كتب – صلاح عطية * دفعتني كلمات قرأتها عن السياحة في لبنان. أن أعاود الكتابة عن هذا البلد العربي الشقيق. الذي نشعر جميعا بالحب والتقدير له. ونتمني له جميعا الاستقرار والازدهار. * وقد رأيت فيما كتب بعض ما لا يتفق مع المنطق.. ولا مع الحقائق التي يفترض أن يلم بها من يتصدى للكتابة في موضوع ما.. خاصة إذا كان هذا الموضوع يخرج عن تخصصه.. حيث تصبح المسئولية هنا مضاعفة.. لأن عليه أن يدرس ويستوعب قبل أن يكتب.. وإلا فضح نفسه بنفسه. وظهر جهله فيما يتناوله دون أن يحسن درسه.. * ولبنان الشقيق تعداد مواطنيه ثلاثة ملايين ونصف المليون.. ومع ذلك كتب البعض أنه زاره هذا الصيف ثلاثة ملايين سائح.. هي مغالطة فاضحة بكل المقاييس.. لأن لبنان لا يملك إلا نحو 22 ألف غرفة فندقية أي نحو عشر ما تمتلكه مصر من طاقة فندقية.. وتتوجه باقي الحركة السياحية في لبنان إلي البيوت المستأجرة وأيضا المملوكة لبعض السائحين الوافدين من دول الخليج وغيرها.. وهذه في جميع الأحوال لا يمكنها أن تستوعب ثلاثة ملايين سائح في الصيف. * وكان لبنان يتوقع أن يزوره هذا الصيف نحو مليون سائح. ولكن كل ما وصل لبنان من سياح خلال هذا العام وفي سبعة شهور حتي آخر يوليو وطبقا لما أعلنه إيلي مارون وزير السياحة في مؤتمر صحفي عقده في بيروت كان مليونا وأربعمائة ألف سائح.. وتوقع الوزير أن يصل العدد حتي نهاية العام الحالي إلي مليوني سائح ليكون عاما قياسيا. يأتي عقب سنوات الأزمات التي ابتعد فيها السياح عن لبنان. لبنان يعاني قلة الفنادق * ونظرا لأن لبنان يعاني من نقص الطاقة الفندقية فإنه جري تشجيع الاستثمار في بناء الفنادق. والمقدر أن يكتمل عدد الغرف الفندقية المتاحة في لبنان مع نهاية العام الحالي إلي نحو 30 ألف غرفة.. حيث يوجد ما يقترب من ثمانية آلاف غرفة تحت الإنشاء.. وفي مصر لدينا نحو 160 ألف غرفة تحت الإنشاء ..أي ثمانية أضعاف ما تحت الإنشاء في لبنان.. كما أن لبنان يشجع إنشاء بيوت الضيافة.. وهي عندنا الشقق المفروشة التي تقدر بمئات الألوف.. ولكن في لبنان يجري تقييمها في إطار السياحة ولها غرفة بين الغرف الساحية إلي جانب غرفة الفنادق. ومصر أيضا بدأت تشجع بشكل كبير سياحة الإقامة وتملك الأجانب لشققهم كما تفعل كل دول العالم. ..والسياحة تعاني منذ اغتيال الحريري.. * ومنذ عام 2005 والسياحة في لبنان تعاني من عدم الاستقرار الذي عاشه لبنان في أعقاب اغتيال الشهيد رفيق الحريري ثم اختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين الذي اتخذت منه إسرائيل ذريعة لشن الحرب علي لبنان والتي سببت خسائر في بنيته الأساسية ومختلف أوجه الحياة قدرها البعض بنحو 18 مليار دولار. خسائر السياحة منها نحو ستة مليارات دولار.. وقد اعترف الشيخ حسن نصرالله بأنه أخطأ عندما أقدم علي خطف الجنديين الإسرائيليين ولم يقدر تبعات هذا العمل.. ولكن عاد يكابر ويتناسي ما حققته الحروب من دمار ويشير فقط إلي ما يقول عنه بأنه انتصار علي إسرائيل.. تماما كما يسمي عدوانه علي بيروت بيوم نصر آخر كبير.. نصر علي باقي اللبنانيين!! ..وتسهيلات هناك.. وروتين هنا * السياحة في لبنان وصلت الذروة في عام 2004 حيث حققت مليونا ونصف المليون سائح.. ولكن مع عام 2005 وما بعدها هبط الرقم إلي ما يتراوح بين 600 ألف و700 ألف سائح. * والسياحة في لبنان. والعربية منها بوجه خاص .ومعظمها يعتمد علي دول الجوار.. والحضور إليها في الغالب بالسيارات .. وهو من دول الخليج ميسر.. وتتميز لبنان -وكذلك سوريا- بأن دخول السياح بسياراتهم لا يستغرق أكثر من دقائق.. بعكس الحال في مصر.. فالسائح إذا حضر بالباخرة من دول الخليج سواء في السويس أو سفاجا أو نويبع. أو حضر من ليبيا عبر منفذ السلوم. فإنه يمضي يومه الأول في مصر.. في الميناء أو المنفذ. لإنهاء إجراءات خروجه بسيارته. بما يترك لديه مرارة وضيقا شديدين. * وهذه المعوقات التي تعانيها السياحة في مصر. لا دخل لقطاع السياحة بها. بل هي تعقيدات الأجهزة الحكومية والبيروقراطية المصرية.. وهو ما لاتواجهه السياحة اللبنانية. * وقد دخلت لبنان هذا الصيف خمسون ألف سيارة.. أسهمت مع ما تضمه لبنان من سيارات في زيادة حدة مشكلة المرور.. خصوصا في بيروت. مما جعل الحكومة تعد بأنها ستنفذ عدة مشروعات في العام المقبل للحد من زحام الشوارع بالسيارات الذي سبب الكثير من الضيق للسياح. احصائيات الحركة السياحية * وتشير الأرقام التفصيلية المتاحة عن حركة السياحة اللبنانية إلي أن إجمالي عدد السائحين عن الفترة من يناير إلي يونيه عام 2009 “761415 سائحا” بزيادة قدرها 60.78% عن عام 2008 وبزيادة قدرها 84.79% عن عام 2007 “أعوام الأزمة”.. حيث كانت أعداد السائحين عن الفترة من يناير – يونيه 2008: “473571 سائحا” وأعداد السائحين عن نفس الفترة في عام 2007: “412041” سائحا. * وكان عدد السائحين العرب في لبنان في يونيه 2009: 59052 سائحا بينما كان هذا العدد في يونيه 2008: 45396 سائحا أي بزيادة 30.08% .. وكان إجمالي عدد السياح إلي لبنان في شهر يونيه 2009: 191691 سائحا بزيادة 40% عن عام 2008 وكان ترتيب جنسيات السياح في شهر يونيو 2009 كما يلي: الأولى: الأردن 19826 سائحا والثانية: الكويت 8675 سائحا مغارة جعيتا.. ضمن معالم العالم الطبيعية * وقد طرحت لبنان مغارة جعيتا ضمن الاستفتاء العالمي لاختيار عجائب العالم الطبيعية السبع الذي ستعلن نتيجته في عام 2011. * وقد تخطت مغارة جيتا نحو أربعة مراحل في التصفيات حتي وصلت إلي أن تكون ضمن قائمة من 14 معلما طبيعيا يجري عليها الاستفتاء العالمي عبر الانترنت والتي شملت أيضا البحر الميت “الذي دخل هذه المرحلة بعد أن كاد يستبعد منها بسبب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.. وتشرك في هذا البحر كل من الأردن وفلسطين وإسرائيل. * باقي العجائب المرشحة في الاستفتاء تشمل نهر الأمازون وجزر جالا باجوس ومحمية جراند كانيون والحاجز المرجاني العظيم وشلالات نجيل في فنزويلا وخليج فاندي في كندا وجزر المالديف وبركان فيسوفيوس في ايطاليا وخليج هالونج في فيتنام وشلالات ايجوازو علي الحدود بين البرازيل والأرجنتين وحديقة كومودو الوطنية في اندونيسيا. ونهر بويركو برنسيسا الذي يمر تحت الأرض في الفلبين. 3 معالم مصرية.. كان يمكنها دخول المسابقة * ويلاحظ أن هذه المعالم الطبيعية يوجد مثيل لها من المعالم المصرية كان يمكن أن تدخل ضمن هذه المسابقة.. فلدينا مغارة سنور في بني سويف والتي لم تعد بعد للزيارة. وهي كشف لم يلق بعد الاهتمام الذي يستحقه ولم يتحقق ببعد استكشاف أعماق هذه المغارة وطبقاتها.. كما أن منطقة جبال جنوب سيناء الملونة وروعة مشاهدها والتي تخلب ألباب السياح أيضا كانت جديرة بدخول هذه المسابقة.. أما نهر النيل.. نهر أعرق الحضارات.. فهو بلا شك أيضا علي رأس هذه العجائب. الأردن استفادت من فوز البتراء * وقد استفادت الأردن بشكل كبير منذ رشحت آثار البتراء وفازت في استفتاء عجائب الدنيا السبع الجديدة التي صنعت بيد البشر. والذي أعلنت نتيجته في يوليو عام 2007. وقد زاد عدد الزائرين إلي مدينة البتراء منذ ذلك التاريخ بمقدار ثلاثة أضعاف ما كانوا عليه من قبل.. وقدر عدد الذين صوتوا في ذلك الاستفتاء بنحو مائة مليون مشارك.. أما الاستفتاء الجديد للعجائب الطبيعية فيقدرون أن يصل عدد المصوتين فيه بنحو مليار شخص حتى عام 2011. * ولم تشارك مصر في الاستفتاء السابق.. ورفضت إقامة احتفالات في مصر. بلد الأهرام. العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبعة القديمة.. وكان يمكن ترشيح عجيبة أخري من بين آثارنا القديمة مثل أبوسنبل أو الكرنك.. لنستفيد من الدعاية الضخمة المصاحبة لهذا الاستفتاء. * وتحشد لبنان مغتربيها خارج لبنان للتصويت من أجل مغارة جعيتا في استفتاء عجائب العالم الطبيعية.. ويزيد عدد هؤلاء المغتربين عن عدد اللبنانيين المقيمين في الوطن نفسه.. إذ يصل عدد المغتربين اللبنانين الذين يحملون جوازات سفر لبنانية “إلي جانب جنسية دول المهجر” نحو أربعة ملايين لبناني. بينما اللبنانيون في لبنان عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون لبناني.. وقد تأجلت مشاركتهم في الانتخابات اللبنانية إلي عام 2013 حيث ستؤدي هذه المشاركة -إن حدثت- إلي تغيير المعادلة اللبنانية الحالية بالكامل. حصاد عام.. يساوي حصاد شهر * وإذا ماعدنا إلي السياحة في مصر.. فإن حصاد السياحة اللبنانية في عام بأكمله.. يكاد يكون حصاد شهر واحد من حصاد شهور الذروة في مصر.. التي اقتربت فيها أعداد السياح في العام الماضي -عام بداية الأزمة المالية والاقتصادية العالمية- نحو 13 مليون سائح.. وكان يمكن أن تصل إلي 14 مليون سائح لولا هذه الأزمة.. محققة بذلك الهدف الذي تضمنه البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك قبل سنتين من التاريخ المحدد.. أما السياحة العربية في هذا العدد فهي أيضا نحو الخمس.. أي وحدها أكثر من كل ما يصل إلي لبنان من السياح من كل الجنسيات. * ولابد أن نشير هنا إلي انتعاش الحركة السياحية بين لبنان ومصر من الطرفين.. من إقبال المصريين علي زيارة لبنان.. واقبال اللبنانيين علي زيارة مصر.. ونجد في هذا عاملا من عوامل الارتباط الوثيق بين بلدين شقيقين تمتد العلاقات بينهما إلي أعماق التاريخ.. وهي علاقات متصلة.. لم تنقطع.. وارتبط الشعبان برباط وثيق من الهجرات في الاتجاهين.. والتصاهر أيضا بين الجانبين. * وبعد.. فهذه كلها بعض ملاحظات أردت أن أقولها في معرض مغالطات قرأتها عن السياحة اللبنانية.. وررأيت أن أغتنم الفرصة لأقدم في عجالة سريعة بعض ما هو متاح لدي عن سياحة لبنان الشقيق الذي نتمني له مرة أخري كل الازدهار والاستقرار.