إذا كانت الشائعات لا تشغل بال الرئيس مبارك، ولا تثير قلقه، فأنها ليست كذلك بالنسبة لجماهير الشعب لأن من حقها أن تقلق علي مصير ومستقبل الوطن في حالة حدوث فراغ رئاسي. ومن حقها أن تفزع وهي تري الديناصورات تتحرك في الظلام، وتتحفز لملء الفراغ سواء بالدراع، أو بالخداع، دون أن يكون للشعب إرادة في الاختيار، واستنادًا علي تقاليد موروثة جردت الشعب من سلطاته، وكبلته بترسانة من الاجراءات الأمنية تحول بينه وبين حرية الاختيار (!!).
** لا يهمنا إن كان مصدر الشائعة: الإخوان المسلمين، أو أجنحة الحزب الوطني المتصارعة، والمتحفزة لفرض أجندتها الجاهزة حسب قدرة كل منها علي السيطرة والتحكم. ولقد فات أوان التصريحات الاعلامية بعد أن فقدت مفعولها عند الجماهير، ولم تنفع الصور والمشاهد التليفزيونية والصحفية عن جولات الرئيس، وبلغ التشكيك فيها الادعاء بأنها مصطنعة أو قديمة أو أرشيفية (!!).
** مستقبل الحكم في مصر: هو قضية الساعة.. وليس هذا بمستغرب أو بمستهجن، لأن من حق الشعب أن يطمئن علي مستقبله، والدستور نفسه ينظم طريقة ملء الفراغ الرئاسي عن طريق مجلس الشعب ثم الاستفتاء الشعبي، ولكن التجارب علمتنا أن كل هذه النصوص يسهل تطويعها لتكون في خدمة الأقوي. وربما تأتي لحظة يحال فيها الدستور إلي المعاش لتكون الكلمة العليا لأصحاب القوة القادرة علي تنفيذ أجندتها، ولا يستبعد أن تشهد الساحة المصرية صراعاً دمويًا بين الفيالق الطامعة في الحكم (!!).
** ولا أظن أن هذه التوقعات بعيدة عن ذهن الرئيس مبارك، فهو أعلم الناس بما يدور خلف الكواليس، وهو أعلم الناس بحجم كل قوة متحفزة، وهو أحرص الناس علي تجنيب البلاد ويلات فتنة جامحة، ومن هنا تكون المسئولية العاجلة أمام مبارك هي اشراك الشعب في تقرير مصيره، واستطلاع رأي القوي الوطنية في اختيار الرجل الذي يصلح لشغل منصب نائب الرئيس، وتفعيل النص الدستوري الذي امتنع الرئيس مبارك عن تطبيقه منذ تولي الحكم.. ولقد آن الأوان لسد هذا الفراغ حتي لا يكون هناك فراغ تكتوي البلاد بناره علي أيدي الطامعين والمغامرين.