هل هناك من هو أكبر من اسم مصر في عالم الشهرة السياحية المستمدة من تاريخها الحضاري الذي يمتد لآلاف السنين؟ هذا البلد الذي ارتبط وجوده بتاريخ الحضارة الانسانية يعد من اقدم دول العالم جذبا لحركة السياحة الثقافية العالمية.
انها وان كانت قد اعتمدت في السنين الخوالي علي اثارها التي جعلت منها متحفا مفتوحا وعلي دفء شمسها في ايام الشتاء الباردة فانها استطاعت مسايرة التطور عندما كشفت عن امكاناتها كمقصد لسياحة الاجازات التي تستهويها الشواطيء والطقس المعتدل طوال العام. جاء تجاوبها مع هذا التطور بعد ان احتلت هذه السياحة الترويحية الجانب الاكبر من اهتمامات السياح الباحثين عن متعة الراحة والاسترخاء لتعويض ارهاق العمل ومشاكل الحياة طوال العام.
* * *
بعد ان تحولت الانشطة السياحية إلي صناعة كبيرة متشعبة يتحقق من ورائها عوائد اقتصادية هائلة كان طبيعيا ان تقام لها المناسبات والمعارض التي تجري من خلالها عمليات الترويج والتسويق .. كان هدف الجميع الحصول علي نصيب أكبر من الكعكة التي اصبحت تشهد منافسة حامية بين الدول التي ادركت دورها في التنمية الاقتصادية.
ومع تصاعد الانطلاقة المصرية إلي آفاق سياحة الملايين سعت مصر كي تكون لها مناسباتها السياحية الخاصة التي يشارك فيها رواد الصناعة في العالم املا في ان تفتح الطريق امام مزيد من التدفق السياحي. من هنا جاء التفكير منذ عدة سنوات في اقامة معرض دول البحر المتوسط في القاهرة حيث تم الاستعانة باحدي الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال والتي تقف وراء عدد من المعارض الدولية الناجحة وفي مقدمتها معرض سوق لندن السياحي.
* * *
ولأن نجاح مثل هذا المعرض اساسا مرتبط بدور الدولة المقام فيها فيما يتعلق بحجم تصديرها للسياحة وليس استقبالها فان معرض القاهرة لم يحقق النجاح المأمول طوال دوراته المتتالية هذا الوضع دعا وزارة السياحة واتحاد الغرف السياحية باعتبارهما الجهتين المسئولتين عن التمويل وتغطية المصاريف الزائدة عن العائد إلي اتخاذ الخطوات لوقف هذا المشروع الذي لم يحقق اهدافه. وقبل اتخاذ القرار النهائي كان ضروريا مناقشة هذه الخطوة وفتح باب الحوار حول ردود فعل اي اجراء يتم اتخاذه. وعلي مدي شهور تم استعراض الموقف والبدائل في اجتماعات ولقاءات شارك فيها وزير السياحة ورئيس هيئة التنشيط والمسئولون في الغرف السياحية.
* * *
في الاسبوع الماضي كانت هذه القضية ضمن جدول اعمال مجلس ادارة الهيئة العامة للتنشيط السياحي برئاسة عمرو العزبي. وبعد نقاش وتبادل للافكار تبني المجلس اقتراحا تقدمت به يقضي بأن يكون معرض مصر للسياحة الثقافية بدلا من معرض البحر المتوسط وهو شكل يتفق وامكانات مصر الحضارية والتاريخية. لا جدال ان هذا النشاط يمثل بالنسبة لمصر عنصرا لا ينافسها فيه احد وعلي أساس انه لا يوجد معرض علي مستوي العالم متخصص في السياحة الثقافية. وفي سبيل اتخاذ الخطوات اللازمة للتنفيذ قرر المجلس صياغة الاقتراح في صورة توصية سيتم رفعها إلي وزير السياحة تمهيدا لعرضها للبحث فنيا واجرائيا.
كان تعليق اعضاء المجلس ان هناك العديد من الدول التي تشارك مصر الاهتمام بالسياحة الثقافية بحكم ما تملكه من تاريخ وآثار حضارية قديمة.. وان هذه الدول سوف ترحب بالمشاركة في هذا المعرض المتخصص. من ناحية اخري فان العديد من الشركات السياحية العالمية المتخصصة والمهتمة بهذه النوعبة من السياحة ذات الانفاق العالي لابد أن يستهويها الوجود في هذا المعرض. اذن بعدالحيرة التي استمرت شهورا وشهورا جاء لقاء الجميع حول فكرة معرض القاهرة للسياحة الثقافية ليتيح لمصر الخروج من مأزق معرض سياحة البحر المتوسط .