بيروت "المسلة"…استُحدِثَ نوعٌ جديدٌ من السياحة في لبنان بواسطة الطائرات السياحية التي تتيح التحليق في سماء لبنان لإظهار جمال الطبيعة اللبنانية واكتشافها من الجو فيأتي المنظر متدرجا من خضرة الغابات إلى زرقة البحر ليشكلا معا لوحة طبيعية تتلهف أعين ركاب هذه الطائرات لالتقاطها عبر نوافذها التي تتضح من خلالها معالم لبنان الجغرافية والجمالية.
وارتفع معدل الرحلات السياحية فوق الأراضي اللبنانية بفعل برنامج "طير فوق لبنان" الذي انطلق منذ أربع أشهر على يد "جمعية الطيارين الخاصين في لبنان" وزيارة 15 طائرة سياحية الأسبوع الماضي تضم 27 رجل أعمال فرنسي لم يزوروا لبنان منذ 40 عاما للاستمتاع بالمناظر الخلابة من الجو فاسهمت في إضفاء الحياة على نوع خجول من السياحة في لبنان يعرف ب " السياحة الجوية ".
وفي الوقت الذي تسعى الجهات المعنية اللبنانية لتحويل الطيران الداخلي إلى جزء أساسي من الحركة السياحية في لبنان يشدد وزير السياحة اللبناني فادي عبود في حديث خاص إلى وكالة الأنباء السعودية على إدراج برنامج "طير فوق لبنان" على خارطة السياحة اللبنانية ضمن خطة عمل الحكومة الجديدة وإقرار هذا المشروع في مجلس الوزراء اللبناني معتبرا أن الرحلات السياحية الجوية تعكس صورة راقية ومتقدمة عن لبنان. وقال عبود إن الوقت قد حان في لبنان ليتحول الطيران الداخلي الى جزء أساسي من الحركة السياحية، بعدما تم اختصار المسافات اليوم ومن الضروري الوصول اليها في أسرع وقت ممكن. كون هذا الطيران يساهم في التخفيف من ازدحام السير على الطرقات العامة ويصبح وسيلة نقل أسهل تربط بين المناطق اللبنانية ما يوفر أسلوب نقل ممتع وسريع في آن للمواطن والسائح معا.
وعن الاستعدادات التي تعتزم القيام بها وزارة السياحة اللبنانية على أبواب موسم الاصطياف السياحي أعلن الوزير عبود عن السماح لكل مواطن مقيم في دول مجلس التعاون الخليجي بدخول لبنان من دون الحاجة إلى تأشيرة ضمن رحلات سياحية، إضافة إلى إمكان بقائه شهرا واحدا إضافيا وذلك من خلال ورقة توضع في جواز سفره وذلك لتسهيل اقامة السياح في لبنان. وفي السياق نفسه أشار رئيس جمعية الطيارين الخاصين في لبنان مازن السماك إلى أن مشروع ولادة السياحة الجوية في لبنان جاء من خلال إطلاق برنامج "طير فوق لبنان" الجاري الترويج له عبر كل وسائل الإعلام وشركات السياحة والسفر والفنادق على أبواب الموسم السياحي لافتا إلى أن جمعيته هي أول جمعية للطيارين الخاصين في لبنان.
وأوضح السماك أن دوافع إطلاق هذا البرنامج هي جعل لبنان جوهرة السياحة العربية كونه مليئا بمزايا تنافس أعظم وجهات السياحة في المنطقة مشيرا إلى أن برنامج "طير فوق لبنان" هو باكورة انطلاق مشاريع جمعية الطيارين الخاصين التي تأسست مؤخرا بهدف تنمية نشاطات تعود بالنفع على القطاع السياحي وتعزيز ما يعرف بالسياحة الجوية وهو نوع جديد يضاف إلى أنواع السياحة في لبنان، حيث ستعمل الجمعية على تشجيع السياحة الجوية عبر تفعيل الرحلات السياحية فوق الأراضي اللبنانية لتوفير مشهد جوي مميز للبنان. وعن متعة الركوب في الطائرات السياحية اعتبر رئيس نادي "بيروت وينغز" عماد الخضري أنها هواية ليست رخيصة الثمن إنّما ممتعة وتجمع بين العلم والهواية ولا تحمل مخاطر أثناء ممارستها متوقعا أن يكون هناك إقبال كثيف من قبل عشاق هذه الهواية خاصة على أبواب الموسم السياحي. وحول خطورة ممارسة هذه الهواية أشار الخضري إلى أن الاحصائيات تفيد بأن الطائرات لا تزال الأكثر أمنا من السيارات لافتا إلى أن النادي يقوم برحلاته وفق المعايير القانونية المطبقة من قبل إدارة الطيران المدني.
وأوضح أن النادي يقوم بـ 7 رحلات ترتفع إلى 15 يوميا خلال العطل والمواسم تمهيدا لتوسيع الخدمة خلال مرحلة لاحقة مع إمكانية تقديم خدمات أخرى في ضوء حجم الطلب المتوقع حيث تقتصر الخدمة الجوية في المرحلة الأولى على الرحلات السياحية التي تستلزم حجزا مسبقا قبل يومين من موعد الرحلة التي تتراوح مدتها حسب رغبة السائح لافتا إلى أنّ سعر الخدمة ليس مرتفعا مقارنة بالدول الأخرى فالهدف الأساسي منها ليس تجاريا بقدر السعي إلى التعريف بجمال لبنان من الجو واكتشاف المتعة التي تكتنزها هذه التجربة. وفي ما يتعلق بحجم طاقم الطائرات المجهّزة للقيام بالرحلات السياحية الجوية أفاد الخضري بأنّ هناك 7 طيارات سياحية مجهزة لاستقبال السياح من الصباح حتى الغروب وتبلغ سعة كل واحدة منها أربعة ركاب. وحول المشاريع المقرّرة من قبل النادي لتوسيع السياحة الجوية أشار الخضري إلى أنه جاري التعاون مع وزارتي الأشغال والسياحة اللبنانيتين وقيادة الجيش لتسهيل إقلاع وهبوط الطائرات السياحية من مدرجَيْ مطارَيْ بلدة رياق البقاعية وبلدة القليعات الشمالية العسكريين اختصارا للزمن والمسافة فضلا عن استيعاب أكبر نسبة من محبي هذه الهواية والسياح. أما بالنسبة لسلامة الركاب والاحتياطات المتخذة عند كل رحلة أوضح الكابتن طيار فادي الهبر أنها متعددة وأبرزها التأكد من الأحوال الجوية المناسبة للطيران والالتزام بتعليمات الملاحة الجوية والتنسيق المستمر مع برج المراقبة وفحص جميع معدات الطيران قبل كل رحلة والالتزام بكل قوانين الأمن والسلامة بالإضافة إلى الطيران في المناطق المخصصة والمحددة رسميا من قبل الجهات المختصة.
وعن أفضل الأوقات للذهاب في نزهة سياحية جوية نصح الكابتن الهبر بالتحليق في فترة الصباح الباكر أو فترة الغروب مع مراعاة تجنب أوقات الظهيرة خاصة خلال فصل الصيف بسبب الحرارة المرتفعة التي تحجب الرؤيا لأن ارتفاع الطائرة يمتد من 700 متر حتى 4000 متر عن سطح البحر أي من ألفين قدم فوق السواحل إلى 8 آلاف قدم فوق المرتفعات. وخلال تواجد مندوب واس في مطار رفيق الحريري الدولي سأل عددا ممن خاضوا غمار تجرية التحليق فعبّروا عن رغبتهم الجامحة في تكرار هذه المغامرة مجددا وتقاسم هذه التجربة وقضاء أوقات ممتعة ممزوجة بالسعادة والترفيه مع أقربائهم وأصدقائهم حيث أكدت لويس باتيري (بريطانية الجنسية) أن متعة الطيران تكمن في القدرة على مشاهدة لبنان بأوقات مختلفة وهي أفضل من السياحة في الطرقات المزدحمة على امتداد الأراضي اللبنانية مؤكدة أن السياحة من الجو تمكن من رؤية البحر والجبل في نفس الوقت سيما أن لبنان بلد صغير وبالتالي عندما تحلّق في سمائه تشعر بأن عينيك تغمران سهله وجبله وبحره في آن معا.