Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

تنموية دمج الثقافة في قطاع السياحة والآثار بالسعودية

كتب / د . محمد بن ناصر الجديد

141.1 مليون رحلة سياحة محلية ووافدة، و807.7 ليلة يقضيها هؤلاء السياح في المملكة العربية خلال هذه الرحلات السياحية، و1.5 مليون موظف يقومون على خدمة هؤلاء السياح، و101.3 بليون ريال إجمالي نفقات هؤلاء السياح المحليين والوافدين خلال هذه الرحلات السياحية، و9 في المائة مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي.
 

مجموعة من المستهدفات التنموية الطموحة يستهدفها مشروع تنمية السياحة الوطنية في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2020م. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار من تطوير قطاع السياحة والآثار لتحقيق هذه المستهدفات التنموية الطموحة وانعكاسات هذا التطوير على الجوانب الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية، والثقافية للعملية التنموية السعودية، إلا أن عملية تطوير قطاع السياحة والآثار ستحمل في طياتها العديد من الفوائد عندما يدمج فيها قطاع الثقافة بجميع مقوماته من الأندية، والنتاج، والفعاليات، والموارد البشرية الأدبية المختلفة.

مقترح مفاده فصل قطاع الثقافة عن وزارة الثقافة والإعلام لتصبح ”وزارة إعلام” بما يمكنها من التركيز على تطوير قنوات الاتصال والتوجيه المحلي والدولي، ونمو محتواها بما يتوافق ومصالح المملكة العليا. ثم دمج قطاع الثقافة في الهيئة العامة للسياحة والآثار لتصبح ”الهيئة العامة للسياحة والآثار والثقافة” بما يمكنها من تطوير المنتج السياحي التراثي السعودي لبلوغ رؤيته التنموية بحلول عام 2020م.

يحمل المقترح في طياته مجموعة من الفوائد الهادفة، ليس فقط لتحقيق مستهدفات قطاع السياحة والآثار التنموية الطموحة فحسب، وإنما لتطوير قطاع إنتاجي يسهم في أداء دور رئيس في العملية التنموية السعودية لبلوغ رؤيتها الطموحة بحلول عام 2025م، ”رؤية 2025”.

مقترح يستأنس الطرح من خلال نظرة تاريخية لقصة نمو قطاع السياحة مطلع العقد الماضي وما احتوته هذه القصة من تحديات فنية وتشغيلية وآليات مواجهة عملية تطورت بعد دمج قطاع الآثار والمتاحف في قطاع السياحة ضمن الهيئة العامة للسياحة والآثار وإيجابيات هذه الدمج التي جسدتها صور عديدة تحدث أمام أعيننا كل يوم.

إحدى هذه الصور ما حدث في قلب العاصمة السعودية الرياض مطلع العام الحالي من تظاهرة ثقافية في طابعها، لكنها تنموية عندما ننظر نظرة شمولية لهذه الصورة وفرصها التنموية التي طرحتها والتي متى ما استثمرت استثمارا أمثل ستكون مساهما تنمويا رئيسا في العملية التنموية السعودية العقد المقبل، بعون الله تعالى وتوفيقه.
 

دعونا ننظر إلى هذه الصورة وأبعادها التنموية قبل الخوض في مقترح دمج قطاع الثقافة في قطاع السياحة والآثار. شهد قلب العاصمة السعودية الرياض شهر كانون الثاني (يناير) من العام الحالي إقامة ”معرض الحدائق الأندلسية”؛ بهدف تفعيل الحوار الثقافي بين الشرق والغرب. جسد المعرض سمات التقنية الزراعية الفريدة في الأندلس إبان العصر الذهبي للأندلس وإسهامات هذه التقنية في استدامة الاقتصاد الأندلسي.

وعندما نخرج من معرض الحدائق الأندلسية نجد أنفسنا داخل ”المتحف الوطني”. متحف وطني يهدف إلى إبراز المظهر الحضاري والتاريخي للمملكة وتوعية وتثقيف المجتمع بها.. ثم تواجهك ”دارة الملك عبد العزيز” عندما تخرج من المتحف الوطني من البوابة الغربية. دارة إشعاع تهدف إلى خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة، بصفة خاصة، والبلاد العربية والإسلامية، بصفة عامة.

وإلى الجنوب من الدارة يوجد ”قصر المربع”. قصر يمثل تحفة معمارية أثرية ومركز تاريخي في إرساء قواعد وأسس الحكم في المملكة. ثم تواصل المسير جنوبا بعبور طريق الملك سعود بعد أداء الصلاة في ”مسجد الملك عبد العزيز” نحو ”مكتبة الملك عبد العزيز العامة”. مركز إشعاع معرفي وثقافي يركز على التراث الإسلامي والعربي وتاريخ المملكة ومؤسسها الملك عبد العزيز.

ثم تسير شرقا لتأخذ قسطا من الراحة في حديقة الوطن. هذه الحديقة التي تضعك على خريطة المملكة لمشاهدة مجسمات عينية لأبرز معالم مدن ومناطق المملكة قبل أن تكمل الجولة جنوبا نحو ”مركز الأمير فيصل بن فهد الثقافي” لحضور إحدى فعالياته الثقافية الدورية. ثم تتجه شرقا نحو ”برج مياه الرياض”؛ للوقوف على أحد معالم العاصمة الرياض الرئيسة.

تطوي هذه الجولة السياحة التراثية الثقافية في ”مركز الملك عبد العزيز التاريخي” وما يمثله من منبر للتعريف بتاريخ المملكة ودورها والأسس التي قامت عليها باللجوء لأحد مراكز الإيواء السياحي في مدينة الرياض بعد تناول وجبة عشاء شهية في مطاعم أحد مراكز التسوق المنتشرة في طرقات المدينة.

عديدة هي الفوائد التنموية عندما ننظر إلى هذه الجولة السياحة التراثية الثقافية في ”مركز الملك عبد العزيز التاريخي” من منظور تنموي نستهدف منه تطوير قطاع السياحة والآثار ليصبح قطاعا إنتاجيا يسهم في أداء دور رئيس في العملية التنموية السعودية لبلوغ رؤيتها الطموحة بحلول عام 2025م، ”رؤية 2025”.

فهذه الصورة مثال نراه أمام أعيننا يجسد حالة من التكامل والتلازم لثلاثة قطاعات تنموية دمجت في منظومة واحدة لتؤدي دورا تنمويا أكثر فاعلية من عمل كل قطاع على حدة. صورة وصف مفهومها الثقافي الدكتور عدنان القرشي والدكتور عبد الله العساف بعد زيارتهما مركز الملك عبد العزيز التاريخي بقولهما ”إن مفهوم الثقافة لا يتحدّد بفعالية معيّنة محدّدة في زمن معيّن محدود أيضا ولا يرتبط أيضا بجهة معينة، وإنما يتبلور من خلال كافة الفعّاليات المتنوّعة العمرانية، والعلمية، والتقنية، والحضارية، والاقتصادية التي تتفاعل معا، وتتكامل لترسم مناخا مميّزا هو التطوّر الثقافي الفعلي ”(رحلة إلى مركز الملك عبد العزيز التاريخي، صحيفة الجزيرة، عدد 10177).
 

وعندما ننظر إلى حالة التكامل والتلازم هذه بمنظور شمولي على مستوى العملية التنموية السعودية، آخذين في عين الاعتبار البنية التحتية القائمة لقطاع السياحة والآثار والمعرفة التي تطورت بشكل تدريجي في اقتصادات السياحة والآثار طيلة العقد الماضي فإننا نخلص إلى أهمية تواجد قطاع الثقافة بجميع مقوماته من الأندية، والنتاج، والفعاليات، والموارد البشرية الأدبية المختلفة متكاملا ومتلازما لقطاع السياحة والآثار بما يضمن مساهمة أكثر فاعلية في تنمية هذا القطاع العريق في العملية التنموية السعودية.

وعلى الرغم من جهود وزارة الثقافة والإعلام في تكامل وتلازم العمل الإعلامي مع شقيقه الثقافي لدعم العملية التنموية السعودية، إلا أن هذا الدعم سيحقق مردودا تنمويا أكثر فاعلية عندما يتم استثمار البنية التحتية لقطاع السياحة والآثار في نشر الثقافة السعودية واستدامة تعاليمها من خلال جعلها عامل جذب استراتيجيا داخل المملكة لقطاع السياحة والآثار، وفي الوقت ذاته جعلها مركز ترويج سياحيا وتراثيا للاقتصاد الوطني خارج المملكة.

الاقتصادية
 

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله