القاهرة " المسلة" – يقوم الرخاء الاقتصادي في أي بلد على العنصر البشري المتعلم، ومن ثم فإن القوى العاملة المثقفة تعتبر عنصراً أساسياً في تطوير قطاع «السياحة»، حيث إنها رأس المال الذي سيضمن المنافسة والابتكار والإبداع، ويحسن تطلعات ومستقبل العمل، ويسهل عملية التعديل والتكيف في أسواق متغيرة.
ومن المتفق عليه أن الاعتراف المتزايد بالأهمية الاقتصادية للسياحة قد سلط الضوء على ضرورة التوسع في تعليم هذا القطاع، وتقوم الميزة التنافسية للدول في الاقتصاد العالمي بشكل متزايد على إتاحة وتوافر العمالة الماهرة، وهذا الأمر ينطبق كذلك على الصناعات المتعلقة بالسياحة، وعليه تعتبر هيكلة التدابير التعليمية والمهنية والتركيز عليها في القطاعين «العام» و«الخاص» قضية مهمة.
تحد
وسيمثل الافتقار إلى فريق عمل مناسب تحدياً لقدرة الصناعة على الوفاء بتطلعات جودة الخدمة التي أوجدتها أنشطة الترويج وأنماط الدعاية السياحية، وقد أدى الطلب على أن تفي الخدمات السياحية بالمعايير الدولية إلى اتجاه متزايد لتوظيف القوى العاملة المصقولة بالخبرة والكفاءة العالية.
وعلى الرغم من أن الموارد البشرية هي الرصيد الأكثر قيمة لهذه الصناعات، فإنه، وللمفارقة، تعتبر الرغبة في الاستثمار في التعليم والتدريب في بعض القطاعات الكبرى والمهمة منخفضة بشكل كبير، مقارنة بالصناعات في مجالات أخرى، بيد أن تحديث الموارد البشرية والتقنيات، إضافة إلى تحسين خبرات الإدارة، متطلبات ضرورية لمزيد من التطوير لهذه الصناعة، ويقوم تخطيط المورد البشري في الغالب على التفكير قصير الأجل، وهو ما يعارض النظر للمورد البشري كأصل استراتيجي.
وبشكل عام، تتجه الحوارات والمناقشات القائمة بين كل من معلمي ومطوري المناهج السياحية إلى التركيز على نقطة التوازن بين الجانب المهني والجانب الأكاديمي، وتقتصر المناقشة في الغالب على إمكانية النقل الفعال والمؤثر للمنهج المدرسي إلى العمليات اليومية، وإدراك قيمة التعلم كوظيفة تحقق التطوير المهني.
ومن الواضح أن التركيز على القدرة على التوظيف يتصارع مع هدف تخريج أشخاص قادرين على التفكير النقدي الجاد، وباتخاذ الموقف العملي ينبغي أن يقوم المعلمون بإعداد الطلاب ليكونوا قادرين على العمل والتوظيف، في حين يقتضي المعيار النظري من المعلمين تزويد التلاميذ بكفاءات وقدرات نظامية أعلى، وتسهيل التخطيط، إضافة إلى مهارات التفكير والتأمل الذاتي، وبشكل أكثر عمومية، إدراك أن إدارتهم للمعرفة ستؤثر في النهاية في مستقبل صناعة السياحة والضيافة.
نموذج
وتقدم الطبيعة الفريدة لنموذج التعليم السويسري حلاً محتملاً، فهي تجمع ما بين التعليم العملي والتوجيه المهني والدراسات الأكاديمية عالية الجودة، وقد أرسى المسح الذي أجراه «تايلور نيلسون سوفريس»، في 2010، أسس التصنيف النسبي لمدارس إدارة الضيافة الدولية التي تمنح برامج ذات درجة تعليمية على المستوى الجامعي، حيث يقوم أصحاب العمل على الأرجح بتوظيف طاقم عمل من خريجي تلك المدارس في الفنادق العالمية من فئة «الخمس نجوم»، وقد أظهر هذا المسح العالمي بكل وضوح أن المعاهد السويسرية تم تصنيفها باعتبارها الأفضل في العالم، وعلى هذا الأساس يمكن اعتماد المناهج مع تثبيت هذا الأمر في الذهن، حتى يكون هناك توافق مقبول بين العناصر العملية والتربوية.
ولاشك في أن تدويل هيئة دارسي السياحة، والسمات الفريدة لهذا الجيل، الذي أصبح معروفاً بالجيل «واي»، يوجد تحديات جديدة أمام القائمين على التعليم، تتعلق بإدارة واستخدام التكنولوجيا، كما يزعم البعض أن التعدد والتنوع المتزايد لهيئة دارسي السياحة، وكذلك التغيرات المجتمعية من الأشياء التي تولد ضغطاً على القائمين على التعليم لوضع وتفعيل أنظمة جديدة للدعم الأكاديمي ودعم الدارسين.
وقد اختبر مركز «ألباين» هذا الاتجاه عندما عمل بنجاح على اندماج وتكامل مع ما يزيد على 40 جنسية مختلفة في هيئة الدارسين لديه في العام الأكاديمي الماضي.
ومع الإدراك المتزايد لأهمية الاستجابة لاحتياجات دارسي صناعة السياحة والضيافة المعاصرة، يتم تطوير هيئة للأدب المرتكز على التعليم تعمل على توثيق تطوير وتطبيق مناهج تربوية مستحدثة للدارسين في مجالات السياحة والاستضافة.
التزام
ويبرز البحث التجريبي التزام القائمين على التعليم بتطوير محاضرات صوتية قوية وفعالة من الناحية الأكاديمية، إبداعية ومبتكرة وربما حتى مسلية وترفيهية، إضافة إلى ذلك يعتبر الملمح الرئيس لصناعة السياحة هو ذلك المتعلق بنطاق ومسار التغيير، فأنماط وأشكال الاستهلاك، والتغير التكنولوجي، والابتكار والإبداع في تقديم العروض في السياحة وفي المجالات الأخرى، كل ذلك في حالة دائمة من التغيير، وهو ما يعني أن التعليم لابد من أن يتطور مع تغير الصناعة من خلال دمج منهج للتعلم مدى الحياة مع منهج تعليم السياحة.
ومع إرساء قيمة السياحة الآن كإحدى الصناعات العالمية الأساسية، فإن الحاجة تدعو إلى إطار عمل فعال لتعليم السياحة له صلة بالصناعة، يستخلص ويستفيد من أحدث الاتجاهات التربوية، إضافة إلى الاتجاهات العملية لترسيخ مفهوم أن تنمية صناعة السياحة أمر ذو أهمية قصوى.
المصدر: الرؤية الاقتصادية