العقبة "المسلة"من عبدالمهدي القطامين – تتفرد السياحة الصحراوية في رم بميزة هي الاولى من نوعها في العالم من حيث السكون والتأمل في بديع صنع الخالق ، وسط تضاريس متداخلة بين الجبلية والصحراوية ، ومع هذه الميزة نمت سياحة الصحراء عبر المخيمات في وادي الرمال الوردية والتنوع في السنين الماضية ، وباتت مقصدا للسياح من مختلف الجنسيات الباحثين عن الهدوء والتأمل في واحات صحراوية تعيد للروح نقاءها وبهاءها.
إلا أن ما يعكر صفو هذا السكون ويعصف بهذه الميزة ، بحسب العاملين في قطاع السياحة في وادي القمر ، هي العشوائية التي اصبحت سيدة الموقف وباتت المخيمات أشبه بدكاكين تتسابق على كسب ود الزبون بطرق لا تخدم قطاع السياحة الصحراوية، ولا هي مناسبة لرم التي أصبحت تفتقد الكثير من هدوئها وسكونها ، وبدأت منذ زمن بعض المخيمات المقامة في المنطقة تحيي حفلات غنائية صاخبة تمتد إلى هزيع الليل الأخير الامر الذي يبدد سكون الليل وتقطع أية فرصة للتأمل وهي الميزة التي يبحث عنها السائح القادم هربا من ضوضاء المدنية إلى سكون الصحراء وهيبتها المفقودة .
"لقد تأذينا كثيرا من هذه الحفلات" ، يقول صاحب احد المخيمات في المنطقة الذي يتأسى على ميزة السكون والهدوء للمنطقة ويضيف: هذه الحفلات التي تقام بشكل أسبوعي حرمت السائحين من متعة الهدوء حتى ان معظم السياح بعد أن زارنا في المخيم أرسل بعد سفره رسالة يؤكد فيها انه لن يعود ، فما يبحث عنه في رم بات غائبا والحفلات التي تقام تؤذي المسامع وتطيح بروعة المكان.
ويؤكد صاحب مخيم سياحي اخر ، لقد ناشدنا الجهات المختصة عشرات المرات لإنهاء هذه الظاهرة وقلنا لهم من ينشد إقامة الحفلات فليقمها في أي مكان آخر إلا رم ،فهي طبيعة بكر نرغب بأن تظل كما هي وعلى الرغم من منع وزارة السياحة لإقامة مثل هذه الحفلات الصاخبة إلا أنها ما زالت مستمرة.
ويؤكد أصحاب المخيمات أن دماء مخيمات رم توزعت بين مختلف الجهات فهناك مخيمات تتبع لوزارة السياحة وأخرى تتبع لسلطة المنطقة الخاصة والتي تقع داخل المحمية وأخرى لا تتبع لأحد لأنها أصلا غير مرخصة وهذا اضر بالمنتج السياحي في رم وأصبحت العشوائية سيدة الموقف وتزاحمت المخيمات وسط إهمال شديد لموضوع النظافة وغياب الرقابة الصحية عن الكثير من مرافق تلك المخيمات.
ثم أن غياب الإنارة الكهربائية كما يؤكد أصحاب المخيمات التي تقع خارج حدود المحمية ضاعف من الوضع الصعب الذي تعيشه تلك المخيمات فعلى الرغم من مرور أعمدة الإنارة من جانب المخيمات إلا أنها أي المخيمات ما زالت محرومة منها وليس هناك اي مبررات لعدم إيصال التيار الكهربائي للمخيم الذي تحتاج العديد من مرافقه للإنارة كالمطابخ والخدمات المساندة ووسائل الاتصال وشبكة النت التي تعاني من انقطاع مستمر.
ويشير مدير السياحة في العقبة محمود الهلالات إلى ان المنتج السياحي في رم من أكثر المنتجات تفردا على المستوى الإقليمي لذلك فان المحافظة عليه تعد من أولويات وزارة السياحة ويؤكد ان مسالة ايصال التيار الكهربائي للمخيمات المرخصة من قبل وزارة السياحة تعود لأصحاب المخيمات أنفسهم ، وشركة الكهرباء جاهزة لإيصال التيار الكهربائي لكن على اصحاب المخيمات دفع التزامات مالية للشركة لتتمكن من توصيل التيار ومع ان الشركة قدمت لهم اسعارا تشجيعية الا ان تلك المخيمات ما زالت غير جادة في الموضوع.
اما بخصوص الحفلات التي تتم في بعض المخيمات وليس كلها فهناك قرار سابق من وزارة السياحة بإيقافها لكن المكاتب السياحية ما زالت تدرجها في برنامجها لزيارة رم خاصة للزوار المحليين والسياح العرب القادمين الى رم ، وفي ظل التراجع الحاد في اعداد السياح الاجانب في هذه الفترة بالذات فان السياحة المحلية هي مصدر الدخل لتلك المخيمات ، ومع ذلك كما يؤكد الهلالات فان هناك مباحثات جارية لإيجاد حل مناسب لهذه الحفلات يرضي كافة الأطراف ويحافظ على ميزة المنطقة النسبية المتمثلة بالهدوء والسكون بعيدا عن الضوضاء.