في كل المعارض الدولية والمناسبات السياحية العالمية التي تشارك فيها مصر، كان السؤال المتكرر في كل هذه المناسبات هو عن عودة الرحلات النيلية الطويلة، من القاهرة حتي الأقصر ثم أسوان.. السؤال يوجه دائما من منظمي الرحلات الذين يتجمع لديهم طلب كبير علي هذه الرحلات.. ولا يجدون ردودا مقنعة لتساؤلاتهم.. وكانت الإجابة الدائمة، هي أنه تجري عملية تطوير مجري النيل لتحديد مجري ملاحي لهذه الرحلات من القاهرة حتي الأقصر. كان هذا جزءا من الحقيقة.. وليس الحقيقة كلها.. فمجري النيل في حاجة فعلا إلي تطوير وإلي تجديد المجري الملاحي.. لأن النيل تتحكم فيه عوامل طبيعية تجعله سريع التغيير لمجراه الصالح للملاحة.. ولكن مشروع تحديد المجري الملاحي.. الصالح للملاحة.. مشروع نسمع عنه منذ الثمانينات.. نحو ثلاثين سنة.. ونحن نسمع هذا الكلام. ولو أن المشروع يتضمن حفر مجري ملاحي وتعميقه داخل النيل لكان قد تم منذ زمان طويل، ولكن هذه كانت الإجابة الدائمة علي الذين يسألون عن عودة الرحلات النيلية الطويلة.. وهي إجابة لا تقدم كل الحقيقة.. وتخفي أن هناك جهات عديدة تعترض علي عودة هذه الرحلات.. في مقدمتها أجهزة الأمن بطبيعة الحال التي تريد أن تطمئن إلي سلامة هذه الرحلات وعدم تعرضها لأي مشكلات تؤدي إلي التأثير علي مجمل الحركة السياحية.. وهو حذر في مكانه تماما.. كما اننا يجب أن نضعه في اعتبارنا تماما.. حتي وأن كنا نتعجل عودة هذه الرحلات. كل الوزارات وافقت علي الرحلات النيليه الطويلة وقد كانت أول مرة أسمع فيها إجابة مختلفة عما اعتدنا سماعه عن هذه الرحلات، خلال لقائنا بوزير السياحة زهير جرانه في الاجتماع الشهري لنادي الكتاب السياحيين الذي أقيم في فندق النيل هيلتون منذ أيام.. إذ لأول مرة أسمع أن وزارة الداخلية وافقت علي عودة هذه الرحلات.. وهنا لابد أن نحمد الله لأن هذه هي الخطوة الأولي والرئيسية.. وبغيرها لن تعود هذه الرحلات مهما كان الاستعداد لها.. ونحمد الله أن الوزير.. زهير جرانه قد أعلن أن باقي الوزارات المعنية وافقت.. وأن خطوات عودة هذه الرحلات قد تسارعت وأنه أوفد بعثتين متتاليتين للقيام بإجراء عمليات مسح للمناطق التي ستتوقف عليها الفنادق العائمة في رحلتها من القاهرة إلي الأقصر ثم بعد ذلك إلي أسوان وتحديد مدي احتياجها إلي عمليات تطوير وارتفاع بالمستوي.. والجزء من الأقصر إلي أسوان جنوبا، أو من الأقصر إلي دندرة شمالا.. هو الجزء الذي تعمل عليه رحلات الفنادق العائمة الآن.. أما باقي مسار الرحلة من القاهرة.. فهو في حاجة إلي إعداد سريع لمواقع المراسي التي ستتوقف عليها هذه الفنادق العائمة.. وهو لاشك في حاجة إلي أمرين.. أولهما تطوير المراسي القائمة والتي توقف استخدامها لفترات طويلة منذ أوقفت هذه الرحلات.. وثانيها النظر في إضافة مراسي إضافية علي امتداد الطريق.. حسبما تتبين الحاجة إلي التوقف.. أو الحاجة إلي تقديم فرصة زيارة مدينة أو معلم سياحي علي امتداد مسار الرحلة من القاهرة.. وهذا التوقف لا شك سوف ينعش المناطق التي تتوقف فيها هذه الفنادق. تحسين مداخل المحافظات علي امتداد الرحلة وسوف تكون المحافظات التي تتوقف فيها هذه المراسي مطالبة بسرعة تطوير واجهات ومداخل المدن التي تتوقف فيها وكذلك مسارات الزيارات في هذه المناطق.. كما أنها سوف تكون بحاجة إلي عمليات توعية سياحية لابد منها علي مستوي الصغار في مدارسهم.. أو مستوي الكبار الذي سيتعاملون مع السياح بعد طول غياب.. وهذه عملية جوهرية.. أشبه بعملية تعبئة قومية لابد لكل الأجهزة والوزارات والأحزاب والجمعيات الأهلية، فضلا عن المدارس والجامعات، لابد من المشاركة فيها للجميع.. لأن نجاح الرحلات من ناحية، واستمرار الزيارة لهذه المدن والمناطق السياحية من ناحية أخري كلاهما يتوقف علي مدي حسن معاملة أهاليها وتجارها للسياح.. وإلا فسوف نجد من يطالب بعدم نزول السياح إلي الشاطئ واستمرار الرحلات في السير دون توقف، أو بتوقف دون نزول، حماية للسياح مما قد يتعرضون له من معاملة لا تتفق والمستويات السياحية المطلوبة. > وقد كانت هذه قضية حسمها لقاء الكتاب السياحيين بالوزير وكان هناك قضايا أخري في هذا اللقاء ولكننا قبل أن ننتقل إلي قضية أخري نستكمل ما دار في هذا اللقاء حول السياحة النيلية.. بشكل عام.. وقد سئل الوزير عن مدي التحسن الذي طرأ علي هذه السياحة التي تعاني منذ عدة سنوات لأسباب عديدة.. في مقدمتها بلا شك أزمة المراسي، واضطرار الفنادق العائمة إلي الإصطفاف إلي جوار بعضها في المراسي.. مما يحجب الرؤية عن نزلاء الفنادق، وينقل إليهم ضجيج ماكينات الفنادق كلها إلي غرفهم.. ولا يستطيع أي فرد من النزلاء فتح ستارة كابينته، لإنه إن فعل فسيجد جاره في الكابينة المواجهة له في الفندق الملاصق لفندقه وكأنه معه في كابينته، فيضطر إلي إغلاقها.. زيادة الإشغال في الأقصر وقد أجاب زهير جرانه بإن الوضع في العام الحالي في الفنادقة العائمة تحسن بنسبة 9% زيادة عن العام الماضي. ويرتبط بذلك ما حدث للأقصر من زيادة كبيرة من نسب الإشغال في فنادقها الثابتة وصلت إلي 100% في شهر مارس الماضي. وهو أمر لم يحدث منذ إحدي عشر عاماً.. وكانت فنادق الأقصر (الثابتة) تشكو من تأثير الفنادق العائمة عليها.. كذلك الحال في أسوان.. ولكن ها هي نسب الإشغال ترتفع في الاثنين معاً.. العائمة والثابتة.. مما يبشر بإستعادة الأقصر للإقبال الذي يتناسب وأهميتها التاريخية الأثرية.. > ويرتبط تحسن نسب الإشغال، بتحسن مستوي الأسعار في الفنادق بشكل عام. وقد أوضح زهير جرانه وزير السياحة أن مستوي الأسعار في الفنادق زاد بنسبة تتراوح بين 20% و 40% وأن السوق استوعب هذه الزيادة وتقبلها، والمهم أن يشعر السائح بأن ما دفعه قد أخذ أكثر منه. وأن مستوي الخدمة يرقي إلي المستويات العالمية. وهنا يأتي دور التدريب ودور تقييم الفنادق.. فالتدريب أمر حيوي وجوهري ولابد منه للإرتفاع بمستوي الخدمة.. وتقييم الفنادق واعطاءها درجاتها يستلزم أيضاً المحافظة علي مستوي الخدمة لأنه أصبح الآن جزءاً هاماً من التقييم. ويرتبط بالأقصر أيضا إقامة مشروع المراسي لمواجهة حاجة الفنادق العائمة إلي المراسي بدلا من الوضع الحالي الذي أثر علي جودة هذا المنتج الذي كان في يوم ما أغلي مفردات المنتج السياحي المصري، كما أن الوضع الحالي للفنادق العائمة ورسوها في صفوف متجاورة يحمل في طياته خطورة أمنية، إذ عند حدوث حريق في واحدة منها تمتد إلي الباقين. لماذا لا تقف الفنادق العائمة وسط النيل؟ وهناك مشروع لإنشاء المراسي في الأقصر. وصفه زهير جرانه بأنه مشروع قومي ويستغرق تنفيذه خمس سنوات.. وقد يدفع هذا إلي سؤال: وهل تستمر الأوضاع الحالية المقلقة كما هي عليه الآن؟ لابد من البحث عن حل. وهناك مشروع إقترحه المح معايير جديدة لبيع أراضي التنمية وكان هناك سؤال عن الأسلوب الجديد لبيع أراضي هيئة التنمية السياحية.. والخوف من أن يصل أسلوب المزاد إلي هذه الأراضي فتتعطل التنمية السياحية.. وهو خوف عبر عنه الزميل العزيز جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين والذي أدار الندوة، ولكن الوزير أعلن أن مجلس إدارة هيئة التنمية السياحية يعيد دراسة معايير جديدة مقترحة لتوزيع أراضي الهيئة علي المستثمرين ويدرس ضوابط المفاضلة بينهم وأسس تحديد الأسعار للقطع المتميزة والمتبقية في المناطق التي اكتملت بها التنمية السياحية.. وسيعقد المجلس اجتماعا في وقت قريب لهذا الغرض ربما في نهاية الأسبوع الحالي. وأشار وزير السياحة إلي أن هيئة التنمية السياحية قامت بدور بالغ الأهمية في تنمية المناطق السياحية وقدمت 28% من إجمالي الغرف السياحية في مصر التي وصلت الآن إلي 184 ألف غرفة. منها 51 ألف غرفة مبنية في مناطق التنمية السياحية وذلك بخلاف 75 ألف غرفة أخري تحت الإنشاء وبخلاف انجاز 33 ألف وحدة سكنية سياحية. ومع كل التوسع في مناطق التنمية السياحية فأن هناك مناطق أخري خارجها في حاجة إلي المزيد من الطاقة الفندقية ويأتي علي رأسها مدينة القاهرة التي قدر زهير جرانه وزير السياحة احتياجها إلي ما لا يقل عن 30 ألف غرفة خلال الفترة القادمة خاصة مع افتتاح مبني مطار القاهرة الجديد الذي سيرفع طاقته إلي حوالي 20 مليون مسافر، ويؤكد هذا الحاجة الماسة إلي الغرف الفندقية الجديدة في القاهرة لمواجهة احتمالات المستقبل القريب. مهرجان السياحة والتسوق وتناول زهير جرانه في لقائه الكتاب السياحيين، مشكلة مهرجان السياحة والتسوق وقرار الغاء تنظيمه هذا العام فأشار إلي أن المهرجان يحتاج إلي نظرة مخالفة تماما عما كان يجري عليه في السابق. ولهذا فإنه لن يقام هذا العام انتظارا لتحديد موعد جديد مناسب بدلا من الموعد السابق الذي كان يأتي في ذروة الموسم السياحي ويطلب فيه إلي الفنادق ان تخفض اسعارها بينما هي لا تجد غرفا لمواجهة الطلب عليها.. وقال الوزير انه سلم رئيس اتحاد الصناعات ورئيس اتحاد الغرف السياحية المواعيد الجديدة المقترحة ليتم الاتفاق علي موعد جديد منها، وسيتم إنشاء جهاز إداري وفني دائم للمهرجانات يتولي التخطيط والتسويق لها.. ووضع خططه ويتلافي السلبيات السابقة. وفي لقائنا بزهير جرانه وزير السياحة كثير من القضايا التي سنعود إليها في مرة قادمة بإذن الله. صـلاح عـطية [email protected] بحث متقدم