Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

الحوريون.. تمازج فكري وتشارك ديني من وحي الميثولوجيا الرافدية والأوغاريتية بتاريخ سوريا القديم

اللاذقية " المسلة " … ترك الحوريون كغيرهم من شعوب الشرق القديم بصمات جلية في ارث مدينة أورغاريت الجمعي إبان توافدهم اليها وخصوصا من عام 2000 وحتى 1600 قبل الميلاد أي الفترة التي ازدهرت فيها رأس شمرا وأقامت اتصالات جيدة مع مصر وجزيرة كريت ومملكة ماري كما تذكر بعض الوثائق التاريخية.
 

 

ففي الألف الثاني قبل الميلاد سطر الحوريون صفحات أساسية من تاريخ سوريا القديم إذ ازدادت مساحة الأراضي التي شغلوها حتى أصبح لهم كيان سياسي بارز في شمال بلاد ميزوبوتاميا أي بلاد ما بين النهرين فضلا عن هضبة الأناضول إلى أن بلغ نفوذهم أوجه وأسسوا دولة قوية في شمال سوريا عرفت باسم المملكة الحورية الميتانية ما مكنهم أن يلعبوا دوراً مهماً في منطقة الشرق القديم برمتها.

تظهر نصوص رأس شمرا الأثرية كما يقول غسان القيم مدير موقع أوغاريت أن الحوريين الذين يعدون من ابرز الأقوام الهندو أوروبية الآرية اسبغوا مما يتمتعون به على حياة المجتمع الأوغاريتي إلى أن غدوا مكوناً أساسياً من مكونات أوغاريت آنذاك بعد أن وفد إليها الحوريون أو الهوريون كما تسميهم بعض المكتشفات في عصر البرونز الوسيط الذي امتد من سنة 2000 حتى سنة 1600 قبل الميلاد حتى صارت لهم في المدينة جالية كبيرة اختلطت بالأكثرية الكنعانية.

وفي فترة الاختلاط هذه عرفت أوغاريت ازدواجية لغوية قوامها الأوغاريتية والحورية تمخضت مع مرور الأيام عن ولادة تفاعل ثقافي مزدوج جنباً إلى جنب وتشارك ديني تجلى في مجمع الالهة الحورية في أوغاريت ومفردات مثيولوجيتها وفقاً للباحث القيم الذي كشف عن وجود تقابل بين عدد من الآلهة السامية والحورية مثل الإله ايل كبير الآلهة والآلهة عنات حيث قابلها الآلهة الحورية كيوماربي وهو مواز للإله السامي داغان أو دجن وتيشوب إله الرعد الذي تطابق مع الإله الأوغاريتي بعل.

مجمع الآلهة الأوغاريتية لم يكن الاستثناء الوحيد الذي شذ عن قواعد التمازج الفكري الممتد من أعالي نهر دجلة إلى الساحل السوري وانما الميثيولوجيا الأوغاريتية هي الأخرى تشربت من مشارب ملحمية حورية كما يرى مدير الموقع فالآثار الأوغاريتية المكتشفة حملت بين رقمياتها العديد من الملاحم والقصص الحورية لكن لسوء الحظ لا تتوافر حتى الآن أي ترجمة لهذه النصوص الميثولوجية الواردة من بلاد ميزوبوتاميا عازياً سبب ذلك إلى ضعف مستوى دراسة الألواح الحورية المكتشفة في أوغاريت.

فالثابت بحسب الباحث أن الأوغاريتيين الساميين عرفوا الاساطير الحورية لكن دون أن تجمع أي صلة بين الميثولوجيا الرافدية والأوغاريتية وخاصة أن المعتقدات الدينية للحوريين اتسمت بالتنوع نظراً لاتساع استيطانهم الجغرافي و تعدد اشكال الاحتكاك الثقافي الذي عرفوه خلال تاريخهم ومسيرتهم الطويلة حيث اطلع كهنتهم على أعمال الأدب الديني في بلاد الرافدين وتقبلوها ثم أغنوها بالمطابقة بين الآلهة الرافدية و الحورية لتصبح آلهة مشتركة لشعوب المنطقة.

وعن حضارة الحوريين يروي لنا مدير موقع أوغاريت أنهم شكلوا قوة اقتصادية و عسكرية تبدت في البصمات والعلائم التي دمغت عصرهم انذاك مقارنة بالشعوب الأخرى فالمكتشفات الأثرية تؤكد أنهم لم يبقوا على هامش التاريخ بل علت شهرتهم وفقا للكتابات واللوحات المسمارية التي وجدت قبل 14 قرناً قبل الميلاد وخصوصا في مواقع مثل ختوشا وايمار ومسكنة وأوغاريت.
 

فقد ساعدت تلك المكتشفات على فهم افضل للغة الحوريين وتأليف كتب نحوية وصفية لها فيما بعد ما أسهم في إغناء المعجم اللغوي الحوري وفق معطيات اثرية وكتابية تقارب الحقيقة وتكشف عما هو غامض ومثير عن حضارة يصعب تقدير مدى اتساع نطاق نفوذها و تأثيرها في الألف الثاني قبل الميلاد كما تقدم صورة شاملة عن مملكة مترامية الأطراف مؤكداً أن هذه الوثائق تكاملت مع النصوص المكتشفة في مدينة آلالآخ وتل عطشانة وشاغر بازار وشوشر الواقعة على المجرى العلوي لنهر الزاب السفلي وغيرها لنكتشف بكل دقة وثقة بأن اللغة الحورية انتشرت خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد في المناطق السورية الوسطى ووصلت حتى قطنة وتل المشرفة وقادش وتل النبي مند.

صمد الحوريون لبضعة قرون كما تظهر المكتشفات الأثرية في مواجهة الأطماع الخارجية أمام حملات القوى السياسية الكبرى في الألف الثاني قبل الميلاد إلا أن اشتداد الحملات العسكرية واتساع دائرة التحالفات ضدهم سرع من انهيار مملكتهم وطي صفحة اخرى من صفحات تاريخ الشرق القديم دون ان تطوى صفحة مآثر حضارة عريقة بقيت ترددها عاصمتها واشوكاني مدينة رأس العين الحالية في الجزيرة السورية.

المصدر : سانا

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله