وتمضى المذكرة موضحة الوضع بعد ثورة 23 يوليو 1952، فجاء بها.. حاولت إسرائيل عام 1954 الحصول من مجلس الأمن على قرار بأحقيتها في المرور بقناة السويس وخليج العقبة، إلا أن اعتراض الاتحاد السوفيتى على مشروع القرار أحبط المحاولة.
ونتيجة لاشتراك إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وانسحاب قواتنا من سيناء؛ احتلت إسرائيل منطقة شرم الشيخ وشبه جزيرة سيناء… وبعد مفاوضات طويلة أعلنت جولدا مائير وزيرة خارجية إسرائيل في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أول مارس 1957، أنها قد تلقت مذكرة من وزير خارجية الولايات المتحدة، بتاريخ 11/2/1957؛ يؤكد فيها أن الولايات المتحدة تعتبر خليج العقبة ومضيق تيران من المياه الدولية!
وتلك هى المذكرة التى اعتمدت عليها إسرائيل فى مطالبة الولايات المتحدة بمساندتها بعد قفل خليج العقبة.
وأعلنت جولدا مائير بناء على الضمان الأمريكي فى 1957، «عزم إسرائيل على الانسحاب من شرم الشيخ ومن قطاع غزة»، وقد أيدت فرنسا هذا الموقف. إلا أن الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية المصرية أعلن في نهاية النقاش الذى دار فى الجمعية العامة؛ أن التصريحات التى أدلى بها مندوب إسرائيل… لا يمكن أن يكون لها أى أثر على كامل حقوق مصر أو على مشروعية هذه الحقوق، وأنه يجب أن تطبق قرارات الجمعية العامة التى تطالب بانسحاب إسرائيل من غير قيد أو شرط.
وتمضى المذكرة فى الاستشهاد باتفاقية جنيف للبحر الإقليمى، فى 29/4/1958؛ لإثبات أحقية ومشروعية موقف مصر بالنسبة لخليج العقبة؛ على أنه مياه إقليمية.
وفى المرفقات لمذكرة وزارة الخارجية المصرية ورد الآتى: الأسس التى تضمنتها مفكرة وزارة خارجية مصر بتاريخ 28/2/1950:
نظرًا للاتجاهات الأخيرة من جانب إسرائيل التى تدل على تهديدها لجزيرتى تيران وصنافير فى البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة؛ فإن الحكومة المصرية – بالاتفاق التام مع الحكومة العربية السعودية- قد أمرت باحتلال هاتين الجزيرتين، وقد تم ذلك فعلا.
وقد اتخذت مصر هذا الإجراء لمجرد تعزيز حقها، وكذلك أى حق محتمل للمملكة السعودية فيما يتعلق بالجزيرتين، التى يتحدد مركزهما الجغرافى على بعد 3 أميال بحرية على الأقل من الشاطئ المصرى فى سيناء، 4 أميال تقريبا من الجانب المواجه للسعودية. وقد تم ذلك لقطع خط الرجعة على أى محاولة للاعتداء على حقوق مصر.
إن هذا الاحتلال ليس مغزاه الرغبة فى عرقلة المرور البرى فى الممر البحرى الذى يفصل هاتين الجزيرتين عن الساحل المصرى لسيناء، وإنه لمن البديهى أن الملاحة فى هذا الممر المائى وهو الوحيد الصالح للملاحة ستظل حرة كما كانت عليه الحال فى الماضى نظرًا لأن ذلك يتفق مع مبادئ القانون الدولى المعترف به والتقاليد الدولية.
هذا وقد صدر قرار جمهورى رقم 180 لسنة 1958 بتعديل مسافة المياه الإقليمية المصرية من 6 أميال طبقا للمرسوم الصادر فى 15 يناير 1951 الى 12 ميلا، ووقعه الرئيس جمال عبدالناصر فى 17 فبراير؛ وذلك تماشيا مع العرف الدولى فى ذلك الوقت.
مما سبق يتضح بالأدلة أن ملكية جزيرتى تيران وصنافير هى للمملكة العربية السعودية، ومصر هى التى قامت بالدفاع عنهما بعد قيام دولة إسرائيل فى 15 مايو 1948، وتهديدها للجزيرتين.
إذن ما الحل فى الأزمة الشعبية التى ثارت فى الفضائيات وعلى الإنترنت بين السعوديين والمصريين؟
أولا: إنه سوء تفاهم سياسى وإعلامى نجم عن الإهمال فى صيانة الوثائق وتبويبها فى كل وزاراتنا، خاصة وزارة الخارجية! لقد قرأت الوثائق البريطانية لوزارة خارجيتها من 1936 ـــ 1952، وكان دائما الوزير قبل أن يتخذ قرارًا يسأل.. ما هى السوابق؟ ليستنير بها، وبالطبع فإن الأرشيف المنظم هو الذى يفيد فى هذه النواحى.
ثانيا: لابد من وقفة لإعادة تنظيم الإعلام المصرى العاجز عن الإقناع، وعن الإمداد بأى أدلة علمية فى أى موضوع أو مشكلة؛ وهنا أطالب مرة ثانية بتعيين وزير للإعلام تكون له صلات واسعة حتى برجال الإعلام الخاص، ويحضر مجلس الوزراء ليكون على علم عن قرب بسياسة الدولة، ويصمم المسالك الإعلامية التى تبرزها وتناقشها.
إن ذلك ليس حجرًا على حرية الإعلام، ولكن حتى فى بريطانيا كان وزير الخارجية فى أحيان كثيرة يرسل تعليمات إلى دار الإذاعة البريطانية BBC؛ بما يتماشى مع خطوط سياسة الحكومة!
أيضا تعيين وزير للإعلام يسهل على الرئيس الاتصال به فى أى وقت، وإمداده بالتوجيهات الضرورية. لقد تعودت فى فترة حكم عبدالناصر أنه لم يكن بعيدا عن الإعلام، بل كان أحيانا يكتب بيانات حكومية بخطه أو يبلغ تعليماته إلى وزير الإعلام كتابة أو عن طريق التليفون.
كلمـة أخــيرة..
أعتقد أن الشعب المصرى فى حاجة إلى إيماءة معنوية من جانب الملك سلمان؛ لقاء الدماء التى بذلت من جانب المصريين فى سبيل المحافظة على هذه الأرض العربية، وإلا لكان الإسرائيليون احتلوها وصمموا على الاحتفاظ بها، كما يحدث الآن بالنسبة للجولان السورية.
1 الأسس التى تضمنتها مفكرة وزارة خارجية مصر
1) نظرًا للاتجاهات الأخيرة من جانب إسرائيل التي تدل علي تهديدها لجزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر عند مدخل خليج العقبة فإن الحكومة المصرية -بالاتفاق التام مع الحكومة العربية السعودية- قد أمرت باحتلال هاتين الجزيرتين وقد تم ذلك فعلا.
2) وقد اتخذت مصر هذا الإجراء لمجرد تعزيز حقها، وكذلك أي حق محتمل للمملكة السعودية فيما يتعلق بالجزيرتين التي يتحدد مركزهما الجغرافي علي بعد 3 أميال بحرية علي الأقل من الشاطيء المصري في سيناء و4 أميال تقريبًا من الجانب المواجه للسعودية. وقد تم ذلك لقطع خط الرجعة علي أي محاولة للاعتداء علي حقوق مصر.
3) إن هذا الاحتلال ليس مغزاه الرغبة في عرقلة مرور السفن البري في الممر البري الذي يفصل هاتين الجزيرتين عن الساحل المصري لسيناء وأنه لمن البديهي أن الملاحة في هذا الممرر المائي وهو الوحيد الصالح للملاحة ـ ستظل حرة كما كانت عليه الحال في الماضي نظرا لأن ذلك يتفق مع مبادئ القانون الدولي المعترف به والتقاليد الدولية.