حصاد الطيران المدني في 2011
دبى "المسلة"… تميز العام 2011 على المستوى المحلي في مجال الطيران المدني، مع تسارع وتيرة الاستثمار والنمو والتوسع في مختلف شركات الطيران والمطارات الوطنية والقطاعات المرافقة، بحيث قدرت الاستثمارات الحالية والمستقبلية بأكثر من 1.3 تريليون درهم.
وما يقوي هذا النجاح على المستوى المحلي نمو أسطول الشركات المحلية، التي ستمتلك مع نهاية العام الحالي أكثر من 320 طائرة موزعة على خمس شركات طيران، أبرزها طيران الإمارات بـ 171 طائرة، والاتحاد للطيران 70 طائرة، وفلاي دبي والعربية بواقع 20 طائرة لكل ناقلة، إضافة إلى طيران رأس الخيمة بـ 5 طائرات.
ويثير هذا النمو المحلي والإقليمي دهشة الأسواق العالمية، التي تعاني من تبعات اقتصادية وظروف صعبة نتيجة استمرار أزمة اوروبا وديونها السيادية، وتباطؤ الاقتصاد الأميركي، بحيث كان العام الحالي صعباً على قطاع الطيران عالمياً، الذي انهكته الأزمات الاقتصادية، وتسببت بانخفاض أرباحه بنسبة زادت على 60%، مقارنة مع السنة الماضية، التي حققت فيها الصناعة أرباحاً قياسية تاريخية، زادت على 18 مليار دولار.
ولعل الحدث الأبرز محلياً وإقليميا خلال العام الحالي كان معرض دبي للطيران، الذي حقق نجاحاً كبيراً على مستوى التنظيم والصفقات والمشاركين والزوار، رغم التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى تواضع الصفقات.
وتنوعت إنجازات الشركات المحلية ما بين استحواذات خارجية، مثل «الاتحاد للطيران» التي تملكت 29.2 % من «إير برلين» في الوقت الذي حافظت فيه شركات مثل «طيران الإمارات» على مواقعها الريادية كأكبر شركة في العالم من حيث المسافات المقطوعة، و«العربية للطيران» كأكبر ناقل اقتصادي في المنطقة، كما أعلنت حكومة دبي استراتيجية 2020 لقطاع الطيران، والتي تستهدف الوصول بسعة مطارات دبي إلى 100 مليون مسافر.
من جهة أخرى فإن شركات الطيران المحلية ما زالت تشهد عمليات نمو وتوسع كبيرة في مختلف عملياتها، مستفيدة من أسطولها الحديث وطلبيتها من الطائرات الجديدة، فضلاً عن عمليات الاستحواذ التي أنجزتها خلال العام الحالي.
معرض دبي للطيران
ويعد معرض دبي للطيران أبرز أحداث العام المحلية في صناعة الطيران المدني، حيث استقطب اهتماماً عالمياً كبيراً بفضل حجم المشاركة فيه، وتنوع وضخامة الصفقات التجارية، من خلال مشاركة 960 عارضاً في الحدث، وأكثر من 55 ألف زائر، وصفقات زادت على 232 مليار درهم.
ورغم أن المعرض استضافته دبي في نوفمبر الماضي جاء مع نهاية العام، لكنه جاء تتويجاً لنجاحات سابقة حققتها الشركات الوطنية، وبنت عليها لاحقاً، وتوجتها بإنجازات فعلية على أرض الواقع، إدراكاً منها لأهمية الصناعة والدور الحيوي الذي تلعبه في الاقتصاد الوطني، حيث تصل مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى حوالي 10%، تعززه حركة نمو كبيرة في النقل الجوي، تصل إلى 9 % مقابل 6 % على مستوى العالم، رغم التحديات العالمية والمصاعب التي تواجه الأسواق الأخرى في العالم.
واللافت في هذه الصناعة أن الشركات والمؤسسات المحلية انتقلت من مرحلة الاستهلاك والاستيراد إلى التصنيع والتدريب وإنشاء مراكز البحث، مدعومة ببنية تشريعية وتحتية متطورة تلائم معدلات النمو الكبيرة والاستثمارات الضخمة التي دخلت القطاع، سواء الحالية او المستقبلية، والتي تتجاوز 1.3 تريليون درهم، سواء في توسيع وإقامة المطارات أو في أساطيل شركات الطيران الوطنية.
«طيران الإمارات»
أما الصفقات التي شهدها المعرض، فكان أبرزها صفقة «طيران الإمارات» مع شركة بوينغ لشراء 70 طائرة من طراز بوينغ 777، بقيمة زادت على 95 مليار درهم، وتوقيعها لعدد من الاتفاقيات والشراكات الأخرى، كتأسيس مركز لصيانة المحركات، وإقامة أكاديمية خاصة للتدريب وشراء المزيد من اجهزة الطيران التشبيهي، وهي دليل على استثمار الناقلة الضخم في منتجاتها وخدماتها، والبحث عن انجع السبل نحو المزيد من خفض النفقات وتوفير موارد مالية إضافية للشركة.
وجاءت هذه الاستثمارات على خلفية إعلان الشركة عن أرباحها للسنة المالية الحالية، والتي بلغت 5.9 مليارات درهم، وهي الأعلى في تاريخ الناقلة، الذي يمتد لأكثر من 25 عاماً.
وسجلت إيرادات «طيران الإمارات» خلال العام المالي الماضي نمواً قوياً نسبته 25% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 54.4 مليار درهم، بينما ارتفعت أرباح الناقلة إلى 5.4 مليارات درهم، بزيادة نسبتها 51.9%، مقارنةً بالسنة المالية 2009 ــ 2010 حين بلغت أرباحها 3.5 مليارات درهم.
لكن شركات مثل «مبادلة» لم تكتف بالمشاركة كأكبر عارض في الحدث، بل أعلنت عن جملة من العقود والشراكات الاستراتيجية والصفقات الكبيرة في سعيها نحو تحويل العاصمة أبوظبي لتكون واحدة من كبرى مراكز تصنيع وإنتاج مكونات الطائرات وخدمات الإصلاح والصيانة.
توسعات خارجية
ومع اقتراب العام من نهايته أعلنت «الاتحاد للطيران» عن استحواذها على حصة تصل إلى 29.2 % في شركة «إير برلين» الألمانية، سادس شركة طيران في أوروبا، والذي يعطي الناقلة الوطنية فرص نشر اجنحتها إلى مزيد من الوجهات داخل القارة العجوز، وفي الخارج، تصل إلى اكثر من 269 وجهة مباشرة وغير مباشرة.
ولم تتوقف ناقلات الدولة عند توسيع محطاتها وأساطيلها في الخارج، حيث واصلت شركات «طيران الإمارات» و«الاتحاد للطيران» و«فلاي دبي» و«العربية» و«طيران رأس الخيمة» توسيع وجهاتها وشبكاتها الإقليمية والعالمية، مستفيدة من اتفاقيات النقل الجوي التي وقعتها الدولة.
لكن هذه التوسعات الخارجية لم تعجب الشركات المنافسة في أوروبا، التي تواصل حربها الشرسة لمنع توسع شركة مثل «طيران الإمارات»، والتي باتت اليوم سيدة المسافات الطويلة، باعتبارها اكبر ناقلة في العالم من حيث الكيلو مترات المقطوعة، كيف لا.. وهي تمتلك شبكة وجهات تزيد على 110 وجهات في أكثر من 60 بلداً في العالم.
توسع على الأرض
وبالمقابل فإن مشاريع التوسعة في المطارات الوطنية لم تتوقف، فقد أعلنت دبي في مايو الماضي عن ضخ اكثر من 30 مليار درهم في مشاريع توسعة لمطاري دبي الدولي ودبي وورلد سنترال.
وتشمل هذه التوسعات، التي ستبدأ خلال الربع الأول من العام المقبل بناء «الكونكورس 4» في مطار دبي الدولي، وتوسعة المبنى رقم 2، إضافة إلى مبنى جديد لتموين الطائرات وتحسين وتعديل العديد من خدمات مطار دبي، مع تحسين المدرجات في المطار، ومنها مبنى جديد مخصص لتموين الرحلات، سيعزز من الطاقة الاستيعابية لشركة الإمارات لتموين الرحلات.
ومن بين الاستثمارات التي ستضخ في دبي وورلد سنترال؛ سيتم توجيه مليار درهم إلى إقامة مدينة المعارض لاستضافة الدورة المقبلة لمعرض دبي للطيران.
استراتيجية 2020
وتعد استراتيجية دبي 2020 التي أطلقتها خلال العام 2011 إحدى الاستثمارات الضخمة التي تستهدف الوصول بأعداد المسافرين إلى 98.5 مليون مسافر، و 4 ملايين طن من الشحن في العام 2020، مدفوعة بنمو كبير لأساطيل «طيران الإمارات» و«فلاي دبي»، ثاني أكبر شركة طيران في مطار دبي، ليكون مطار دبي الدولي ثاني أكبر مطارات العالم من حيث حركة المسافرين الدوليين.
المصدر: الاقتصادى من علي الصمادي