السوق كما يقولون بلغة الاقتصاد.. عرض وطلب ولكن لا يجب بأي حال السماح بعدم التوازن عند التعامل مع هذه النظرية.. بناء علي ذلك ومع الإقبال الكبير علي اختيار مصر كمقصد سياحي .. فإن هذا يعد عاملا إيجابيا لرفع أسعار برامج زيارة مصر بما في ذلك الاقامة في الفنادق بنسب معقولة تحقق عائدا مناسبا.. هذا اجراء عادل لتعويضنا عن السنوات العجاف التي ظللنا نعرض ونبيع مصر سياحيا بأبخس الاسعار والتي وصلت في بعض الاحيان إلي أقل من التكلفة الفعلية.
***
من المؤكد أن الذين يصرخون ويحذرون من أن هذه الزيادة في اسعار البرامج التي يجري تنظيمها الي مصر يمكن أن تؤدي إلي تراجع الرواج السياحي الذي نشهده حاليا يدركون تماما إلي أي مدي وصلت أسعار الفنادق في كل المقاصد السياحية بالخارج سواء للأفراد أو المجموعات خاصة بعد الارتفاعات الكبيرة في اسعار المتطلبات الخدمية والمعيشية في كل دول العالم بلا استثناء. أعتقد أن العاملين في مجال السياحة وكل الذين يتصل عملهم بهذه الانشطة يعلمون تماما أن كل ما يهم منظمي الرحلات في الخارج هو تعظيم ارباحهم وألا يتركوا لشركات السياحة المحلية أو للفنادق سوي الفتات من هذه الارباح. أعتقد أن احساس المستثمرين بأنهم يحصلون علي عائد عادل ومجز خاصة في مجال الفنادق سوف يشجع علي بناء المزيد من الفنادق وهو ما يمكن أن يساهم في تحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب وبالتالي ضبط الاسعار إضافة إلي إتاحة الفرصة لتلبية الطلب المتزايد علي مصر. انطلاقا من هذه الحقيقة فإنني لم أكن ميالا إلي التأثر بشكاوي بعض المنتسبين إلي شركات السياحة الاجنبية المتعاملة مع مصر والذين حرصوا علي التعبير عنها خلال تواجدهم في بورصة برلين ولقاءاتهم مع وزير السياحة زهير جرانة واعضاء الوفد المصري المصاحب من وجهة نظري فإنني أري أن كل ماهو مطلوب هو إبداء النصيحة بعدم المغالاة أو تجاوز في الاسعار وأن تكون الزيادات تدريجية وفقا لمعدلات زيادة الطلب وهذا حق لاصحاب شركات السياحة والفنادق المصريين. المهم بل الاجدي وبدلا من التهويل في الحديث عن مشكلة رفع أسعار البرامج والفنادق في مصر أن نركز ونطالب بأن يكون هناك اهتمام بجودة الخدمات المقدمة بما يجعل السائح يشعر بأن زيارته لمصر متعة وأنه يحصل علي ما يستحقه من خدمة ورعاية مقابل ما دفعه من تكلفة.. وهذه هي مهمة وزارةالسياحة وأجهزتها الرقابية.
***
وعلي هامش فعاليات بورصة برلين وأرض المعارض التي يقام فيها اجنحة الدول والشركات المشاركة والتي تنتشر في 26 صالة بمساحات تبلغ 150 الف متر يقول الخبراء أنه يمكن القول أن هذه المدينة الالمانية الرائعة عاصمة المانيا أكبر دول اوروبا.. تستمد قوتها الاقتصادية من هذا الحدث السياحي الضخم ومن المعارض والمؤتمرات التي تؤدي إلي شغل هذه المساحة الهائلة طوال أيام السنة. ولمواجهة الملايين من البشر الذين يزورون برلين لحضور هذه المعارض فإنه يوجد بها عشرات الالاف من الفنادق بكل الدرجات توفر مئات الالاف من الأسرة اللازمة لاستقبال هؤلاء الزوار.. ويستفيد من هذه الاعداد ذات القدرة الشرائية العالية المحلات التجارية ووسائل المواصلات المختلفة والمطاعم والمحلات العامة وهو ما يترتب عليه توفير عشرات الالوف من فرص العمل.. كل هذا ينعكس بالتالي علي حالة الرواج الملحوظة التي يستشعرها أي زائر.
***
هذه التجربة هي بكل المقاييس من دواعي تشجيعنا علي التساؤل عن السبب الذي لا يجعل القاهرة منطقة جذب لاقامة المعارض والمؤتمرات خاصة بعد أن أصبحت مقومات هذه الصناعة متوافرة لدينا في صورة أرض للمعارض وقاعات مجهزة للمؤتمرات في القاهرة وعدد من المدن المصرية، من الممكن وبعد أن خططت بورصة برلين لاقامة بورصة أخري مشابهة في قارة آسيا تقام في سنغافورة ابتداء من هذا العام الاتصال بإدارتها لبحث امكانية أن تتولي تنظيم بعض المعارض والانشطة الاخري في افريقيا علي أن يكون مقرها القاهرة. أعتقد أن الاستعانة بالخبرة الالمانية لمساعدتنا علي الدخول في هذا المجال هي خطوة تستحق البحث والمحاولة خاصة أن وزير السياحة زهير جرانة قد تحدث خلال تواجده في برلين عن جهود تجبذل من أجل تنشيط سياحة المعارض والمؤتمرات.