كتب .. وليد عبد الرحمن
عندما قرأت مقولة اوتو فون بسمارك مستشار الامبراطورية الالمانية " كثرة العدد ليس بدليل على الصواب والا كان تسعة حمير يفهمون أكثر منى ومنك" تأكدت إننا أمامنا وقت طويل للتعلم والتثقف الذى هو أهم كثيرا من التعلم ، بل والاهم قرأة التاريخ والتعلم منه.
فلو شاهدنا ما حدث فى الجلستين الاولى والثانية من مجلس الشعب المصرى الذى كنا نترقبه جميعا وأطلقنا عليه "برلمان الثورة" وكان الجميع يحلم بأنه المنقذ لمصر ، فأننا نرى الحزب الوطنى وقد تجسد ثانية كما لو أنه تنكر واطلق لحيته .
فكل اللجان ورئاستها والوكلاء بيد هذا الحزب يوزعها كيفما شاء ويقدمها هبات لمن يريد ومن يتحالف أو يقوم بالتنسيق معه أم من يختلف معه فهو محروم من جنته وخارج حساباته بل ويمكن أن يعاقب بالتجاهل التام حتى من الاشراف على الانتخابات وهى نظرية طبقها من قبل الحزب الوطنى .
المفارقة العجيبة والتى ساقها القدر الينا جميعا لنتأكد أن اليوم اشبه بالبارحة إن الذين أعطوا اصواتهم لعصام سلطان فى مقعد رئيس المجلس كانوا 89 عضوا أى أننا امام مجلس الشعب الذى كان فى عام 2005 مع أختلاف المقاعد حيث احتل الاخوان مقعد الحزب الوطنى بدلا من مقعد المعارضة بمجموعة ال 88 الشهيرة التى كانت تتحالف مع حوالى 20 من احزاب المعارضة والمستقلين وكانوا يطلقون عليهم مجموعة المائة .
الغريب فى الامر ليس تعليق صورة الدكتور الكتاتنى قبل انتهاء عملية فرز الاصوات أو إعدادها مسبقا وانما خيانة الاخوان للمستشار محمود الخضيرى الذى كانوا وعدوه بل وكانت كل الانباء تؤكد أنه الرئيس القادم لمجلس الشعب ، غير أن الاخوان كالعادة خانوا حليفهم بل وتأكيدا على الغرور الذى مارسوه بعد الانتخابات صرحوا بأنهم سيمنحونه رئاسة اللجنة التشريعية تعويضا عن رئاسة البرلمان فهم الذين يمنحون ويمنعون .
الامر الذى يحتاج إلى تفسير حقيقى هو لماذا يمارس الاخوان السياسة بهذه الطريقة هل هى روح الانتقام من الماضى الذى انتهى وهم لايدركون أم أنها الطريقة الوحيدة أو المدرسة السياسية التى تعلموا منها ابان حكم النظام السابق ؟!.
الاخوان لم يتعلموا من دروس الماضى لان ولم يدركوا أن الديمقراطية الزائفة أو الديكتاتورية المستترة تذهب باصحابها إلى الجحيم خاصة بعد أن انتفض الشعب المصرى عن بكرة أبيه وخرج إلى الميادين يعرف جيدا كيف ينتصر لارادته ويحقق مطالبه .
الاخوان غرتهم مكاسبهم فى الانتخابات ويجب أن يعترف الجميع لهم بأنهم الاغلبية فى المجلس ولكن قيادة الحياة السياسية من منصة الاغلبية بعد ثورة شعبية عظيمة مثل تلك الثورة التى شهدتها مصر يتطلب حنكة وخبرة واحتراف وهى جميعها من الواضح انها غائبة عن الاخوان حتى الان وتصحيحها يتطلب منهم العودة ثانية إلى الغرف المغلقة مع المرشد العام للجماعة لإعادة التفكير فى كيفية العمل السياسى خلال المرحلة المقبلة حتى لا تخسر الجماعة لانه "ما طير وأرتفع الا كما طار وقع ".
وكما أطالب الجماعة بمراجعة مواقفها من البرلمان أطالبها أيضا بمراجعة حساباتها فى تشكيل الحكومة المقبلة التى يجرى حاليا مشاورات داخل مكتب الارشاد بشأنها من أجل إعلانها فى الوقت الذى يسمح بذلك ، وقد علمت إن هناك إشكالية هامة فى مسألة اختيار وزراء مسيحيين لهذه الحكومة التى يعدها خيرت الشاطر نائب المرشد وأحد أهم رجال الاعمال الاخوان .
وأحاول جاهدا أن أصل إلى اجابة لسؤال هام لماذا يصر الاخوان على ذات الممارسات التى كانوا ينتقدون فيها الحزب الوطنى المنحل ، سواء تلك التى داخل المجلس أو خارجه فهم أكثر من نادى بعدم تولى رجال الاعمال مسئوليات وزارات فى الحكومة ويسعون لان يكون رئيس الحكومة رجل أعمال ! ، وهم الذين نادوا بضرورة تطبيق حرية التعبير والانتقاد ولم يسمحوا بها حتى فى أول جلسة فى البرلمان !، وهم الذين نادوا بالتطهير وعقدوا صفقة مع المستشار سامى مهران أمين عام مجلس الشعب وقرروا التمديد له لعامين قادمين ! ، وغيرها من الاقوال التى لم تتفق مع الافعال ولم ولن نجد لها إجابة .
فى ذكرى الثورة المصرية العظيمة أتمنى أن يعود الجميع إلى رشده من أجل استعادة مصر بعد أن قمنا بازاحة نظام فاسد أطبق على صدورنا لثلاثين عاما متصلة لم نستطيع أن نتنفس أو نعيش الحرية فيها ، نحاول ان نستعيد مصر ويجب أن يشترك الجميع فى هذا بدلا من تركها لتقذفها أمواج الصراعات السياسية .