سنوات طويلة ونحن جميعا عندما تجبرنا الظروف علي المرور بميدان التحرير في قلب القاهرة نشاهد هذه الأسوار التي تحيط بمساحة فضاء ضخمة تكاد تشبه الخرابة في المساحة الواقعة بين المتحف المصري وفندق النيل هيلتون. هذه المساحة كلنا يعلم أنها مشروع لجراج متعدد الطوابق تحت الأرض.. لكن للأسف توقف العمل في هذا الجراج لسنوات تقترب من العشر سنوات علي ما أذكر لخلافات بين الشركة المنفذة ومحافظة القاهرة, ورغم أن زحمة المرور وعذاب الناس في ميدان التحرير كان يقتضي أن ينتهي العمل في هذا الجراج بأقصي سرعة خلال عامين أو ثلاثة علي أكثر تقدير لمساعدة الناس في المساهمة في حل أزمة المرور وللمحافظة علي الشكل الجمالي لأكبر وأهم ميدان في قلب قاهرة المعز وأشهر ميادينها..
إلا أن الواقع كان عكس ذلك وتوقف العمل في الجراج كل هذه السنوات والناس في حيرة من أمرها ومن أمر هذا الجراج الذي استعصت مشكلته علي الحل كل هذه السنوات. فبدلا من أن يكون الميدان ــ الذي يرتاده السائحون بالآلاف والذين يزورون المتحف المصري يوميا وكذلك المقيمون في النيل هيلتون أو الفنادق الواقعة في قلب القاهرة ــ نموذجا للجمال وصورة حضارية مشرفة للقاهرة ومكانا تظهر من خلاله عظمة وروعة القاهرة.. إلا أن المكان أو الميدان تحول إلي ميدان من القبح والعشوائيات والمنظر السيئ الذي لايسر أحدا وأصبح استمرار الميدان بهذا الشكل عيب في حق القاهرة وحق ملايين المصريين الذين يعبرون الميدان يوميا.
المهم نحن الآن في انتظار أن تنقشع هذه الغمة عن ميدان التحرير.. ونحن كمهتمين بالسياحة وبأحوال المصريين قبل السياحة نكتب اليوم وبالصور عن هذا الميدان ونطالب محافظ القاهرة وقبله كل مسئول في الدولة يعبر هذا الميدان يوميا بأن يتدخل فورا للعمل علي انتهاء هذا الجراج بأقصي سرعة وحل مشاكله وتوفير الاعتمادات اللازمة لذلك.. لأن وجود الجراج بدون استكمال كل هذه السنوات يشكل وصمة عار علي جبين القاهرة.
لقد آن الأوان ليعود إلي ميدان التحرير جماله وروعته, لقد آن الأوان لأن نري الميدان جميلا أخضر نظيفا يسر الناظرين. يدفعنا إلي ذلك أننا أمام مشروعين كبيرين يطلان علي الميدان وعلي هذا الجراج تحديدا وهما المتحف المصري الذي تتم فيه الآن عمليات تطوير وتجميل لحدائقه وإضاءة كبيرة ولايمكن أن يحدث كل هذا الجمال والتطوير في المتحف ثم يطل المتحف والزائر علي هذه الخرابة. المشروع الثاني وهو المشروع الكبير لتطوير فندق النيل هيلتون, فقد انتهت شركة مصر للفنادق المالكة للفندق والتابعة للشركة القابضة للسياحة والسينما من اعداد مشروع ضخم لتطوير الفندق وكل المنطقة المحيطة به ويتواكب هذا المشروع الذي ستبلغ تكلفته نحو550 مليون جنيه مع تجديد عقد ادارة الفندق ليصبح فندق النيل ريتز كارلتون, وسيتم توقيع العقد مع الريتز في الأسبوع الأول من ديسمبر المقبل حيث سينتهي عقد ادارة هيلتون للفندق يوم31 ديسمبر المقبل, ثم تبدأ عملية تطوير شاملة للفندق بالتعاون مع شركة الإدارة الجديدة رتيزكارلتون دون أن تضع الشركة اسمها علي الفندق, حيث سيتم ادارته تحت اسم فندق النيل لمدة6 أشهر ابتداء من أول يناير2009 ثم يتم إغلاق الفندق لمدة18 شهرا للتجديد الشامل لغرفه ومطاعمه وكل ملحقاته..
بعدها سيتم وضع لافتة شركة الإدارة ويكون الفندق اسمه النيل ريتز كارلتون قبل نهاية عام2010 تقريبا أو أوائل عام2011 لكن الشئ الجميل في تطوير هذا الفندق أنه سيتم معه ازالة كل الملحقات به والتي كانت تطل علي ميدان التحرير وهي المكاتب الادارية والمول التجاري وهي المباني التي كانت تشكل3 أضلاع أمام الهيلتون وتطل علي ميدان التحرير.
والهدف من ذلك هو اعادة الفندق إلي أصله وتاريخه وجماله وتطوير الحدائق المطلة علي الميدان مع الأخذ في الاعتبار أنه بعد إزالة كل هذه الملحقات سيتم بناء قاعة ضخمة للحفلات والمؤتمرات بتصميم علي أحدث المستويات العالمية. ان مشروع تطوير النيل هيلتون واسناد ادارته لإحدي شركات الإدارة الفندقية العالمية المشهود له بالكفاءة والرقي والفخامة في تقديم الخدمات وهي الرتيز كارلتون سيكون اضافة لعالم السياحة والفنادق في مصر, كما سيكون في الوقت نفسه عاملا قويا لرفع أسعار السياحة والفنادق في مصر حيث إن هذه الشركة تقدم مستويات عالية من الخدمة.
إذن نحن أمام طفرة جمالية وسياحية وفندقية ستحدث في ميدان التحرير ولابد أن يواكبها طفرة جمالية علي نفس المستوي في هذا الميدان وفي الوقت نفسه يواكبها طفرة في ضرورة الاهتمام بكل مشاكل هذا الميدان المرورية لمصلحة الإنسان المصري أولا وأخيرا قبل السائحين.
ياسادة.. لا أقل من حل مشكلة جراج ميدان التحرير وبأقصي سرعة بحيث ينتهي العمل فيه خلال العامين المقبلين وهي فترة مشروع النيل هيلتون بحيث نحتفل جميعا بالفندق بعد تطويره وتجديده وبالميدان بعد تطويره وتجميله.. ونحن فخورون بالقاهرة وبميدان التحرير.. ياريت ياسيادة محافظ القارة..!