لا حديث في الوسط السياحي هذه الايام سوي عن الاتاوة التي قررتها وزارة السياحة علي شركات السياحة التي اختارتها لتوزيع العشرة آلاف تأشيرة حج الاضافية التي قرر الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء منحها للحج السياحي هذا العام. واعترافا من جانبها بعمليات المتاجرة بالتأشيرات السياحية بين الشركات السياحية التي لا تجنظم رحلات للحج قررت أجهزة وزارة السياحة أن يكون التصرف في هذه التأشيرات الاضافية علي نفس المنوال. بناء علي ذلك قررت ان تبيع الواحدة منها اجباريا لشركات السياحة ب21 ألف جنيه!! وحتي لا يقال أن وزارة السياحة تعترف بمشروعية متاجرة شركات السياحة في التأشيرات التي تحصل عليها فقد قررت أن تكون عملية شراء العشرة آلاف تأشيرة علي شكل تبرعات للغرف السياحية يتم تقديمها بعد ذلك للوزارة . كما هو معروف فإن الوزارة تقوم بتوزيع ال02 ألف تأشيرة الأصليةالمخصصة للحج السياحي علي جميع شركات السياحة سواء التي تقوم بتنظيم رحلات حج او لا تقوم، انها تترك للشركات غير المتخصصة في هذه النوعية من السياحة الدينية الحرية كاملة للتصرف في الحصة المخصصة لها علي اساس التنازل للشركات العاملة في هذ المجال مقابل الحصول علي نفس قيمة الاتاوة التي قررت اجهزة السياحة الحصول عليها في مقابل الحصة الاضافية. يحدث هذا رغم ان القواعد المعلنة تقضي بعدم الاقدام علي مثل هذا الاجراء.. انطلاقا من هذا الواقع فإن الذي يتحمل العبء المالي في النهاية هو الحاج وهو ما أدي إلي ارتفاع تكاليف الحج إلي ارقام فلكية خاصة بالنسبة للفئات التي تواجه أقصي الظروف لتوفير هذه القيمة املا في أداء هذه الفريضة.
* * *
سمعت من خلال متابعتي لحكاية هذه الاتاوة التي قررتها السياحة ان فكرتها خرجت من الاجتماع الذي عقده الدكتور نظيف للجنة العليا للسياحة عندما تحدث الي الحاضرين وكان من بينهم زهير جرانة وزير السياحة عن تكاليف البعثات الحكومية التي يقال انها تتولي خدمة ورعاية الحجاج. قال ان الدولة تتحمل 021 مليون جنيه للانفاق علي هذه البعثات والتي تشمل الاقامة وبدلات السفر ورسوم الحج لاعضائها. من هنا وفي مبادرة شهامة تعهدت وزارة السياحة ببيع ال01 آلاف تأشيرة الاضافية التي تقرر اعطاؤها لقطاع السياحة بما يحقق للدولة تغطية تكاليف بعثاتها.. هذه الخطوة وان حملت في ظاهرها سمة التخفيف من اعباء الدولة في تمويل مصاريف هذه البعثات التي يتم اختيار جانب كبير من اعضائها علي أساس المجاملة والتربح الا انها وفي باطنها تمثل عبئا اضافيا علي حجاج بيت الله.
نعم.. كلنا نعلم ان هناك فئة من الحجاج لا تمثل هذه الاتاوة السياحية بالنسبة لها أي شيء علي الاطلاق خاصة انها تعودت القيام بالحج سنويا الي جانب عدة عمرات باعتبارها من دواعي الوجاهة او للتكفير عن ذنوب تم ارتكابها خلال العام الذي جاء بعد الحجة السابقة. في نفس الوقت فإن هذا العبء المالي يمكن ان يمثل عبئا ثقيلا علي نسبة اخري من الحجاج خاصة الذين لاتتاح لهم فرصة حج القرعة. من ناحية اخري فاننا اذا نظرنا لهذا التصرف من الجانب الذي يتعلق بمكانة وقيمة مصر وكرامتها كدولة فإنه يمكن القول انه لا يليق أبدا اللجوء إلي بيع تأشيرات الحج التي يتم الحصول عليها مجانا من المملكة السعودية.
* * *
اذا كنا نقول ان هناك فئة من المواطنين تحرص علي تأدية هذه الفريضة عدة مرات رغم ان الدين فرضها مرة واحدة وفي سبيل التخفيف ماليا علي فئات الحجاج الذين ينحتون الصخر من أجل القيام برحلة الحج لاضير ان يكون هناك رسم علي تكرار الحج يغني الدولة عن القيام بالمتاجرة في التأشيرات.
ومن جانب اخر فقد حان الوقت كي يكون لوزارة السياحة موقف تجاه ما يتعلق بعمليات تنازل شركة سياحة عن حصة التأشيرات التي تحصل عليها لشركة أخري في مقابل 002 أو 003 ألف جنيه وهو امر يؤدي إلي تشجيع فئة تنابلة السلطان في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي. الشيء الطبيعي هو ان تحصل الشركات العاملة في هذا المجال علي هذه التأشيرات مع ضمان قيامها بتخفيض تكاليف رحلاتها بنفس القيمة المالية التي كانت تتحملها.
هل يمكن ان يحدث هذا؟؟