كتب / الكاتب الصحفى محمد مصطفى
الكتابة عن هيئة التنشيط السياحي .. يعني الكتابة عن ماضي جميل ، كانت الإنجازات والنشاطات الحيوية عنواناً كبيراً لهذه الهيئة العامة التي حملت لسنوات عبء دفع قاطرة التنمية الاقتصادية في بلدنا ، ومواجهة الأزمات التي كثيراً ما تعرض لها هذا النشاط الفاعل الذي أعاد لمصر جانباً من حقها المستحق من كعكة السياحة الدولية .
لكن الحق يدعونا لوقفة نتأمل خلالها الأدوار التي فقدتها هيئة تنشيط السياحة والبريق الذي خبا خلال السنوات الأخيرة ، بعدما تراجعت أنشطة الهيئة ، ونطرح أكثر من سؤال مرير عن السبب .. هل تغيرت الخطط والتوجهات ؟.. هل كان غياب القيادات الخبيرة والفاعلة أحد الأسباب ؟.. هل هناك أسباب فنية أخرى أدت لهذا الترهل الذي تشهده هيئة تنشيط السياحة التي لم نعد نسمع شيئاً عن نشاطها ؟ .. وأعتقد أن احدا في هذه الهيئة لا يستطيع أن يدعى أنه صاحب فضل أو بصمة في زيادة عدد السياح أو تعدد المقاصد السياحية وذلك البريق الذي اكتسبته السياحة المصرية في السنوات الأخيرة ، فالرواج السياحي لا يجب أن ينسب إلى هيئة (اللاتنشيط) التي ألغت من برامجها ـ التي طالما ظلت تؤديها على مدى سنوات سابقة ـ تنشيط السياحة الداخلية وإقامة العديد من المناسبات التي تلفت الأنظار إلى المقاصد السياحية العديدة في مصر، ولعلنا نذكر مسابقات صيد السمك الدولية وماراثون الاقصر والكثير من المناسبات التي كانت الهيئة تشارك فيها وتدعمها . إضافة للجهد الإعلامي والترويجي الذي استمر سنوات قبل أن تصاب الهيئة بالترهل والشيخوخة بل قبل أن تستسلم للغيبوبة .. ولعل الكثيرين يتفقون معي على أن هيئة تنشيط السياحة قد فقدت بريقها خاصة قطاع السياحة الداخلية الذي لم يعد أحد يسمع عن أية جهود له ، وإذا تأملنا مطبوعات الهيئة وإصداراتها الإعلامية فإننا سنكتشف للوهلة الأولى أنها ذات المطبوعات التي كانت تصدر قبل سنوات طويلة وفي ظروف تختلف تماماً عن الواقع المعاش ، وسنكتشف أيضاً أن أسلوب الاستسهال هو السائد . كما لم يعد خافيا على أحد عدم التفاعل بين الصحفيين والإعلاميين وبين المسئولين في هيئة تنشيط السياحة وعلى كافة المستويات .. وهنا لا يستطيع أحد ان يزايد على شخصي المتواضع ويدعي أنني أسجل هذه الملاحظات والمشاهدات هجوماً على أحد لمصلحة أحد .. فلقد عاصرت الهيئة منذ ما يزيد عن عشرين عاما رصدت خلالها جهود من حملوا رايتها وحققوا الإنجازات التي لا تزال أصداؤها تتردد في هذا القطاع ، ورغم رحيل البعض منهم وتقاعد البعض الآخر فإن اسماءهم محفوره في ذاكرة الناس ، وبصماتهم الفاعلة تشهد على ما بذلوه من أجل هذا الوطن الغالي ، في الوقت الذي تغيب اسماء قيادات تجلس الآن في مقاعد الصدارة .. واود هنا أن أؤكد أنني لا أعرف رئيس الهيئة الجديد الذي تسلم موقعه منذ أكثر من عام ، ولم ألتق به وليس بيني وبينه ما يدفعني لنقده سواء هو أو غيره ، لكني أتوجه للسيد وزير السياحة مطالباً بإعادة تقييم دور هيئة تنشيط السياحة التي تكتظ بالموظفين وتخصص لها ميزانيات ضخمة .. نريد أن نتعرف على أهمية استمرارها أو نعمل على ضرورة تطوير دورها مع تشديد الرقابة عليها .. انني أدعو الوزير زهير جرانه أن يذهب يوما دون أخطار ويفاجئ العاملين في هيئة تنشيط السياحة وقد تصيبه صدمة عندما يشاهد قدراً كبيراً من التسيب والترهل والتضخم الوظيفي . حيث إن بعض الموظفين الجالسين على مكاتبهم لا يفعلون شيئاًُ ، وآخرين آثروا السلامة ووفروا جهودهم ولم يتكبدوا مشقة الحضور أصلاً ..
وربما يرى الوزير غير ذلك ويخبرنا به لكي نرفع القبعة لهؤلاء العاملين من أجل خدمة الوطن ونشد على أيديهم وندعو لهم بالتوفيق والسداد .
إن الحقيقة التي لا سبيل لإنكارها أن التدفق السياحي والنمو الذي تشهده السياحة المصرية هو نتاج جهود سواء حكومية أوخاصة ، وعلينا أن نسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة ونضع النقاط فوق الحروف ، ولابد أن نذكر أن القطاع الخاص السياحي كان له دور كبير وكبير جداً في دعم هذه الصناعة والارتقاء بها . وأن مهمة التنشيط يقوم بها قطاع الأعمال السياحي بامتياز وأن بعض الهيئات ومن بينها هيئة تنشيط السياحة تتوارى خلف هذا النجاح وتنسب بعضه إليها في الوقت الذي يغيب فيه أى دور فاعل لها .. وهنا أهمس في أذن وزير السياحة زهير جرانه الذي أظنه يبذل جهوداً كبيرة مع المخلصين من قيادات وزارته ، وأقول له : دعك يا معالي الوزير من سياسة الدور والأقدمية عندما يحتاج موقع مهم لقيادة فاعلة لديها رؤية إبداعية وأداءً يتلامس مع الأهداف العليا .. ليتك معالي الوزير تستعين بخبراء القطاع السياحي الخاص المشهود لهم بالكفاءة لتولي بعض المواقع الحيوية والتي قد لا تتوفر فيمن يأتي عليهم الدور ويتمتعون سواء يالأقدمية أو الحظوة .. أعرف أن اقتراحي يصعب تحقيقه في ظل لوائح مالية وإدارية عقيمة وغير منطقية لا يمكن أن تجذب كفاءات متميزة ، لكن لابد أن هناك حل أرجو أن يهديك الله إليه يا معالي الوزير.. والله من وراء القصد