لندن "المسلة " من إلياس نصرالله …. اشتدت أمس المعركة السياسية الدائرة على الساحة البريطانية حول اقتراح شراء يخت ملكي جديد لملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، حيث تراجع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن معارضته للفكرة بعد أن كان الناطق الصحافي لمكتب رئيس الوزراء أصدر بياناً ظهر الاثنين أكد فيه معارضة رئيس الوزراء للفكرة، فيما ذكر مصدر مسؤول أن مقر رئاسة الوزراء اتصل في بلدية بورتسموث لإجراء الاستعدادات اللازمة لتدشين اليخت في مينائها الواقع على قناة لا مانش.
ويصِّر وزير التربية والتعليم مايكل غوف، صاحب فكرة اليخت وهو من أصل اسكوتلاندي، على أن اليخت يجب أن يكون هدية من الأمة البريطانية. لكن هناك مؤشرات على أن اليخت الذي سيصل ثمنه إلى 60 مليون جنيه استرليني لن يكون هدية بريطانية صافية بكل ما تعنيه الكلمة.
وذكرت تقارير صحافية بريطانية أمس أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت كاميرون إلى تغيير رأيه هو اقتناعه بأن الحكومة لن تخصص ميزانية خاصة لليخت، وأن شراءه سيتم بتبرعات من مصادر خاصة لم يعلن رسمياً عنها. الأمر الذي يُبْطِل مفعول الانتقادات الحامية التي تـُوجَه إلى الحكومة بهذا الخصوص واتهامها بالتبذير في الوقت الذي يعاني فيه البلد من أزمة اقتصادية خانقة.
وقالت صحيفة «الغارديان» ان متمولين كنديين قدّموا مبلغ 10 ملايين جنيه إسترليني كمساهمة من كندا العضو في منظمة دول الكومونولث لشراء اليخت، بالإضافة إلى إعلان متبرع آخر، فضّل عدم الكشف عن هويته، تبرُّعه بخمسة ملايين جنيه إضافية. وسارعت شركة «فويلز» البريطانية التي تملك سلسلة مكتبات ودارا لتوزيع الكتب عن تبرعها بـ500 ألف جنيه إسترليني لبناء مكتبة مجهزة تجهيزاً حديثاً ومزودة بالكتب على ظهر اليخت. ومن المتوقع أن تتسارع حملة جمع التبرعات لشراء اليخت الملكي اليوم وفي الأيام المقبلة، حيث من غير المستبعد أن يتقدم متمولون عرب وروس وغيرهم بتبرعات سخية لهذا المشروع، بعد الضجة العالمية الواسعة التي أثارها موضوع شراء اليخت.
وذكرت مصادر مقربة من داوننغ ستريت رقم عشرة، مقر رئاسة الوزراء، أن كاميرون تعرّض لضغوط شديدة داخل حزبه، خاصة من الوزير غوف وزميله ووزير الثقافة ديفيد ويليتس وكلاهما من رموز حزب المحافظين المشترك مع الحزب الليبرالي الديموقراطي في تشكيلة الائتلاف الوزاري الحالي. وذكر مصدر موثوق أن ويليتس نقل إلى كاميرون مضمون رسالتين تلقاهما من ولي العهد تشارلز، أمير ويلز وأخته الأميرة آن بعثا بها إلى ويليتس يدعمان فيهما بقوة فكرة شراء اليخت.
ووفقاً لـ«الغارديان» كان ويليتس كتب في سبتمبر الماضي إلى كاميرون عارضاً عليه فكرة اليخت، لكنه لم يتلق رداً على تلك الرسالة. ثم تبنى غوف الفكرة وقدّم اقتراحاً مفصلاً حول الموضوع لعدد من الوزراء في الحكومة من ضمنهم نائب رئيس الوزراء نك كليغ، زعيم حزب الليبراليين الديموقراطيين، الذي أعلن صباح الاثنين على الهواء مباشرة معارضته للفكرة.
وتقوم الفكرة في الأساس على اقتراح مبدئي تقدم به خلال العام الماضي أحد كبار قادة البحرية الملكية البريطانية الأدميرال ديفد بوتري، قائد قاعدة بورتسموث البحرية، الذي رأى أن اليخت الملكي الحالي «بريتانيا» أصبح قديماً وينبغي أن يكون لدى العائلة المالكة البريطانية يخت حديث يتناسب مع متطلبات القرن الواحد والعشرين. يشار إلى أن وسائل الإعلام البريطانية لا تنفك عن نشر تقارير عن اليخوت التي يملكها أصحاب الامبراطوريات المالية وغيرهم من الأثرياء في العالم، مما يثير شعوراً في الشارع البريطاني بأن اليخت «بريتانيا» موضة قديمة ولا يليق بعد بمقام الملكة، خاصة وأن اليخت الملكي أصبح تقليداً بريطانياً منذ عام 1660، عندما تم شراء أول يخت ملكي للملك شارلز الثاني.
ووفقاً للمراقبين من المنتظر في حال شراء يخت جديد للملكة أن يتم عرض «بريتانيا» للبيع، بمبلغ قد يفوق بكثير الستين مليوناً التي ستدفع لقاء اليخت الجديد، نظراً للتاريخ الذي ارتبط به اسم اليخت الذي تم شراؤه ليصبح يختاً ملكياً قبل 44 عاماً. زار خلالها 600 ميناء في 135 بلداً وقطع مليون ميل.
وكان «بريتانيا» استخدم في رحلات شهر العسل لأربعة من أبناء العائلة المالكة لدى زواجهم، بدءاً من الأميرة آن وزوجها السابق مارك فيلبس، ثم الأمير تشارلز وديانا، والأمير أندرو وزوجته السابقة سارة فيرغيسون، وأخيراً الأمير ويليام، نجل ولي العهد، وزوجته كيت ميدلتون في العام الماضي.
ويقف يخت «بريتانيا» حالياً في أحد موانئ اسكوتلاندا وفتح مثله مثل القصور الملكية لزيارة الجمهور، حيث ذكرت وزارة السياحة الاسكوتلاندية أن اليخت أصبح واحداً من نقاط جذب السياح إلى اسكوتلاندا وزاد عدد السياح الذين زاروه حتى الآن على 275 ألف سائح.
المصدر: الراى