Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

تأصيل التفاعل بين السياحة والبيئة الطبيعية..دراسة جديدة بقلم ابوالمعاطى شعراوى

(ليس خفيا أن السياحة العالمية كظاهرة اجتماعية قد جاوزت نقطة اللاعودة ، وأصبحت وفق الإحصاءات الرسمية الدولية بالنسبة لمختلف دول العالم أكبر صناعة في العصر الحاضر. ومع ذلك فانها لازالت فى مفترق الطرق لأنها تستهدف تحديات كثيرة بعضها دولى وبعضها تحديات خاصة بكل دولة على حدة …)فالسياحة لم تساهم فقط فى صنع التقدم الملحوظ فى اقتصاديات دول العالم مثل أسبانيا وإيطاليا والنمسا والصين، بل تغيرت كميا وكيفيا فمن المتوقع حسب ما أصدرته منظمة السياحة العالمية أن تبلغ حركة السياحة الدولية نحو 1 بليون سائح عام 2010، وبذلك أصبحت السياحة ظاهرة دولية جديدة تلح بضرورة أن تظهر فى أبدع وأزهى لباسها أمام مرآة الواقع الدولى ، ولم يأت هذا التغير بمحض الصدفة أو جزافا … بل نتيجة التغير الطاريء على أذواق وتوقعات السائحين ، والتقدم التكنولوجى المذهل ، ونتيجة اشتداد المنافسة بين المقاصد السياحية فى العالم والتى تتصارع فيما بينها لزيادة نمو نصيبها السوقى. ولا يمكننا أن نغفل متغيرين أساسيين آخرين أثرا ويؤثران على طبيعة وتراكيب السياحة الدولية وهما : – الاتجاه نحو حماية البيئة – العمل على امتداد التواصل السياحى sustainability الذى يقوم على بيئة خصبة وصالحة للنمو السياحى . والسؤال الآن : ما دامت البيئة تلعب دورا فعالا فى حركة السياحة الدولية ، وكذلك لا يمكن تحقيق السياحة المتواصلة إلا بوجود مناخ بيئي يلائم مراحل النمو السياحي … فهل من الممكن تحقيق وتأصيل التفاعل بين السياحة والبيئة ؟؟؟ البيئة الطبيعة يمكن تعريفها بأنها ” مجموع العناصر الطبيعية والبيولوجية والحضارية والتاريخية التى تؤثر فى الإنسان فى تعايشه مع الكائنات الحية الاخرى فى محيط طبيعى وصناعى متجانس يساهم فى البقاء والصحة لكل عنصر من تلك العناصر مما يحقق التناغم والتوازن الطبيعى الذى خلقه الله سبحانه وتعالى ” ولا شك أن بين البيئة- بمعناها السابق- وبين السياحة أواصر وصلات وثيقة وقوية . فمن ناحية تعتبر البيئة الطبيعية موردا أساسيا من الموارد التى تعتمد عليها التنمية السياحية فى المقصد السياحى وتوسيع قاعدة حركة السياحة الدولية فيه ، ومن ناحية أحرى فأن استخدام السياحة للبيئة الطبيعية قد يسبب تدهورا شديدا لدرجة أن تقتل السياحة نفسها . ومن هنا يظهر بوضوح علاقة تبادل المنفعة بين السياحة والبيئة الطبيعية ، وقد ظهر ذلك من دراسات المسح السياحى Tourism Survey التى أجريت فى كثير من المقاصد السياحية ، وجاء ذلك فى تقرير منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية فى أوروبا عن البيئة 1980. إذ تضمن هذا المسح اختلافات بين إجابات السائحين بقطع النظر عن جنسياتهم المختلفة . وقد كانت العناصر الرئيسية فى جذب أنظار السائحين كما يلي:- 1. مدى جمال وجذب الطبيعة. 2. جودة المناخ وعدم تلوث الهواء والمياه 3. مدى الراحة التى يتيحها المقصد السياحى. 4. تكلفة الرحلة. وبينما أن البيئة هى منتج قابل للفناء Perishable Product فإنه من الصعب إصلاحها وإعادتها إلى صورتها التى كانت عليها إذا لم تتم المحافظة عليه أو إذا حدث فيها تنمية تتجاوز طاقتها القصوى الحاملة مما يحدث خللا فى التوازن البيئي . وإذا كانت التنمية السياحية ضرورة حيوية لخدمة الإنسان والمجتمع ، فانه يلزم اتباع قواعد التخطيط العلمى المتعدد الجوانب والمؤسسة على تشخيص دقيق للاحتياجات التى تنعكس وتتبلور فى أهداف سياحية وبيئية عامة ومحددة تفترض توفر بيئة طبيعية صالحة لتنمية سياحية متوازنة ومتصلة . وبالتالى فما ينجم عن النشاط السياحى من تلوث وتدمير للموارد الطبيعية الشاطئية والجبلية وتدهور تدريجى للتراث الطبيعى والحضارى ، والأضرار المترتبة على مشروعات التنمية غير المخططة تخطيطا سليما . وعلى عكس ما تقدم ، فإن التنمية السياحية يمكنها ان تلعب دورا محوريا وجوهريا إيجابيا فى سياسة الحفاظ على البيئة ولعلنا ندرك تلك الفوائد الجمة التى تترتب عن ممارسة تنمية سياحية مخططة تخطيطا علميا ومن هذه الفوائد على يبل المثال لا الحصر : – التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تنتج عن زيادة الطلب على السلع والخدمات . – الاغتناء الحضارى وتقوية العلاقات الانسانية بين السائح والمواطن المحلى. – التأثير المباشر على الإقليم والبيئة . – توقف ظاهرة التصحر . وفضلا عن ذلك فإن السائح الجديد فى توقعاته المتزايدة ودوافعه المتعددة ومعلوماته وثقافته الواسعة أصبح يتطلب قدرا أعلى من جودة الخدمة السياحية التى أصبحت هى العامل الحاسم فى خضم المنافسة الدولية بين المقاصد السياحية . ولعل حرص السائحين المتزايد على مراعاة الصحة يدعوهم إلى وضع جودة البيئة الطبيعية فى بؤرة اهتماماتهم إلى جانب جودة الخدمات السياحية مما يجعل ذلك بالضرورة أسس السياحة الجديدة لكل مقصد سياحى . ومما سبق يمكننا أن نصل إلى حقيقة لا يمكن أن نغفلها أو نلهو بعيدا عنها أو أن يمر بها العقل مر الكرام دون أن يقف متأملا ومحاولا تحقيقها ألا وهى أن السياحة والبيئة وجهان لعملة واحدة ومن أراد أن يفك صك هذه العملة فانه حتما يقضى بالموت المؤكد لاحدى وجهى هذه العملة ، فلا يمكننا أن نتصور أن تعمل واحدة دون الأخرى. ويلزم لذلك وضع خطة تنفيذية فعالة لمسيرة العمل بين السياحة والبيئة فى كل دول العالم ، وذلك بتضافر الجهود بين أجهزة شئون البيئة ووزارات السياحة فى كل دول العالم النامى والمتقدم منها ، ولا يفوتنى فى هذا المقام إلى أن أشير بالبنان لتلك التجربة الناجحة التى تبنتها مصر لتجعل من السياحة صمام أمن فعلى للبيئة ،وذلك فى تنفيذها ما يعرف بالفندق البيئي فهو نمذج جدير بالدراسة والتطبيق لكل دول العالم للوصول إلى حقيقة مهمة وهى أن السياحة صديقة حميمة للبيئة لتحقيق تنمية سياحية متواصلة للأجيال والأجيال القادمة ،( فإننا لا نرث هذا العالم من أسلافنا وانما نحن نقترضه من أولادنا ) .أبوالمعاطى شعراوى اخصائي سياحة دولية – هيئة تنشيط السياحة المصرية

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله