دمشق " المسلة " … عقدت صباح أمس الأول الجلسات الأولى لورشة عمل تطوير قانون الآثار /الرؤية والأهداف والنتائج المتوقعة/ وذلك في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق بهدف إيجاد قانون جديد لحماية وإدارة وترويج التراث الثقافي في سوريا.
وتهدف الورشة إلى تحديد المبادئ الأساسية الناظمة لقانون الآثار الجديد بما ينسجم والاستراتيجية الوطنية لحماية التراث الثقافي ضمن إطار تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى توحيد المفاهيم والتعاريف المرتبطة بالإرث الثقافي الوطني بما تحمله من قيم فيزيائية ومعنوية.
وأشار الدكتور بسام جاموس مدير عام الآثار والمتاحف إلى أهمية هذه الورشة في إيجاد قانون جديد لحماية وإدارة وترويج التراث الثقافي في سورية التي تعد من أغنى دول العالم بتنوعها الحضاري وبمخزونها الضخم من التراث الثقافي الذي يتطلب إيجاد قواعد قانونية ترقى لمستوى الطموح في حمايته وإدارته وترويجه وجعله محركا رئيسيا في عملية التنمية ورافدا قويا للدخل الوطني وعاملا رئيسيا لتعزيز الانتماء الوطني والوحدة الوطنية.
وقال إن انعقاد هذه الورشة يأتي انطلاقا من القناعة الكاملة بأن حماية وإدارة التراث الثقافي مسؤولية تشاركية تقع على عاتق الدولة بجميع مؤسساتها وعلى عاتق المجتمع بجمعياته وأفراده.
وبين جاموس أنه تم ضمن إطار مشروع تعديل قانون الآثار تحديد وتحليل الأولويات والاحتياجات الوطنية لتحقيق التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في مجال القطاع الآثاري بهدف تمكين السلطات الأثرية والمؤسسات والجهات ذات الصلة من القيام بمهامها وتفعيل دورها في التخطيط الاستراتيجي ورسم سياسة إدارة وحماية التراث الثقافي بما يتناسب وتطلعات السوريين وأهداف السياسة الوطنية في هذا المجال مشيرا إلى أن موضوع إيجاد قانون لحماية التراث الثقافي وإدارته وترويجه يتصدر هذه الأولويات.
ولفت جاموس إلى أنه صدرت عن منظمة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم عدة اتفاقيات في هذا المجال حيث بدا واضحا القصور والمشكلات الكثيرة التي يعاني منها القانون الحالي وآليات تطبيقه.
وناقش المشاركون في الجلسة الأولى التي عقدت برئاسة عمر عبد العزيز الحلاج المدير التنفيذي للأمانة السورية للتنمية الأهداف المعلنة للقانون الجديد والتي تتمثل بإيجاد القواعد القانونية والنصوص التي ستساهم بعملية تحويل قطاع التراث الثقافي إلى محرك اقتصادي من خلال توليد مصادر خدمية وربحية جديدة إضافة إلى تمكين وسائل إدارة وتأهيل واستثمارات الإرث الثقافي في القانون وتضمينه مبادئ لتثقيف وتوعية المجتمع بأهمية حماية واحترام التراث الثقافي.
كما عقد المشاركون جلسة حوار مفتوح حول العوامل الداعمة والمؤثرة لإنجاح أهداف القانون الجديد بما يعكس الاستراتيجية العامة للمديرية العامة للآثار والمتاحف.
وركزت الجلسة الثانية بشكل أساسي على سبعة أهداف اشتملت على التعريف الأساسي والمعايير التي يجب أن تطبق للحفاظ على التراث و ضرورة إيجاد آليات لحماية التراث إضافة إلى ضرورة إدخال المجتمعات المحلية في عملية الحفاظ على التراث والتنمية المحلية والاستثمار في التراث.
كما ناقشت الجلسة التنمية المستدامة الناتجة عن وجود التراث في المجتمعات المحلية والتنقيب الأثري وضرورة الحفاظ على المخزون الأثري السوري ونشر المعرفة التراثية وتطوير الكوادر البشرية والمعرفية اللازمة للحفاظ على التراث ونشر الوعي بأهمية التراث وضرورة التنسيق بين الجهات والمؤسسات المعنية بهذا الشأن.
ويمثل المشاركون في الورشة مؤسسات رسمية وأهلية وقال الحلاج لوكالة سانا إنها خطوة أولى على مسيرة عقد جلسات عديدة ستقام بمشاركة من جميع الأطراف لوضع القانون خطوة بخطوة وعدم ترك المديرية العامة للآثار تضع القانون بمفردها للوصول إلى وضع القانون على موقع التشاركية.
بدوره بين أيمن سليمان مدير الشؤون القانونية في المديرية العامة للآثار والمتاحف أنه بعد تحليل الوضع الراهن للقانون القديم قامت لجنة الصياغة بتوصيف المشكلات بشكل دقيق واعدت دراسة شاملة لمختلف القوانين بالمنطقة العربية والقوانين الدولية إضافة إلى التعليمات والتوجيهات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم.
ولفت إلى أن مجمل المعلومات والمعارف التي تكونت تم الأخذ بها مع مراعاة خصوصية سورية مشيرا إلى أن هدف لجنة الصياغة لم يكن اخذ قانون وتطبيقه بمبدأ النسخ واللصق ولكن بهدف الوصول إلى قانون لحماية وإدارة وترويج التراث الثقافي يلبي تطلعاتنا ويحق النتائج المأمولة منه.
وقال إن لجنة الصياغة عملت من منطلق وجود مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الدولة بمختلف مؤسساتها وعلى عاتق الأفراد وجمعيات المجتمع المدني وانطلاقا من هذه القناعة تم التعاقد مع شركاء لهم علاقة بعملنا من أكثر من جانب ومن أكثر من باب.
وتحدث سليمان عن وجود ورشة عمل سابقة عقدت في هذا المجال بالتعاون مع اليونيسكو وورشة عمل أجريت في إدلب لتكون هذه الورشة جزءا من سلسلة ورشات في هذا الموضوع.
ولفت إلى أن الفكرة الرئيسية التي يجب أن يتضمنها القانون الجديد هي معالجة المشاكل من حيث نقص التعريفات وعدم وجود قواعد وأدوات قانونية وحماية معززة لمواقع التراث العالمية وعدم وجود قواعد قانونية تتيح الاستثمار بشكل واضح ومشاركة جمعيات المجتمع المدني مشيرا إلى ضرورة أن يواكب القانون سياسة مالية تتبناها الدولة.
وبين أن المشكلة تكمن دائما بثقافة تطبيق القانون وليس بالقانون مشيرا إلى ضرورة وجود سياسة تثقيفية توعوية مالية تحفيزية تتبناها الدولة بمختلف مؤسساتها لتأسيس ثقافة حول التراث ودوره وأهميته على أنه مصدر فخر ومصدر للدخل الوطني والاعتزاز بالهوية الوطنية.
من جهته أشار طلال معلا المدير التنفيذي بوحدة تطوير المتاحف والتراث الثقافي في سورية إلى أن تحديث القانون ضرورة اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية لبيان كيفية استثمار الإرث الثقافي الذي يعتبر كنزا كبيرا في سورية معلما عالميا يشار إليه كبدايات للكتابة والموسيقا.
بدوره قال الدكتور عرفان علي رئيس هيئة التخطيط الإقليمي إن قانون الآثار يشكل رديفا هاما وأساسيا في تحقيق الأهداف المرجوة من عملية التخطيط الإقليمي سواء على المستوى الوطني أو الأقاليم التخطيطية أو على صعيد حماية المواقع التراثية الطبيعية والثقافية.
وبين أن تعديل قانون الآثار في المرحلة الحالية يشكل فرصة لإدخال المفاهيم الحديثة مثل تعريف المشاهد الطبيعية وأسس الحماية وإدخال المجتمع المحلي في عملية التنمية وكيفية تحويل الإيرادات أو المنفعة الاقتصادية ضمن عملية التنمية المحلية ووصول هذه الإيرادات إلى المستهدفين الأساسيين من عملية التنمية إضافة إلى التطرق لموضوع التوعية والتعليم في القضايا المتعلقة بالتراث والمساعدة في الحفاظ على هذه المواقع.
وتحدث علي عن انعكاسات القانون الجديد على موضوعات التنمية وذلك بالتطرق لبعض القواعد القانونية التي لم يتطرق لها القانون السابق على صعيد تحديد المسؤوليات وتوضيحها وإشراف مديرية الآثار على بعض المعالم وعلى التراث المادي واللامادي.
ولفت إلى أن التخطيط الإقليمي يعد شريكا أساسيا مع المديرية العامة للآثار والمتاحف وكافة الوزارات والمحافظات على الصعيد المركزي و المحلي في حماية وتنمية المواقع التراثية المأهولة وغير المأهولة مبينا أن إدخال هذا المكون بعملية التنمية هو ما نقوم بالتركيز عليه حاليا في خططنا الإقليمية على المستوى الوطني ضمن مشاريعنا التي نعنى بها حاليا في كافة المناطق.
بدوره قال طارق نحاس مدير مدينة دمشق القديمة إن ما يهمنا بشكل أساسي هو وضع المبادئ الأساسية لقانون الآثار الجديد فهناك مجموعة من المبادئ وضعناها في ذهننا كي تطبق في القانون على أرض الواقع.
ولفت إلى أن هذه المبادئ تتضمن بشكل أساسي تحديد صلاحيات كل وزارة سواء كانت سياحة أو ثقافة أو أوقاف أو إدارة محلية وتحديد العلاقة بين الوزارات وإعطاء كل وزارة اختصاصها بتطبيق القانون الجديد مشيرا إلى ضرورة أن يكون قانون الآثار مرنا في موضوع ترميم المباني الأثرية.
بدوره أشار المحامي أنس غازي رئيس مجلس إدارة في شركة ميثاق الخاصة إلى أن فكرة مشاركة القطاع الخاص مع القطاع العام في هذه الورشات أصبح اليوم ضرورة لمعرفة انعكاسات تطبيق القانون على الأرض إضافة إلى معرفة رأي القطاع الخاص في الفكر التطبيقي لهذا القانون عندما يطبق على الأرض وما هي أبعاده وعقوباته ومشكلاته.
ولفت إلى دور القطاع الخاص في تطبيق هذا القانون بحكم علاقته مع الزبائن أو الجهات التي تكون مرتبطة بهذا القانون ومن خلال معرفتنا للبيئة و للدوائر الحكومية وللقضاء.
وأوضح أن رؤية القطاع الخاص تنطوي على إعطاء استقلال أكبر لهذا القانون حتى يتمكن هذا المخزون من الآثار والتراث أن يأخذ النتائج المتوقعة منه ويتم استثماره بالطريقة الأمثل.