دمشق / المسلة
مشاهدات يومية بعد ثلاثة أسابيع من العمل المتواصل نقلها طلاب مركز أدهم إسماعيل للفنون بدمشق بتقنيات ومواد وألوان مختلفة على علب الكبريت ضمن المعرض المقام حاليا بعنوان يوميات في علبة كبريت بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس المركز.
ويأتي هذا المعرض تتويجا لورشة عمل أقيمت ضمن مشروع مختبر الفنون المعاصرة الذي أطلقه مركز أدهم إسماعيل للفنون منذ سنتين بهدف إخراج الطلاب من الطرائق التقليدية والأكاديمية البحتة في الرسم وتقريبهم من التجارب الفنية المعاصرة الحاصلة في العالم.
وشارك في هذا المشروع 33 طالبا من أصل 70 طالبا يشكلون العدد الكلي لطلاب المعهد ويلاحظ تنوع مشاهدات المشاركين وأفكارهم المرسومة على علب الكبريت فمنهم من رسم تفاصيل حياته اليومية ومنهم من رسم دمشق القديمة والخيول العربية إضافة إلى التعبير عن فكرة الخلق والولادة والموت عن طريق مجسمات صغيرة من المعجون وضعت داخل علب الكبريت وغيرها من الأفكار الخلاقة والمعبرة كما ترك للطلاب حرية اختيار نوع الألوان أو إضافة مواد أخرى إلى جانب المادة الرئيسية المطلوبة وهي علب الكبريت.
وقالت مديرة المركز ريم الخطيب المشاركة بالمعرض.. هذا المعرض نتاج لورشة اسمها يوميات في علبة كبريت وهي مشغولة ضمن إطار مشروع واسع بدأ المركز به منذ سنتين اسمه مشروع مختبر الفنون المعاصرة وهو يركز على أن نطور بأدواتنا الفنية سواء على صعيد التقنية أو المواد أو الأفكار بهدف هدم الهوة بين ما يحصل بالفن في العالم والدول العربية والتعليم الكلاسيكي الذي يتلقاه الطلاب في المعهد لأنه يساعدهم ليكونوا رسامين إلا أنه لا يساعدهم على بناء عمل فني والتعبير عن أفكارهم.
وتابعت.. كوني مشاركة بالورشة تبدو علبة الكبريت للوهلة الأولى تافهة ولكنها حقيقة تضع الفنان أمام تحد كبير لصغر حجمها وعدم تحملها كمية كبيرة من المعلومات ونحن ركزنا على ألا نغرق بالزخرفة فجاء موضوع المشاهدات اليومية وهو أن يجمع المشاركون سكيتشات لمدة خمسة أيام ثم منها نبني موضوعا وبهذا نعلم الطالب العمل بشكل منهجي فهذا المشروع استغرق من الطلاب ثلاثة أسابيع وبالنهاية تجد طلابا لديهم عشر علب كبريت وطالب لديه علبة واحدة.
بدوره أشار النحات غزوان علاف مدرس قسم النحت بالمعهد والمشارك بالمعرض إلى فكرة الربط بين المشاهدات اليومية والكبريت لافتا إلى أن المركز لم يطلب من الطلاب عملا اعتباطيا أو خياليا أو تراثيا وإنما اقترح عليهم مراقبة الأحداث اليومية إضافة إلى دور علب الكبريت بتعليمهم الرسم على المنمنمات وهو فن عريق جدا ونوع هام من الفنون.
بينما أوضح الفنان محمد الوهيبي مدرس رسم بالمعهد أن كل شيء موجود في الطبيعة يصدر طاقة ومنطقا جماليا و ينمي احترام الإنسان للأشياء التي يراها مشيرا إلى أن علبة الكبريت لها علاقة بالاشتعال الساكن لأن الموجود داخلها مسالم وساكن ولكنه مليء بالطاقة ومن هنا كانت علبة الكبريت مادة ذا أبعاد جمالية وفكرية إضافة إلى تشكلها من ستة أسطح والرسم على بعض الأسطح دون غيرها يعكس اهتمامات الطلاب وميولهم كالرسم على ثلاثة أسطح الذي يقترب من النحت 3 أبعاد والرسم على سطح واحد يعبر عن صورة وهكذا.
وأجمع العديد من الطلاب المشاركين كحمدان عساف وخالد الحلبي وفاطمة التوتنجي وغيرهم على أهمية الورشة ودورها في فتح آفاق جديدة لهم وتجربة مواد وتقنيات وطرائق مختلفة ومميزة عن الطريقة الكلاسيكية في الرسم التي يتعلمونها مؤكدين تفاجؤهم بفكرة الرسم على علبة الكبريت وشعورهم بالارتباك في البداية ثم خروجهم بنتائج وأفكار جميلة في نهاية الورشة.
كما كرمت مديرية الثقافة أعمال الطلاب المميزة في هذا المعرض إذ حصل المشاركون على دفتر اسكيتشات وألوان زيتية بحضور مدير المراكز الثقافية بدمشق هشام التقي الذي قال.. تعودنا على الأنشطة الثقافية والفنية المميزة في معظم مراكزنا وما شاهدناه اليوم هو فن رائع وجميل وفكرة انطلقت للذكرى الخمسين لتأسيس هذا المعهد وما لمحناه في إبداعات الدارسين يؤكد على أن هذا المركز له عطاءات رائعة وجميلة ومن يدرس فيه له مستقبل فني كبير.