافسة على «مواقع القمة» في صناعة الفساد وهي القمة التي لا تحتمل أعدادا كبيرة من «الدهماء» الذين ليس من حقهم رؤية عناصر تلك الصناعة الخطيرة التي لا يصح أن يدخل إليها «كل من هب.. ودب» مع أن العمالقة فيها جاءوا أصلا من صفوف هؤلاء «الدهماء» مثلما يأتي مشاهير كرة القدم من حواري بلادهم بفضل «الكرة الشراب»!
ومن بين صناع الفساد «مبدعون»، حتى ليبدو «إبليس» بالنسبة لهم رضيعا لم يبلغ سن الحضانة بعد، ودائما ما يتحاشى المفسدون ريادة أي مكان يتحدث فيه أحد عن «قال الله، وقال الرسول»، حيث إن تلك منظومة صادمة تعري الكثير من الأغطية التي تغطي القمامة بطبقات خادعة من الزهور وإن كان مرور النسائم عليها لا يمنع «ريح الجيفة» أن تقتحم الأنوف.
ومن إبداعات الفاسدين تغطية أموالهم الحرام التي بالملايين وأحيانا بالمليارات -بمشروعات خيرية لا تتكلف الكثير أو بيوت أيتام- مع مستوصف يتولى تمثيلية العلاج المجاني للفقراء بلا شفاء، ناسين أنهم قد يستطيعون خداع بعض الناس لبعض الوقت، أو كل الناس لبعض الوقت، إلا أنهم لا يستطيعون أبدا أن «يخدعوا الله»، حيث إنهم بكل تلك المحاولات إنما يخدعون أنفسهم، ذلك أن من ينسى الله ينسيه نفسه، وخلال ذلك النسيان الكبير تتوه خطى هؤلاء طوال الطريق حتى لحظة الحسم إلى يوم «تشخص فيه الأبصار» حيث «لا ظلم اليوم»، ومن هوله تتوه الوالدة عن ولدها، وتتحدث الأطراف والجوارح عما اقترفت ذلك أنه يوم الحق ..، وهو ما يعمل المؤمنون له ألف حساب بينما ينساه الفاسدون، وصناع الفساد!