يبدو أن الفأر الذي اكتشف داخل طائرة الخطوط السعودية في رحلتها رقم 302 قبل إقلاعها من مطار القاهرة إلى جدة ـ الأسبوع قبل الماضي ـ يستحق لقب أشهر الفئران، رغم تنكر الجميع له، فلقد رفض نائب رئيس شركة ميناء القاهرة الجوي الاتهامات، مشيرا إلى أن مطار القاهرة غير مسؤول عن ذلك الفأر.. ولم يقف التنكر لذلك الفأر عند هذا الحد، فلقد تدخل رئيس الجمعية المصرية لعلم الحيوان الدكتور سامي البساطي مطالبا بتحديد جنسية الفأر ـ من خلال معرفة السلالة التي ينتمي إليها ـ لتحديد الجهة المسؤولة عن الخسائر، والتي بلغت قرابة ثلاثة ملايين جنيه مصري (مليوني ريال تقريبا)، نتيجة وقوف الطائرة لأكثر من 24 ساعة في مطار القاهرة.
وحتى كتابة هذه السطور لا تزال قضية انتماء الفأر كرة تتدحرج بين الطرفين.. وسواء كان الفأر «الفضائي» هذا ينتمي إلى جدة أو القاهرة أو أية محطة أخرى مرت بها الطائرة، فإن هذا يكشف أن طموحات الفئران في منطقة الشرق الأوسط قد تجاوزت حدها، وأنها تسعى إلى تقليد فئران الغرب في جبروتها وهيمنتها، فلقد أطلت علينا وكالة الأنباء الفرنسية قبل فترة بخبر يشير إلى أن فئران مدينة نيويورك تأكل القطط الشاردة والكلاب الصغيرة، وأن المدينة محتلة من قبل أكثر من ثمانية ملايين من الفئران المتوحشة، وهذا الرقم سيتضاعف مرات ومرات خلال فترة قصيرة، باعتبار أن الفأر يتزاوج وعمره شهران، ويلد من خمس إلى ثماني مرات في العام الواحد، حتى أن مؤتمرا عقد في نيويورك أطلقوا عليه «قمة الفئران» ضم 250 أكاديميا ومسؤولا صحيا لبحث كيفية التخلص من الفئران، التي يظن هؤلاء أنها العدو الأول لسكان تلك المدينة الشهيرة.
وحينما قرأت ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية أرجعت ذلك في حينه إلى تدليل الأمريكان لقططهم التي ألفت الترف والدعة والأكل الصحي المعلب، وبالتالي فقدت وظيفتها الأساسية في الحياة، المتمثلة في اصطياد الفئران، وطالبت بتقديم مساعدة عاجلة عبارة عن قطط من العالم الثالث المتسمة بمهارتها في اصطياد الفئران لمساعدة «النيويوركيين» على التخلص من المشكلة، لكن خبر تسرب الفأر إلى الطائرة جعلني أراجع حساباتي، فلربما أصاب قططنا في الشرق الأوسط ما أصاب القطط في أمريكا من رفاهية فنمت طموحات الفئران إلى درجة القيام برحلات سياحية.. و«إن غاب القط العب يا فار».