Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

لماذا يفّضل السعوديون السياحة الخارجية..؟بقلم :تركي بن منصور

 

بقلم :تركي بن منصور التركي

 

 

 

 

لا تحل علينا إجازة دراسية إلا وتسمع بقوافل المغادرين إلى خارج البلاد للبحث عن أجواء جديدة، وتغيير للروتين وتجديد للنشاط قبل العودة للدراسة والعمل مرة أخرى، وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي أرتال السيارات المتراصة لكيلو مترات طويلة في المنافذ الحدودية للدول الخليجية المجاورة، فضلا عن امتلاء المطارات الدولية والإقليمية بعشرات الآلاف المتوجهين للسياحة في دول أوربية أو آسيوية أو عربية. وحسب الأرقام التي لا تخطئ، فإن عدد تأشيرات (شنقن) الخاصة بزيارة دول الاتحاد الأوروبي التي أصدرت لسعوديين في 2015 بلغت أكثر من ربع مليون تأشيرة 75% منها كان بغرض السياحة، أما تركيا فقد أصدرت أكثر من 500 ألف تأشيرة لسياح سعوديين في 2015، ويتصدر السعوديون أعداد السياح إلى دبي بمليون ونصف سائح في العام الواحد، بينما بلغ عدد السعوديين الزائرين إلى قطر في عام 2015 أكثر من 900 ألف مسافر، وتشير تقديرات اقتصادية إلى ان أعداد السعوديين الذين يسافرون خارج المملكة سنويا يزيد على 13 مليون مسافر.

 

وبالمقابل، لو تأملنا الأرقام عن السياحة الداخلية، ومن خلال الجهة الرسمية المخولة وهي الهيئة العليا للسياحة، فقد بلغ عدد الرحلات السياحية الداخلية في المملكة أكثر من 58 مليون رحلة لعام 2015، 19% منها فقط كانت بغرض السياحة والترفيه، و32.5% بغرض زيارة الأهل و26.5% بغرض العمرة، مما يجعل عدد المسافرين داخليا بغرض السياحة 11 مليون مسافر تقريبا، وهي نسبة أقل من نسبة السفر الخارجية، مع الأخذ بالاعتبار أن السفر الداخلي أقل تكلفة وقد لايحتاج لتذاكر سفر ولا تأشيرات دخول، ورغم ذلك كان عدد المسافرين داخليا أقل من أعداد المسافرين خارجيا.

 

هذه الأرقام، والطوابير الطويلة التي نراها عند المنافذ وفي المطارات عند كل إجازة، لماذا هجرت السياحة الداخلية واتجهت للخارج بكل مافيه من مصاعب ومشاق لا تخفى على من جربها..!؟ ولعل الأسباب من وجهة نظري تنحصر في الأسباب التالية:

 

أولا: انعدام الرحلات الداخلية وارتفاع أسعار التذاكر، فمع استحالة الحجز للوجهات الداخلية قبل وقت قريب لقلة الرحلات لتلك الجهات، زاد الناقل الجوي الوحيد والحصري تقريبا من اسعار الرحلات بنسبة تصل إلى 100% لو كان الحجز قبل الرحلة بأسبوع هذا في حال توفر مقاعد، فالرحلات الداخلية بحاجة إلى تحريرها وزيادة الشركات الناقلة وتقديم التشجيع والدعم لها، فالهدف الذي يجب أن تعمل عليه هيئة الطيران المدني بالتعاون مع الهيئة العليا للسياحة يجب أن يكون (وطنيا) بتشجيع السياحة المحلية، ولن يتأتى ذلك مع انعدام الرحلات الداخلية وارتفاع أسعارها، وتجارب الطيران الاقتصادي في الدول الأوروبية والآسيوية التي جعلت أسعار التذاكر بعشرات الريالات رغم كلفة المحروقات الغالية يجب أن تستنسخ هنا لتعزيز السياحة الوطنية وتنميتها، بل إن المثير أن أسعار التذاكر لبعض الوجهات الدولية تقارب أسعار الوجهات المحلية، مع الأخذ بالاعتبار إمكانية الاقلاع من المطارات الاقليمية.

 

ثانيا: السكن، فرغم وفرة الشقق المفروشة في كثير من مدننا السياحية، إلا أن الارتفاع الهائل في أسعار ايجاراتها تمثل عائقا لراغبي السياحة الداخلية، فمن يتخيل أن غرفة لا تتجاوز مساحتها 12 مترا مربعا مع صالة أصغر منها ودورة مياه لا يقل سعرها عن 1000 ريال في اليوم الواحد، بينما يجد السائح ضعف حجمها بدول مجاورة بنصف السعر، وفلل في دول أخرى، ناهيك عن سوء الاهتمام بالنظافة والخدمة للعميل، مما يجعل تجربة السكن فيها غير مشجعة، إضافة لاستحالة حجزها من خلال مواقع الحجوزات العالمية أو المحلية في الانترنت، وهو مايعتبر ضمانا للسائح قبل توجهه لوجهته.

 

ثالثا: المزارات والمعالم السياحية، كالآثار والقصور القديمة والمعالم النادرة، والحدائق الترفيهية، فكثير من تلك المعالم غير معروف، ولو كان معروفا فإن زيارته تبقى خاصة وبحاجة إلى موافقة مسبقة من الجهات الاشرافية، كمدائن صالح مثلا، فالهيئة مطالبة بالتعريف بالأماكن السياحية التي من الممكن زيارتها في مدننا، خذ مثلا المدينة المنورة والكم الكبير والهائل من المزارات السياحية ذات الارتباط التاريخي، كم منا يعرف عنها ويعرف أماكنها؟ وأين هي المؤسسات السياحية التي تنظم رحلات لتلك الأماكن، بدلا من أن تكون زيارتها اجتهادية من السائح نفسه، وقس على ذلك كل مدن المملكة.

 

رابعا: إقامة المعارض التعريفية بالمناطق السياحية المحلية، ولعله من الغريب أن تقام في مدننا معارض سياحية متنوعة، لكنها مخصصة لعروض السفر للخارج من تذاكر وبرامج وغيرها، بينما لا تجد السياحة المحلية أي اهتمام يذكر، إلا ما يتعلق بالسياحة الدينية للحرمين الشريفين..!

 

ولعل موسم الاجازات في المملكة أصبح الآن متكررا عن ذي قبل، فالعطلة الصيفية القادمة ستصل الى قرابة ثلاثة أشهر، إضافة إلى أنه هناك ثلاث إجازات أثناء العام الدراسي القادم، الأولى في منتصف الفصل الأول والثانية عطلة الربيع والثالثة في منتصف الفصل الثاني، وهذه الاجازات تحتاج لتخطيط مسبق من الهيئة العليا للسياحة، ولو لم يكن للعام القادم على الأقل فهو للسنوات التي تليها، بحيث يكون جزء كبير من السياح المواطنين يقضون إجازاتهم داخل بلادهم، فالمفترض أنه إذا كان عدد السياح للخارج يتجاوز 13 مليون شخص، فإن سياح الداخل يجب ألا يقلون عن 20 مليون شخص، وهذا الرقم يحتاج لتخطيط ودراسات مستفيضة من قبل الهيئة العليا للسياحة، بالتعاون مع أمانات المناطق التي تنفذ مهرجانات قصيرة ومحددة لتوسيعها، وإيجاد ما يعرف بالسياحة المستدامة على مدار العام.


نقلا عن الرياض

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله