يتردد كثيرا الحديث عن عجائب الدنيا السبع ، وهي عبارة عن وصف وتحديد لسبعة أعمال فنية معمارية قديمة اختارها فيلسوف يوناني قديم يدعى (فيلون) وقام بوضعها في كتاب باللغة اليونانية تمت ترجمته بعد ذلك إلى اللغة اللاتينية. وفيما يلي بعض المعلومات عن هذه العجائب مع صور لها، هذه الصور تم رسمها تخيليا بناء على ما بقى من وصف لها.
الهرم الأكبر
معبد آرتيمس
معبد آرتيمس (ديانا) شيده (كرويسوس) ملك ليدا ما بين عامي (560 ، 546 ق.م)، ويعتبر هذا المعبد أول بناء بني من الرخام و كان في وقت من الأوقات احد أكبر المعابد التي شيدت في الأزمان الماضية وأكثرها تعقيدا في آسيا كلها، يقوم هذا المعبد في مدينة افسوس الإغريقية على الساحل الغربي من تركيا الحالية، وقد بني المعبد بكامله من الرخام باستثناء السقف الخشبي المغطى بالقرميد، ووهب المعبد للمعبودة الإغريقية أرتيميس.
نال هذا الضريح شهرة واسعة بسبب حجمه وزخرفته، وقد قام بتصميمه المعماري كرسرفون, وابنه ميتاغينس، يرتفع الضريح الى40مترا، وله قاعدة مستطيلة أبعادها ( 115م طولا، 55م عرضا) تقف عليها صفوف الأعمدة مكونة من 36 عمودا. ارتفاع الواحد منها يصل إلى (12م)، تنتظم في صفين حول قدس الأقداس في الساحة الداخلية. وهناك هرم هرم مدرج يستند الى هذه الأعمدة, ويعتقد أن تمثالا لموسولس قد وضع على قمة الهرم وبه أعمدة وقد قام كروليوس ملك ليديا الثري بالتبرع بالأعمدة، وقد أحرق المعبد عام ( 356ق.م ) .
وبني معبد آخر شبيه على أساساته، ولكن القوط الشرقيون دمروه في عام (262 م) وكانت تلك واحدة من خمس مرات هُدم فيها وفي كل مرة يُعاد بنائه إلا إنه في الأخيرة تُرك خاويا على عروشه، لم يتبق من هذا الأعجوبة في يومنا الحاضر سوى عمود يقع في تركيا يبعد عن (أفسوس) مسافة 20 كيلو ويقع في الساحل الغربي لتركيا .ولم يتبق سوى الأساسات وجزء من المعبد الثاني، ويحوي المتحف البريطاني منحوت من المعبد الثاني.
وقام بتصميم الضريح المعماريان الاغريقيان (ساتيروس) و (بيثيوس)، وقام أربعة نحاتين إغريق مشهورون هم برياكسس, وليوخارس, وسكوباس, وتموثيوس بنحت الإفريز (شريط مزخرف على المبنى) لقد دمر زلزال الجزء العلوي من المبنى, ولم يتبق سوى أجزاء منه عليها زخارف، وتوجد بعض المنحوتات من هذا الضريح في المتحف البريطاني في لندن.
ضريح موسولوس في هاليكا رناسوس
اتخذ الملك اليوناني القديم (موسولوس) عام 337 قبل الميلاد من مدينة هاليكارناسوس عاصمة لمملكته ( كاريا ) التي تقع غرب الأناضول (الجانب التركي من بحر إيجه حاليا)، تمتع هذا الملك بشهرة واسعة في عصره حيث كان ميالا لحياة البذخ و الترف،مما دفعه لأن يشيد لنفسه و هو على قيد الحياة ضريحا فخما يتناسب مع مكانته، والذي سرعان ما اعتبر من عجائب الدنيا السبع القديمة لضخامته، ونقوشه الباهظة التكاليف، و زخارفها التي تتسم بالبذخ و العظمة.
أطلق على هذا البناء في ذلك الوقت (الموزوليوم)، وفي العصر الروماني أصبحت كلمة (موزوول) لفظا عاما يعني (مقبرة ضخمة)، حتى أن تلك الكلمة أيضا أصبحت ترجمتها بالعربية في العصر الحالي (ضريح)، حيث يطلق على أي مقبرة ذات تصميمات معمارية ضخمة.
يذهب بعض الباحثين إلى الاعتقاد بأن زوجة الملك (موسولوس) هي التي شيدت لزوجها الضريح بعد وفاته تكريما له، كان الضريح الذي لم يتبق منه شيء اليوم، عبارة عن بناء مستطيل الشكل، ارتفاعه الكلي يبلغ حوالي 45 مترا، يتكون من ثلاثة أجزاء، المستوى السفلي منه عبارة عن قاعة ضخمة من الرخام الأبيض، يليه المستوى الثاني الذي يوجد به (36 عمودا)، موزعة على جميع أجزاء البناء، تحمل تلك الأعمدة سقفا على شكل هرم مدرج، ، وفي قمة الضريح وُضع تمثال للملك و زوجته و هما راكبان عربة تجرها أربعة خيول، ولقد بقي سليما لمدة 19 قرنا أي (190 سنة)، قبل أن يهدمه الصليبيون ويسرقوا حجارته عام 1552 ميلادي، و لا يوجد في موقعه الآن سوى حديقة بها عدة آثار من الرخام.
وقد اشترك أشهر و أبرع المعماريين الإغريق في بناء هذا الضريح وأكثر ما يميز هذا الضريح الأعجوبة تلك النقوش البارزة، والزخارف المنحوتة والتماثيل المتفاوتة الأحجام على الأعمدة، و على جميع أركان الضريح، التي كانت تحكي قصصا مصورة لبعض المعارك الأسطورية، كما يوجد بقاعدته دهليز يؤدي إلى غرفة بها الكثير من الكنوز والتحف الذهبية، كذلك كانت رفاة وأعضاء (موسولوس) التي تم حرقها طبقا للطقوس اليونانية، ملفوفة في قماش مطرز بالذهب، موضوع داخل تابوت من الرخام الأبيض الفاخر، ويوجد الآن مسجد في نفس المنطقة التي كان يوجد بها الضريح
تمثال زيوس
يوجد تمثال (زيوس) في أولمبيا، وزيوس هو كبير آلهة الإغريق القدماء، أحد شخصيات الأساطير الإغريقية الشهيرة، التي حظيت بإجلال و تقدير الشعب الإغريقي، وذلك للقوة و البطولة التي تمتع بها بحسب ما جاء في إحدى الأساطير التي تروي أنه أصغر أبناء اثنين من الآلهة الجبابرة، و هما (كرونوس)، و (ريا)، بينما كان إخوته بوسيدون، هيرا، ديمتر، وهيسيتا في عداد الأموات لأن أباهم كرونوس ابتلعهم فور ولادتهم ما عدا (زيوس)، الذي استطاعت أمه إنقاذه عندما خبأته في جزيرة (كريت) التي نشأ وترعرع بها.
عندما كبر (زيوس) أجبر والده (كرونوس) على إرجاع إخوته الذين ابتلعهم، وعندما فعل الأب ذلك اتحد الإخوة جميعا بزعامة (زيوس) للانتقام من الأب الذي تحالف مع آلهة آخرين.
استطاع زيوس و إخوته تحقيق النصر والقضاء على الجبابرة، وأصبح ملكا على السماء، و صاحب الكلمة العليا بين جميع الآلهة.
تخليدا و تمجيدا لذلك الإله قرر مجلس الأوليمبيا بناء تمثال ضخم للإله (زيوس) عام (438 ق.م)، حيث عهد للنحات اليوناني الشهير (فيدياس) بنحت التمثال الذي بلغ ارتفاعه فوق القاعدة أكثر من (13 مترا)، بينما بلغ ارتفاع القاعدة حوالي ( 6 أمتار).
تم صنع الجسد من العاج، بينما صنعت العباءة التي يرتديها زيوس في التمثال من الذهب الخالص، أما القاعدة فكانت من الرخام الأسود، وتعد الأثر الوحيد المتبقي من أجزاء التمثال، ويظهر (زيوس) على عرشه لابسا قلادة, ومجوهرات من الذهب ويضع أكليلا حول رأسه ويحمل في يده اليمنى نايكي معبودة النصر عند إحدى بعثاته، وفي يده اليسرى يحمل صولجان الملك، والتمثال لا وجود له اليوم.
عملاق رودس أو أبولو رودس
عملاق رودس يعد أحد تلك العجائب القديمة، ولم يتبق له أي أثر. وتعود قصة بناء التمثال إلى عام 408 ق.م.، عندما ارتبط (روديانز) حاكم جزيرة رودس اليونانية في ذلك الوقت بعلاقات تجارية واقتصادية قوية مع (سوتر) بطليموس مصر الروماني، مما أوغر صدر حاكم مقدونيا (أنتيجونيدز) الذي لم يرق له هذا التحالف فقرر محاصرة الجزيرة بغرض دخولها والإستيلاء عليها، إلا أن محاولاته باءت بالفشل فرفع الحصار، وعاد إلى بلاده تاركا خلفه ثروة من المعدات العسكرية والحربية التي قام روديانز بعد ذلك بجمعها وبيعها، وقرر استخدام المال في بناء تمثال ضخم لإله الشمس (هليوس) الذي كانوا يعبدونه.
الوصف
قام النحات اليوناني القديم (كارس تشاريز) بصنع التمثال العملاق من البرونز المقوى بالحديد وهو عبارة عن فارس بارتفاع (30 م) تقريبا، يحمل مشعلاً باليد اليسرى وقوس ونشّاب في اليد الأُخرى ماداً قدميه لتمر السفن البحرية من بينهما، وكان بداخله سلم حلزوني من القاعدة إلى الرأس ويقال أن أهل الجزيرة كانوا يضعون النار في عيون التمثال لتهتدي السفن في البحر .
تم صنع قاعدة كبيرة من الرخام الأبيض لوضع هيكل التمثال عليها كما تم تثبيت الأقدام والكاحل أولا ثم بقية أجزاء التمثال، وقام العمال بصب السائل البرونزي فوق الهيكل الحجري الذي صنعه النحات، استغرق بناء التمثال حوالي 12 عاما وظل منتصبا في شموخ على مدخل الجزيرة لما يقرب من 200 عام حتى هدم بفعل الزلزال المدمر الذي ضرب الجزيرة.
كما سبق، أخذ بناء التّمثال الضّخم 12 سنةً و أُنْهِيَ في 282 قبل الميلاد، حوالي العام 226 قبل الميلاد ضرب زلزال قويّ رودس فوقع التّمثال الضّخم في مدخل الميناء متحطما, ودمرت المدينة على نحو سيّئ, تلقّى روديانز عرضًا فوريًّا من (يورجيتيز) بطليموس مصر الثالث لتّغطية كلّ تكاليف إعادة التمثال إلى وضعه الأول، لكنّ, وسيط الوحي اُسْتُشِيرَ ومنع إعادة إقامة التمثال، ورفض عرض بطليموس.
فنار الأسكندرية
من عجائب الدنيا السبع كانت تسمى فاروس، موقعها كان على طرف شبه جزيرة فاروس وهي المكان الحالي لقلعة قايتباي الشهيرة، تعتبر أول منارة في العالم أقامها (سوسترات) في عهد بطليموس الثاني عام (270ق.م) وترتفع (120 مترا) وهدمها زلزال عام (1375م )، وقد بناه المعماري الإغريقي (سوستراتوس)، وكان طوله البالغ مائةً وعشرين متراً، يجعله أعلى بنايةً في عصره، ويقال أن قلعة قايتباي قد أقيمت في موقع الفنار، و على أنقاضه.
وكان الفنار يتألَّف من أربعة أقسام: الأوَّل عبارة عن قاعدة مربَّعة الشكل، يفتح فيها العديد من النوافذ، وبها حوالي (300 غرفة)، مجهَّزة لسكنى الفنيين القائمين على تشغيل الفنار و أُسرهم، والطابق الثاني، فكان مُثمَّن الأضلاع، أما الثالث دائرياً، و أخيراً تأتي قمة المنار، حيث يستقر الفانوس، مصدر الإضاءة في الفنار، يعلوه تمثال لإله البحر و الزلازل عند الإغريق بوسايدون.ولم يعرف أحد، يقيناً، كيف كان المنار، أو الفنار، يعمل، و قد ظهرت بعض الاجتهادات، لم يستقر الخبراء وعلماء التاريخ على أيٍ منها. و ثمَّة وصفٌ لمرآة ضخمة، في قمة الفنار، كانت تتيح رؤية السفن القادمة، قبل أن تتمكن العين المجرَّدة من رصدها. وقد كتب الرحَّالة العربي القديم ابن جبير، أنَّ ضوء الفنار كان يُرى من على بُعد 70 ميلاً، في البحر، و هناك رواية تُفيد بأن مرآة الفنار، كانت إحدى الإنجازات التقنية الفائقة في عصرها، قد سقطت و تحطَّمت في عام 700 م، ولم تُستبدل بغيرها، وفقد الفنار صفته الوظيفية منذ ذلك الوقت، و قبل أن يدمِّره الزلزال تماماً.وقد وصف المسعودي، في عام (944م)، المنار وصفاً أميناً، وقدَّر ارتفاعه بحوالي 230 ذراعاً. و قد حدث زلزال 1303 في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، فضرب شرق البحر المتوسط، و دمر حصون الإسكندرية وأسوارها ومنارتها، وقد وصف المقريزي، في خططه، ما أصاب المدينة من دمار، وقد زار ابن بطوطة الإسكندرية، في عام 1350م، وكتب يقول: وقصدتُ المنار، فوجدته قد استولى عليه الخراب، بحيث لا يمكن دخوله و لا الصعود إليه، وكان الملك الناصر قد شرع ببناء منار بجواره، لكنه توفى، ويروي المؤرِّخ ابن إياس، أنه السلطان قايتباي زار الإسكندرية عام 1477م، فأمر بأن يُبنى مكان المنار برج جديد، وهو ما عُرف فيما بعد ذلك ببرج قايتباي، ثم طابية قايتباي، التي لا تزال قائمةً، حتى اليوم.
ويُقال أن الصعود إلى الفنار، و النزول منه، كان يتم عن طريق منحدر حلزوني؛ أما الوقود، فكان يُرفعُ إلى مكان الفانوس، في الطابق الأخير، بواسطة نظام هيدروليكي. و قد وصف فورستر طريقة أخرى لرفع الوقود _ الخشب _ إلى موقع الفانوس، فذكرَ أن صفَّاً طويلاً من الحمير كان في حركة دائبة، لا يتوقف ليلاً أو نهاراً، صعوداً ونزولاً، عبر المنحدر الحلزوني، تحمل الوقود الخشبي على ظهورها!.
إن فريق الباحثين الأثريين، العاملين بموقع قايتباي، يسعون للحصول على كتل حجرية تنتمي لأنقاض الفنار القديم، وهم يعرفون أن واجهته كانت تحمل لوحةً تذكارية، منحوتة بحروف يونانية ضخمة، فإذا وجدوا تلك اللوحة، أو جزءاً منها، تأكد للجميع أن الكتل الحجرية الضخمة، الغارقة بالموقع، هي أنقاض الفنار.
إن بعض علماء التاريخ يشكك في أن الفنار القديم هو مصدر هذه الكتل، ويعتقد أنها مجرَّد صخور كانت تُلقى إلى الماء، في العصور الوسطى، كإجراء دفاعي لإغلاق الميناء أمام سفن الصليبيين الغزاة، و مع ذلك، فإن جان _ إيف إمبرور لا يزال متمسِّكاً باعتقاده أن بين هذه الأنقاض الغارقة قطعا من جسم الفنار، سقطت في المياه عندما تحطَّم ذلك البرج الضخم، بفعل الزلزال.
ولكي يؤكد هذه الاحتمالات، يحاول جان_إيف أن يتتبَّع كل الدلائل والإشارات التاريخية حول حجم وهيئة ذلك المبنى الغامض، الذي ورد ذكره ووصفه في كتابات عشرات من الكتَّاب الإغريق و الرومان و العرب القدامى، الذين سجَّلوا أوصافاً عجيبةً له، ولكن كتاباتهم لا تشفي غليل إمبرور، لعموميتها وعدم دقتها، و أحياناً لتناقضها مع بعضها البعض.
أكثر آثار العالم إثارة للجدل و الخيال، و الوحيد من عجائب الدنيا السبع الباقي إلى الآن، روج الكثيرون حوله الكثير من الأساطير و الروايات، فأشاع البعض أن ساكني قارة اطلنطس المفقودة هم بناة الأهرام، و افترض البعض الآخر أن عماليق من تحت الأرض صعدوا لبناء هذا الهرم، و زعم آخرون أن الهرم قد بني بواسطة السحر، أو أن كائنات فضائية نزلت من الفضاء وقامت ببنائه. و الكثير و الكثير من الروايات التي تدل على مدى إثارة و غموض هذا البناء المعماري الضخم.
ويعتبر الهرم الأكبر من أهم الآثار المصرية وموضعه في الجيزة قرب القاهرة العاصمة المصرية وبني حوالي ( 2600 _ 2500 ق.م) وبناه أحد ملوك مصر القدماء من الدولة الرابعة التي حكمت البلاد منذ آلاف السنين يسمونه (خوفو ) أما الإغريق فكانوا يطلقون عليه اسم (خيبوبس)، ويعد بناء هرم الملك خوفو نقلة حضارية كبرى في تاريخ مصر القديم، و قد تأثر خنوم خوفوي (خوفو) بأبيه الملك (سنفرو) في بناء هرمه، فبعد موته، أصبح خوفو الإله حورس، و أصبح من الضروري أن يفكر في بناء مقبرته و التي تعد المشروع القومي الأول في مصر القديمة.
تسمية الهرم الأكبر:
كان الأمير حم إيونو هو مهندس الملك خوفو، و قد أرسل الطلاب والعلماء إلى مدينة أون كي يختاروا إسما للهرم، وقد تم اختيار اسم ( آخت خوفو ) أي (أفق خوفو )، فهذا هو الأفق الذي سيستقل منها الإله رع مراكب الشمس كي يبحر بها وتجدف له النجوم، و يقتل بمجاديفها الأرواح الشريرة ليفنى الشر فيقدسه شعبه. و الملك خوفو هو أول ملك يعتبر نفسه الإله رع على الأرض.
التركيبة الهندسية للهرم
يبلغ ارتفاع الهرم الأكبر بمصر (الجيزة) (146,7متر) واتجاه بابه في اتجاه النجم القطبي، كما تشير زوايا أضلاع الهرم إلى الاتجاهات الأصلية الأربع، وقاعدة الهرم الأكبر مربعة والفرق بين جوانبها الطويلة والقصيرة نسبيا حوالي (19سم) ومجموع طول أضلاع المربع (230متر)، وهذا المربع الهائل مستو، وتبلغ مساحة قاعدة الهرم الأكبر اثنا عشر فداناً ونصف، وقد استخدم في بنائه حوالي (2.3 مليون حجر ) تزن الواحدة ( 2.5 طن )، ومن بينها حجارة تزن الواحد (15طن)، وقام ببنائه (25 ألف) عامل ليس من بينهم عبد واحد، وكان اختيار مهندسيه لموقعه فوق صخرة ليظل قائما للأبد والهرم الأكبر من الداخل به ممرات تؤدي لحجرات عديدة من أهمها حجرة دفن الملك خوفو. وفي هذه الحجرات ترك الكهنة مقتنياته التي سيستعملها بعد الحياة، ورغم سد الممرات بعد دفنه إلا أن لصوص المقابر نهبوا محتويات المقبرة القيمة.
وكان ارتفاع مدخل الهرم عن مستوي الأرض (17متر) حيث يفضي ممر منه يؤدي لمقبرة الدفن علي عمق (18متر)، وكان هذا الممر الهابط يتقاطع مع ممر آخر صاعد، وهو حاليا مغلق بحجارة من الجرانيت. هذا الممر طوله (39 متر) ويؤدي إلي حجرة كان يعتقد أنها للملكة، ويقال أيضا أنها تضم تمثالا للملك يمثل روحه (كا)، وهذا الممر العلوي يمر من خلال رواق ضخم طوله (47متر) وارتفاعه ( 8.5 متر) وبه كان يشون حجر كبير لسد الممرات بعد دفن الملك، وفي الجدار الغربي حيت يتلاقي البهو الكبير بالممر العلوي فتحة نفق يؤدي لأسفل ليصل تحت قاعدة الهرم الصخرية حيث حجرة دفن الملك وكان للتهوية للعمال الذين كانوا ينحتون في الحجرة الملكية، وفي النهاية العلوية للرواق الكبير يوجد ممر يتجه للجنوب داخل غرفة الملك حيث حجرة مربعة بسيطة مبطنة بالجرانيت الأحمر وبه مخلفات عبارة عن تابوت خوفو الجرانيتي الذي كان يدفن به قرب الجدار الغربي للهرم، وقرب وسط الجدارين الجنوبي والشمالي يوجد فتحات بارتفاع متر لتمر لأعلي داخل الهرم وتفتح علي خارجه و لا يعرف الغرض منها، ومثل هذه الفتحات موجودة بغرفة الملكة وتصل ممراتها بطول (65متر) لكنها مسدودة.
جدران بابل وحدائقها المعلقة
لم تكن معلقة كما هو اسمها، ولكنها كانت تبدو كذلك عن بعد، وإن كانت في الحقيقة حدائق بارزة ومصاطب مرتفعة وفسيحة فوق أقواس علي شكل شرفات معلقة ومحمولة على أعمدة من الحجر ارتفاعها (23مترا)، على مساحة أربعة أفدنه، يبلغ ارتفاع هذه الحدائق 90 مترا ! وزُرعت بأجمل أنواع الزهور و أخضر أنواع النباتات فوق طبقة كثيفة من التربة خطت المدرجات الصخرية مما أعطاها شكلا جذابا راقيا، وتسقي النباتات والزهور المغروسة بواسطة مضخات لولبية مركبة على نهر الفرات حيث كانت طريقة السقي هيدروليكية، وكانت هذه الآلات نفسها أعجوبة من العجائب، واشتهر البابليون بناة هذه الجنان بالهندسة والفلك والطب إلى أن زال عصرهم الذهبي حين غزاهم الفرس.
وقد قام الملك (نبوخذ نصر الثاني) ببناء هذه الحدائق لزوجته في عام (60 ق.م) وكان اسمها (سميراميس)، التي، بحسب الأسطورة، اشتاقت إلى غابات وورود وطنها، وكانت الحدائق وسطية ومحاطة بجدران المدينة وبخندق مائي لصدّ الجيوش الغازية وتعرف كذلك بحدائق سميراميس المعلقة، وأيضاَ تسمى جنائن بابل المعلقة.
وقد حكم نبوخذ نصر بابل من عام (605ق.م) إلى (عام 562 ق.م), وتقع بابل قرب بغداد الحالية في العراق, ولم يستطع العلماء تحديد موقع بقايا هذه الحدائق, وتجئ معرفتنا عنها من سجلات كاهن بابلي اسمه بروسوس في القرن الثالث قبل الميلاد، يصف بروسوس الحدائق بأنها أقيمت على دكة من الطوب مربعة الشكل, طول ضلعها (120م), وترتفع عن الأرض (23م)، ولكي تسقى الأزهار والأشجار في الحدائق كان على الخدم أن يعملوا بالتناوب لرفع المياه بروافع من نهر الفرات.
كلمة بابل باللغة الأكادية تعني (باب الإله) وكان للحدائق المعلقة (8 بوابات) وكان أفخمها بوابة (عشتار)، والحديقة من جمالها وروعتها الخلابة كانت تدخل المرح والسرور إلى قلب الإنسان عند النظر إليها، فقد زرعت فيها جميع أنواع الأشجار، الخضروات والفواكه والزهور وتظل مثمرة طول العام وذلك بسبب تواجد الأشجار الصيفية والشتوية ووزعت فيها التماثيل بأحجامها المختلفة.
وتعتبر حدائق بابل المعلقة شهادة على قدرة رجل واحد إلى خلق واحة نباتية من الجمال وسط كآبة منظر الصحراء، وعلامة على احترامه لزوجته سميراميس . . . على أية حال . . . هناك بقايا شكّ، بين المؤرخين وعلماء الآثار بالنسبة إلى حقيقة وجود هذه الجنة المفقودة أبدا، إذ أن أعمال التنقيب في بابل لم تجد أثرا جازما لها، إلا أنه وُجد بعض الغرف التي كانت تمثل بعض أجزاء من قصر الحاكم (نبوخذنصر) الذي بُني لاحقا و قد وجد أيضا آلات لرفع الماء من البئر !