لا خلاف اطلاقا ولا نقاش حول أهمية السودان لمصر وكذلك حول اولوية تقديم كل المساعدة لحل مشاكله باعتبار ان امنه واستقرار يمثل رافدا اصيلا ومهما للأمن القومي المصري، ان أي مصري يدرك قيمة المصلحة الوطنية المصرية لابد ان يؤمن بأن السودان هي الاولي بجهود تحقيق المصالحة السودانية وايجاد حلول عادلة للصراعات التي تهدد وحدته وسيادته بما يفتح الطريق امام التدخلات الاجنبية المريبة.
تأتي هذه المسئولية المصرية امتدادا للعلاقات والروابط الأزلية التي تمتد في اعماق التاريخ والتي يرسخها النيل شريان الحياة للبلدين تجسد هذا التوافق المصري السوداني في تلك الجهود التي بذلتها مصر للتقريب بين الشمال والجنوب السودانيين.
ومن المؤكد ان مشكلة دارفور في اشد الحاجة الي هذا الدور الذي يجب ان يتعاظم ويصبح أكثر ديناميكية يجب إلا يقتصر ما قامت وتقوم به مصر علي ارسال قوات لها تحت الرعاية الافريقية او الدولية لاقرار الامن ومنع الصدمات العرقية والقبلية وانما اصبح ضروريا أن يكون لها أي لمصر تدخلات أكثر ايجابية لتقريب وجهات النظر بين الحكومة المركزية في الخرطوم وبين الحركات الدارفورية المتنازعة معها، علي مصر ان تكثف مساعيها للجمع بين الفرقاء السودانيين وحمايتهم بالتوفيق بينهم من الوقوع فريسة للمتآمرين علي وحدة وسيادة السودان.
علي هؤلاء الاخوة السودانيين ان يدركوا ان هذا التدخل في شئونهم والذي يستهدف اشعال نيران الصراع لم يكن يمكن ان يحدث لولا اطماع هؤلاء المتدخلين في ثروات السودان التي بدأت تتكشف وفي مقدمتها البترول وبعض المعادن الاستراتيجية الثمينة. ان هدفهم ليس المصلحة السودانية وانما يتركز بشكل رئيسي علي خدمة مصالحهم القائمة علي الاستغلال الاقتصادي.
لا جدال ان هناك مشكلة في دارفور وان القوي الغربية تعمل علي تفاقمها بالوقيعة والمغالاة في حجمها.. في هذا الاطار يمكن النظر الي موقف مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية من الرئيس السوداني عمر البشير باعتباره يعكس في بعض جوانبه تواطؤا مع هذه القوي..
لاحراج السودان من هذه الورطة وتشجيعا للتواجد السوداني ضد التدخلات الاجنبية وان مصر مطالبة بمحاولة تقديم مبادرة لتسوية الخلافات السودانية – السودانية تسمح بالتوفيق بين المواقف ووجهات النظر. نجاح هذه المحاولة سوف يتيح الفرصة لرفع المعاناة عن اهالي دارفور وتوجيه كل الجهود لصالح التنمية في هذا الاقليم بما يوفر الحياة الكريمة لهم. في اطار السودان القوي الموحد.