Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

لوحات الفريسك في معبد حورته بحماة تثير هواجس الآثار يين روعة تصميمها وبعديها الروحي والتاريخي

حماة " المسلة " … أثارت لوحات الفريسك أو الرسوم الجدارية التي كشف النقاب عنها في معبد الإله ميثرا بموقع حورته إلى الشمال من مدينة أفاميا الأثرية اهتمام علماء الآثار نظراً لأصالة فنها وروعة تصميمها بالغ الدقة والتعقيد فهي توضح مدى انتشار الأفكار الوثنية في العبادات الشرقية قديما فضلا عما تقدمه من توثيق حي لتصورات الأقدمين حول ارتباط الإنسان بالآلهة والآخرة ومفاهيم وطقوس دينية أخرى ظلت مهيمنة على العقل البشري لقرون عديدة.
 

 

وقد كشفت أعمال التنقيب التي بدأت في الموقع المذكور أعلاه من عام 1977 وحتى 2009 النقاب عن معبد الإله ميثرا إله النخبة الحاكمة في الإمبراطورية الرومانية وهذا المعبد وفقا للآثاريين يعتبر من أهم المكتشفات الأثرية كونه يوثق أسرار وطقوس العبادة السرية السائدة آنذاك إضافة إلى ما يحتويه من مقتنيات ولقى أبرزها لوحات الفريسك التصويرية.

رئيس دائرة الآثار بحماة عبد القادر فرزات يشير إلى أن الإله ميثرا وفقا للطقوس الدينية الرومانية يرمز إلى النور المنبثق من الصخر موضحا أن هذه العبادة ظهرت قديماً في بلاد فارس ثم انتقلت إلى موقع حورته مع تنقلات وحروب الجيوش الفارسية ومنها انتشرت إلى أرجاء روما القديمة إذ يقع هذا المعبد الذي يتربع على مساحة 74 متراً مربعاً على بعد 78 كيلومترا من مدينة حماة ضمن مغارة محفورة من الصخر بباطن الأرض في إشارة ودلالة على أن الإله ينبثق من الصخر.

وأضاف فرزات.. أن المعبد الذي يعود تاريخ إنشاؤه إلى القرن الثالث الميلادي له مدخل من جهة الجنوب يصل إليه المرء عبر خمسة أدراج صخرية كما تزين جدرانه أيقونات ورسوم تعد من أروع وأغرب ما شوهد بحسب علماء الآثار فهي لوحات مرسومة بخليط بانورامي من أجمل الألوان تجسد رؤى الأقدمين وتصوراتهم للمكنونات الدينية آنذاك.

ويتابع فرزات.. أن المعبد في بعض أجزائه ما زال محافظاً على هيئته الأولى فبإمكان المرء مشاهدة رسماً للآله ميثرا على الجدار الشرقي منه وهو في وضعية الوقوف و حوله هالة من النور ويصدر عنه شعاع يصل إلى رؤوس خمسة أشخاص يمثلون الجان مشيراً إلى أن هذا الشعاع عبارة عن نار مدمرة للجن في إشارة إلى قتل رموز الشر في العالم القديم إضافة إلى وجود فريسكية على نفس الجدار لإله الشمس وإله آخر يخرج من الأشجار حسب المثيولوجية الرومانية.

بالمقابل وعلى الجدار الغربي للمعبد يقول رئيس دائرة الآثار.. ثمة صور تمثل حيوانات قوية منها نمر وحصان وخنزير بري تطارد حيوانات أخرى مضيفا.. انه في الوسط يوجد باب صخري يفضي إلى غرفة في حين توجد على الطرف الأخر من هذا الجدار رسوم إلى الشمال من الباب تجسد رجلا يرتدي جلبابا طويلا يجر حصانا ضخما ويكبل عبيدا ويسحبهم بسلاسل مؤكدا أن هذه الأسطورة تتناول الإنسان الروماني المسيطر على الأرض وتفوقه على غيره من بني البشر وقدرته الخارقة في قهر الاخرين.

أما الغرفة الغربية من المعبد فعلى أحد جدرانها رسوم شبه مخربة تصور أشخاصا يتعاركون و اسودا مفترسة لافتاً إلى أن كتلة السقف منهارة لكن البقايا منها تجسد مشاهد لطاووس ومزهرية وعروق نباتية وعدد من الكسر والقطع الفخارية المخربة جراء أعمال الحفر و البناء التي تمت في فترة لاحقة من القرن الخامس الميلادي.

ويتمتع المعبد بأهمية استثنائية ضمن المقتنيات الأثرية كما يرى الخبير الاثاري نديم خوري ما دفع دائرة آثار حماة إلى إعداد دراسات أثرية وافية من اجل بث الروح ثانية في لوحاته الفريسكية عبر ترميمها ونقل اللوحات المخربة إلى مختبر الترميم في دائرة أثار حماة مشيراً إلى إطلاق مشروع نوعي منذ ثلاث سنوات بالتعاون مع بعثة خبراء بولونيين مختصين بالترميم حيث تقوم البعثة التي تستمر أعمالها شهراً كاملاً في كل سنة بأعمال تجميع للقطع المتضررة بعد دراساتها وتصنيفها باستخدام تقنيات ومواد خاصة وذلك بمساعدة مختصين من الخبراء السوريين.

ويشير خوري إلى أن عملية الترميم دقيقة وبالغة التعقيد وخاصة أن اللوحات تتكون من خمس طبقات ما يجعل عمليات الوصل بين القطع المكسرة صعبة وذلك بغية اعادة القطعة إلى شكلها الأصلي قبل التخريب موضحاً أن أعمال الترميم لا تؤثر على الجودة الأثرية والبعد التصويري القديم لهذه اللوحات الفريدة بل تزيدها وضوحاً ودقة وقدرة من جانب المشاهد على قراءة محتواها.

من جانبه يذكر نادر لدعة رئيس شعبة أثار أفاميا.. أن خطة المديرية العامة للآثار في مواسم التنقيب اللاحقة تتضمن استكمال أعمال التنقيب في هذا المعبد والكشف عن أكبر عدد ممكن من لوحاته المخربة إضافة إلى العمل على إعادة تهيئة هذا المعبد للمحافظة على لوحاته الفريسكية والتي ما تزال على جدرانه وذلك ليتم إدراجه على الخارطة السياحية فيما بعد.

ويضيف لدعة.. أن دائرة آثار حماة ستقوم مستقبلاً بافتتاح جناح في متحف حماة الوطني يضم قاعة خاصة لعرض اللوحات الفريسكية السليمة والمرممة منها على ان تتناول أساليب العرض الأبعاد الروحية والتاريخية التي تتميز بها هذه اللوحات معتبراً ان افتتاح قاعة عرض في متحف حماة خطوة ضرورية لتعريف الناس بعظمة الإنسان السوري الذي عاش على هذه الأرض وأنتج أروع الحضارات التي عرفتها البشرية.

المصدر : سانا
 

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله