بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
أعجبني وأثار اهتمامي مضمون الحوار التليفزيوني الذي أجراه منير فخري عبدالنور وزير السياحة مع كل من الاعلامية راندا أبوالعزم بقناة العربية والاعلامي عمرو الليثي بقناة المحور حول مستقبل صناعة السياحة في مصر علي ضوء المرحلة الاولي من الانتخابات..
وكما هو معروف فقد كان لصدور بعض التصريحات غير المسئولة من بعض رموز التيار الاسلامي من اعضاء الاخوان المسلمين وحزب النور السلفي انعكاسات في غاية الخطورة علي حركة السياحة التي يعد عائدها ركيزة اساسية للاقتصاد القومي وعنصرا مهما في التصدي لظاهرة البطالة وتداعياتها الاجتماعية.. ورغم محاولة هذه الرموز تخفيف هذه الاثار المدمرة بعد ان لاقت استهجانا شعبيا بالحديث عن دور السياحة وتأكيد اهميتها ونيتهم في العمل علي انطلاقها.. إلا ان ذلك لم يحقق التأثير الواجب تجاه ردود الفعل السلبية وهو ما تجسد في مزيد من الانحسار السياحي.
> > >
كان منير فخري عبدالنور وزير السياحة والسياسي الذي كان يحتل مركزا بارزا ومرموقا في حزب الوفد.. واضحا تماما في دفاعه عن المصلحة الوطنية. لقد اتسمت اجاباته علي الاسئلة الموجهة اليه بالحنكة والجرأة.. قال ان موقفه نابع من المسئولية التي يتولاها وان عدم التزامه بها يعد اخلالا بهذه المسئولية.
اشار إلي ان السياحة الخارجية والتي تهدف لقضاء الاجازات والاستمتاع بشمس واجواء مصر تمثل ٣٨٪ من حجم الحركة السياحية. وان السياحة الثقافية لم تعد تمثل علي مستوي العالم ـــ وليس مصر وحدها ـــ اكثر من ٠٢٪. وان كل ما يمكن عمله هو رفع النسبة إلي ٥٢٪. ان المساس بالاستثمار السياحي للثروة الشاطئية والطبيعية يعني خسارة فادحة للاقتصاد القومي. البيانات والاحصائيات الموثقة تقول ان عائد هذه السياحة وصل إلي ٥.٢١ مليار دولار عام ٠١٠٢ وان الاعتماد فقط علي التوعيات السياحية الاخري وفي مقدمتها السياحة الثقافية سوف يؤدي إلي الهبوط بهذا العائد إلي اقل من اربعة مليارات دولار وهو ما يعني فقدان مليارات الدولارات والملايين من فرص العمل.
> > >
جاءت حوارات وزير السياحة التليفزيونية في اعقاب هبة العاملين في السياحة والمرتبطين بانشطتها المختلفة إلي رفع صوتهم عاليا علي مستوي الشارع المصري وقبل ايام قليلة من بدء المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب. عبروا عن رفضهم لتصريحات ضرب السياحة من جانب بعض رموز التيار الديني الذين لا يدركون ولا يقدرون خطورة تصريحاتهم علي مصالح الوطن.
يقول الخبراء والمتخصصون في تنمية الموارد الاقتصادية الوطنية ان هذه التصريحات ان دلت علي شيء فانما تدل علي القصور في فهم طبيعة النشاط السياحي والذي ليس فيه ما يمس الدين من قريب أو بعيد. ان بعض ما قد يقال عن السلوك السياحي الذي تتناوله تصريحاتهم ودون تعميم هو من الامور التي تدخل في اطار الحريات الشخصية لفئة محدودة من السياح. يمكن ببعض الضوابط ألا يكون لها اي تأثير علي المجتمع المحلي. ان مثل هذه السلوكيات لا تعني بأي حال ان السياحة بشكل عام أمر معيب يدفعنا إلي تعطيلها وبالتالي إلحاق اكبر الضرر بمصالحنا.
> > >
ان ما قام به العاملون في السياحة والذي ارجو ان يتصاعد ويتخذ منحا ايجابيا عند التعامل مع صناديق الانتخاب هو من الحريات التي تكفلها الديمقراطية.. من المؤكد ان تحركهم للدفاع عن حقوقهم ولقمة العيش الكريمة ضد الدعوات الظلامية هو امر مرحب به من الشعب. ان الاضرار بالسياحة سوف يستهدف جهود رفع مستوي المعيشة لمواجهة التخلف وكذلك الاقلال من فرص العمل المتاحة للشباب.
ان العاملين في السياحة والذين يُقدرون بالملايين غالبيتهم من المسلمين الذين علي وعي وعلم كاملين بتعاليم دينهم. انهم يؤدون فرائضه وفقا للاسس السليمة بعيدا عن المظاهر وادعاء الوساطة في العلاقة بين الرب والعبد والتي تعد من الامور التي يرفضها الاسلام.. ان ما جاء في كتاب الله المبين يؤكد أنه لا تناقض بين الدين الاسلامي والسياحة .. وهو ما تؤكده الاية الكريمة »يا أيها الناس ان خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.. ان اكرمكم عند الله اتقاكم« صدق الله العظيم.
> > >
بعد حرص المنتمين لحزب جماعة الاخوان المسلمين من اعضاء ائتلافات العاملين بالسياحة علي المشاركة في هذه الوقفة الاحتجاجية التضامنية بميدان الرماية باعتبار ان هذه الصناعة هي مصدر رزقهم. قال انهم يستهدفون ان يبعثوا الطمأنينة في قطاع السياحة . وفي هذا المجال لا يسعنا سوي الترحيب بتصريحات خالد الازهري القيادي العمالي بحزب الحرية والعدالة الاخواني الذي اكد اثناء مشاركته في هذه الوقفة ان الحزب ليس مسئولا عن التصريحات التي لا تعبر عن سياساته وانهم يدعمون قطاع السياحة الذي يمثل ركنا اساسيا للاقتصاد القومي.. في نفس الوقت قال محمد غريب نقيب المرشدين السياحيين ان هذه الوقفة الحضارية تأتي في اطار الدفاع عن حقوق اربعة ملايين مواطن يسترزقون من الانشطة السياحية.. قال انها تحمل رسالة قوية لجميع الاحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية بعدم المساس بالسياحة التي تعد مصدرا رئيسيا للدخل القومي.
> > >
ليس هناك ما يقال بعد هذه الممارسة القوية للحرية والديمقراطية من جانب العاملين في صناعة السياحة.. سوي انها تفتح الباب امام التحرك الشعبي ضد اي تيار يستهدف الاضرار بحقوقه التي يجب ان يكفلها الدستور.