اللبنانين لن يقترعوا للمغارة لان تكلفة زيارتها باهظة
جهيتا "المسلة"… في معظم الأحيان كان لبنان مركز الاضطرابات في الشرق الاوسط ولكنه توارى عن الأنظار هذه المرة في حين تشهد المنطقة موجة من الاحتجاجات. غير أن الدولة الصغيرة غير محصنة ضد الاضطرابات التي تحيط بها وقد أضيرت السياحة جراء ذلك.
وفي قاع وادي نهر الكلب تزور مجموعة صغيرة من السائحين مغارة جعيتا وهي مجموعة من الكهوف الجيرية التي تمتد لمسافة تزيد على عشرة كيلومترات وسط الجبال.
وفي أعماق المغارة تسير قوارب معدنية صغيرة وسط نهر تحت الأرض محدثة صوتا عاليا ولكنها نادرا ما تتلاقى ولا تمتليء بالركاب أبدا.
ويسمع صوت تساقط رواسب كلسية على سطح المياه وتضيء أنوار زرقاء وبرتقالية الكهوف وهي مصممة بحيث لا تنبعث منها حرارة لتجنب نمو طحالب داخل المغارة وتدمير تكويناتها الحجرية الضعيفة.
وقالت احدى الموظفات في مغارة جعيتا "كان فصل الصيف سيئا للغاية .. فى الفصول السابقة كان عدد الزائرين بين ثلاثة وأربعة الاف يوميا والان نحو 700."
وقالت ان السائحين من الخليح والدول العربية الاخرى يمثلون الأغلبية.
وتابعت "لكننا نعاني من مشاكل هائلة."
والمشكلة الأكبر الآن نابعة من سوريا وقالت الأمم المتحدة أن الحملة الضارية التي يشنها الجيش السوري أسفرت عن مقتل ثلاثة الاف شخص منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في مارس اذار.
ويقود نحو 600 ألف سائح عربي سياراتهم الى لبنان كل عام قادمين من سوريا وهي الدولة الوحيدة التي لها حدود برية مفتوحة مع لبنان.
وعبور الاراضي السورية بديل رخيص لمعظم سائحي المنطقة حيث يمكنهم اصطحاب الاسرة باسرها الى لبنان خلال فصل الصيف.
لكن غياب الاستقرار في سوريا قلص عدد عابري أراضيها وهم يمثلون ربع السائحين الذين يتوافدون على لبنان وانخفض عدد الزائرين العرب عبر الحدود السورية اللبنانية بنسبة 90 بالمئة.
ويقول العاملون في المغارة إن بين عشر و15 حافلة مليئة بالسائحين العرب القادمين عبر سوريا كانت تصل للمغارة يوميا والان لا يزيد العدد عن حافلتين أو ثلاث واختفت طوابير الزائرين الذي ينتظرون رحلات القوارب في جوف المغارة.
وقال جون كستر الذي يراقب اتجاهات الصناعة في منظمة السياحة العالمية التابعة للامم المتحدة "شهدت لبنان تراجعا بنسبة 20 بالمئة في أعداد الزائرين من أنحاء العالم في النصف الاول من عام 2011."
وسيكون النصف الثاني من العام أسوأ لان الوضع في سوريا تفاقم ولم تصدر بيانات موسم الصيف في لبنان بعد.
وقال كستر "ما من دولة محصنة ضد ما يحدث في المنطقة المحيطة والغالبية تسافر برا (الى لبنان).
"التأثير على لبنان غير مباشر ليس بسبب ما يحدث داخل البلاد ذاتها."
وابتعد السائحون الغربيون عن الشرق الأوسط عقب موجة من الانتفاضات الشعبية اجتاحت المنطقة وأطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا. وحتى الدول التي نعمت باستقرار نسبي مثل لبنان والاردن شهدت تراجعا لعدد الزائرين من الولايات المتحدة وأوروبا.
وقال نبيل حداد مدير عام مغارة جعيتا ان الزائرين من أوروبا وأماكن أخرى خارج الشرق الاوسط يزورون لبنان ضمن جولات في المنطقة.
وقال حداد "ولكن حين تلغى الرحلة لسوريا يستبعد لبنان بشكل تلقائي."
وفي محاولة لدعم السياحة ينظم لبنان حملة لاختيار مغارة جعيتا كإحدى عجائب الطبيعة في اطار مسابقة دولية.
وتضم الكهوف أطول رواسب كلسية على الارض ويزيد طولها عن ثمانية أمتار وقد شاركت في مسابقة عجائب الطبيعة السبع الجديدة في عام 2007 ويحاول لبنان زيادة عدد الاصوات في استطلاع عالمي ينتهي الشهر المقبل.
وصرح وزير السياحة فادي عبود لرويترز "نمارس أحد أشكال العلاقات العامة. نبذل قصارى جهدنا لنحث الناس على التصويت" مضيفا أنه أقنع حلفاءه السياسيين بحضور اجتماع الحكومة مرتدين قمصانا قطنية كتب عليها انهم اقترعوا لمغارة جعيتا.
وبلغت المغارة تصفيات نهائية تضم 28 مكانا من بينها جبل كليمنجارو في تنزانيا وبراكين طينية في أذربيجان لكن الوزير قلق من تراجع أعداد السائحين.
وأضاف أن الاقتراع في مراحله النهائية لكن اللبنانيين لا يأخذونه بجدية كبيرة.
ويقول بعض اللبنانين انهم لن يقترعوا للمغارة لان تكلفة زيارتها باهظة بالنسبة لكثير من مواطني البلاد اذ تزيد عن 12 دولارا.
وعانى لبنان من نزاعات لسنوات طويلة كان أولها الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما وفي عام 2006 قتل 1200 لبناني معظمهم من المدنيين خلال حرب مع اسرائيل استمرت شهرا.
وخلال فترات الاستقرار يجتذب لبنان سائحين يتوافدون من سائر ارجاء العالم لمشاهدة اثاره الرومانية وارتياد منتجعات التزلج والشواطئ كما يشتهر بحياة ليلية صاخبة فضلا عن المطبخ اللبناني وأجواء مفعمة بالحياة.
ويقول كستر "لبنان وجهة تشهد تقلبات حادة دائما. لديه قدرة على التعافي باستمرار. نمت السياحة 70 بالمئة في العام الماضي وهذا العام تراجعت بنسبة 20 بالمئة.
وأضاف أن أكبر مشكلة في لبنان التكيف مع الازمة في سوريا.
ومضى قائلا "السياحة في مصر تراجعت 40 بالمئة هذا العام ولكن نتوقع أن تتعافى. لن يفعل لبنان. ربما يتعين عليه فتح ممرات أخرى للبلاد."
الا أن وزير السياحة عبود يظل متفائلا "ينبغي أن نتكيف. معظم ما يسمى بدول العالم الثالث يفعل ذلك. اذا كنت مزارعا تعتمد على الطقس. واذا عملت في قطاع السياحة تعتمد على الأمن والوضع السياسي."
رويترز من أوليفر هولمز