بعد وفاة عشرات المعتمرين في رحلة العودة من الأراضي المقدسة، تمنيت أن يناقش الرئيس مبارك مشكلة العمرة والحج باعتبارها أزمة مزمنة تودي بحياة المئات وتهدر أموال وسمعة مصر في الخارج. فإذا بنا نفاجأ أن الرئيس يهدي الي نواب البرلمان خلال اجتماعه بالهيئة البرلمانية للحزب الوطني 5 تأشيرات للحج لتوزيعها علي معارفهم في دوائرهم، هذه التأشيرات تعمل الحكومة جاهدة علي توفيرها من السلطات السعودية حاليا فإذا كانت خاصة بنواب مجلس الشعب فمعني ذلك أننا بحاجة الي 2270 تأشيرة وفي حالة مساواة نواب الشوري بأمثالهم تضاف اليها 1110 تأشيرات أخري. قد تكون هدية الرئيس مقبولة للنواب اذا اهتمت حكومته بتوزيع التأشيرات التي نحصل عليها بالفعل وتصل حاليا الي 60 ألف تأشيرة بأن تصل للناس بعدالة فلا نراها تتجه بالمجان الي كبار المسئولين والضباط وتباع في السوق السوداء الي شركات السياحة بسعر يصل الي 10 آلاف جنيه لحجاج الرحلات الفاخرة التي تصل رحلة الفرد منهم الي 100 ألف جنيه. وقد سبق أن جرب النواب هذه الهدايا فكانت تباع جهارا نهارا في السوق السوداء حتي رأينا نائب التأشيرات إياه الذي تاجر بها مع إحدي شركات السياحة بالصعيد حتي تم فصله من مجلس الشعب في بداية العقد الحالي. وتوزيع التأشيرات علي النواب لا يتم إلا علي رغبة الحكومة في إلهائهم والضحك عليهم، وإلا كان الأولي لهم أن يحصلوا علي عقود عمل للناخبين في دوائرهم فذلك أفضل وأكرم. واذا كانت الحكومة تريد ولاءهم مع بداية الدورة البرلمانية فليس عليها أن تخلط الحابل بالنابل، وهي تعلم أن تأشيرات الحج لم يستفد منها الا اقارب النواب علي افضل تقدير وسماسرة الحج أيضا. من هنا تبقي قضية الحج والعمرة معلقة، فلا ينظرها الرئيس ولا تهتم بها الحكومة وهذا ما جعل غرفة شركات السياحة التي تضم اعضاء مسئولين عن كوارث العمرة يرسلون تهنئة الأسبوع الماضي بنجاح موسم العمرة للشركات المنظمة للرحلة وبعضها أدين بسوء الإدارة وترك المسافرين للموت علي الطرق في السعودية والأردن. وحتي الآن لم تفتح وزارة التضامن الاجتماعي تحقيقا مع النصابين علي المعتمرين رغم أن واحدا منهم بذقن طويل جدا حصل علي 9 ملايين جنيه من 3000 معتمر وخلع، ومازال يعيش آمنا مطمئنا في محافظة البحيرة. إذن نحن أمام حكومة لا تهتم بالناس الذين يتساقطون موتا في الرحلة المقدسة، وجل همها رشوة النواب والتستر علي الفساد، إما بإهمال شكوي المظلومين أو كف يديها عن مطاردة لصوص فرحة وعرق المواطن. ** كان الأولي بالرئيس أن يطلب من النواب تشكيل لجان فنية لمتابعة سفر المعتمرين والحجاج وتوزيع التأشيرات عليهم من وزارات الداخلية والسياحة والشئون الاجتماعية بالقسط. وأجدر لهم أن يكونوا رقباء علي الرحلات حتي لا تنفلت أسعارها كما حصل الآن وتؤدي الي اهدار حوالي 9 مليارات جنيه سنويا في الحج والعمرة بينما يمكن أن تقل التكلفة الي النصف وتنتهي المشقة المفروضة علي المسافرين فرض عين كل عام. لقد بدأت الدورة البرلمانية برشوة انتخابية وسوف تستمر برشاوي مثلها لأن النظام يقف عاجزا عن محاربة الفساد واقتلاعه من جذوره وبينما يزداد الوضع ترديا يكون البسطاء أكثر الخاسرين. بحث متقدم