كتب / جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحين المصريين
ليس هناك خلاف ولا يمكن ان يكون هناك جدل حول ان صحة الانسان المسلم وحياته تستحق كل الرعاية والحفاظ عليها من كل سوء. في نفس الوقت فان احدا لا يمكن ان يخاطر لا بصحة هذا الانسان ولا بحياته وفقا لما يقضي كتاب الله وتعاليم الدين الاسلامي. من هنا فإنه لا يجب الانسياق وراء المزايدات علي الدين فيما يتعلق بمتطلبات مواجهة وباء انفلونزا الخنازير. في هذا المجال فانه ليس هناك ما يمنع من اتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة من اجل الحماية من العدوي بعمل كل ما هو متاح لتجنب الزحام الذي يعد احد مسببات انتقالها وانتشارها.
>>>
لا جدال ان هذا العنصر الاساسي متوافر تماما في تجمعات الحج والعمرة ويزيد علي ذلك ان الذين يؤدون هذه المناسك الاسلامية المقدسة يقبلون عليها من كل فج عميق اي من كل انحاء الدنيا ممثلين لكل الجنسيات والاعراق. ولابد للمسلم عندما يفكر في التوجه إلي الاراضي المقدسة سعيا إلي استكمال اركان دينه وسط هذه الظروف الصحية الصعبة ان يضع في اعتباره دعوة المولي لعباده المخلصين قال عز وجل في الآية رقم 195 من سورة البقرة ($ّأّّنفٌقٍوا فٌي سّبٌيلٌ پلَّهٌ $ّلا تٍلًقٍوا بٌأّّيًدٌيكٍمً إلّي پتَّهًلٍكّةٌ $ّأّّحًسٌنٍوا إنَّ پلَّهّ يٍحٌبٍَ پًمٍحًسٌنٌينّ ) صدق الله العظيم في هذه الحالة يصبح الاستجابة لقول العزيز الحكيم امرا وجوبيا حفاظا علي حياتهم وحتي تزول غمة هذا الوباء الذي حل بالبشرية وامتد انتشاره إلي ما يقرب من ٠٤ دولة حتي الان بينما تتزايد حالات الإصابة لتتجاوز العشرة آلاف حالة علاوة علي عشرات الوفيات.
>>>
الشيء الذي يجب ان يلفت انتباهنا تلك البيانات والتصريحات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية المنوط بها الحفاظ علي صحة سكان هذا العالم.. إنها جميعا تشير إلي تزايد خطر هذا المرض وان فرص تحوله إلي وباء كاسح لكل دول العالم تتزايد يوما بعد يوم خاصة مع اقتراب موسم الخريف والشتاء. ولعل ما يثير قلق خبراء الصحة في العالم ان عزل فيروس المرض وتصنيع مصل مضاد ملائم يحتاج إلي عدة شهور اضافة إلي توافر فرص تطور هذا الفيروس ليصبح اكثر فتكا وسرعة في الانتقال بين البشر واذا كان هذا الوباء المتوحش لم يصل إلي الاراضي المقدسة في السعودية وفقا للبيانات المعلنة إلا أن احدا لا يعلم ما يمكن ان يحدث مع تدفق الآلاف والملايين من المعتمرين والحجاج إلي هذه المناطق المحدودة حيث الزحام والاختلاط اجباريا.
>>>
بالطبع كلنا يدرك ان فرص الاصابة بالعدوي متوافرة تماما في تجمعات هذه الآلاف والملايين الذين يسعون إلي استكمال اركان دينهم وتحقيق أمل طالما اشتاقوا اليه سواء لاداء فريضة الحج أو العمرة.. ولعل ما يؤكد هذا الهاجس ان الكثير منا تعود ان يعود من الحج أو العمرة مصابا بالانفلونزا العادية التي تنتقل اليه من عدوي الزحام والاختلاط. في اعتقادي ان الله العلي الكريم سوف يغفر لعبده الذي يفكر في حماية صحته وحياته من احتمال التعرض لعدوي مرض انفلونزا الخنازيز اللعين.. عندما يقرر تأجيل هذه الرحلة إلي ان يصبح المناخ الصحي امنا.. من ناحية اخري فان قرار السفر أو عدم السفر بيد الساعين إلي الحج أو العمرة وحدهم وليس بقرار من اي جهة رسمية في الدولة. ان القضية لا يجب باي حال ان تكون مجالا للمزايدات التي تتحدث عن مكسب أو خسارة فئة أو قطاع من العاملين في انشطة السياحة الدينية والذين يستفيدون من تنظيم عمليات السفر. لابد لكل الذين ينظرون إلي مصالحهم الخاصة ان يضعوا في اعتبارهم ما يمكن ان يحدث اذا ما انتقلت عدوي الوباء إلي المعتمرين والحجاج. نعم انهم سوف يندمون ولكن بعد فوات الاوان وفي وقت لن ينفع فيه الندم. عليهم أن يدركوا اننا في مصر »متلصمين« وأنه واجب علينا جميعا ان نشكر الله الذي رد عنا فيروس انفلونزا الخنازير حتي الان.