تشهد العاصمة اللبنانية بيروت منذ يوم امس الخميس انعقاد الدورة العاشرة لمجلس وزراء السياحة العرب الذى يعقد دورة سنوية إما فى مقر الجامعة العربية أو فى أحد البلدان العربية التى توجه الدعوة لإنعقاده لديها وقد سبق لهذا المجلس الوليد الذى بدأ فى عام 1979 أن عقد دوراته فى عدة دولة عربية منها مصر وسوريا والجزائر والأردن والإمارات، أما لجنته التنفيذية فتعقد دورتين فى العام احداهما فى شهر ديسمبر من كل عام والثانية تسبق اجتماعات الوزراء مباشرة وهذه اللجنة مهمتها بحث ومناقشة كل الموضوعات المتصلة بعمل المجلس قبل أن تعرض على وزراء السياحة وتضم فى تشكيلها القطاع السياحى الخاص كما يضم المجلس الوزارى العربى للسياحة عدة أعضاء منتسبين للمجلس بينهم اتحاد الكتاب السياحيين العرب واتحاد النقل الجوى العربى والمنظمة العربية للسياحة والاتحاد العربى للفنادق السياحة.
وقد كانت كثير من الآمال معلقة علي هذا المجلس منذ انشائه ولكننا الآن وبعد عشر سنوات من انشائه لا نستطيع أن نقول أن حجم الانجاز كان بحجم التطلعات والآمال التى عقدت على هذا المجلس ولكن هذا لايعنى أن المجلس لم ينجز شيئا خلال سنواته العشر بل على العكس أنجز المجلس الكثير وبقى أيضا الكثير وما انجز كان هو مافى طاقة المجلس ان يفعله ومالم ينجز فهو كان من اختصاصات مجالس ووزارات أخرى فقد اصابت هذا المجلس اللعنة التى تطارد السياحة فى كل مكان وهى تشابك أعمالها مع جهات حكومية عديدة لا تملك السياحة أن تفرض عليها شيئا ولعل النموذج الاشهر فى هذا المجال هو تأشيرات دخول الدول العربية فالمجلس منذ أول جلساته إلى آخرها ينادى بتسهيل الحصول على هذه التأشيرات وتيسير الانتقال بين الدول العربية والتفكير فى تأشيرة تصلح لعدة دول متجاورة وصولا إلى يوم تختفى فيه هذه التأشيرات ويصبح الانتقال حرا ميسرا بين مختلف البلدان العربية ولكن لأن هذه التأشيرات تدخل فى اختصاص وزارات أخرى فان المجلس لم يستطع ان يفعل فيها شيئا بخلاف التوصيات التى يصدرها من حين الى آخر متمنيا أن يجد صداها لدى وزارات الداخلية أو مجلس وزراء الداخلية العرب ولكن هؤلاء لهم اعتبارات أخرى لاتشكل السياحة العربية البينية وتشجيعها، نفس الاهتمام لديهم الذى يوليه لها مجلس وزراء السياحة العرب فلهم اعتباراتهم الاخرى التى تأتى فى مقدمتها الاعتبارات الأمنية
ومثل هذه المشكلة ، مشكلة أسعار الطيران بين الدول العربية والتى تبنى مجلس وزراء السياحة العرب بشأنها عدة قرارات لم ير واحد منها النور حتى الآن، لأن لدى شركات الطيران العربية اعتبارات اخرى غير الاعتبارات التي يراها مجلس وزراء السياحة العرب شركات الطيران تنظر إلى الربح والمسافر العربى يدفع فى ساعتى طيران من بلد عربى إلى آخر اكثر مما يدفعه المسافر فى ٠١ ساعات أو ٣١ ساعة طيران من بلد عربى الى الشرق الأقصى أو الى أمريكا وشركات الطيران العربى مطمئنة الى انها تجد »الزبون« بهذه الاسعار ولا يجد »الزبون« فى كثير من الاحيان مكانا له على الطائرات رغم ارتفاع الاسعار فما الذى يدفع الشركات الى أن تخفض اسعارها وتتخلى عن ارباحها؟ هل من اجل زيادة السياحة العربية البينية؟ السياحة العربية فى رأيها تسير وفق المعدلات والأماكن كلها مشغولة والاسعار يقبلها »المسافر« لأنه لا يجد غيرها .
هكذا نجد أن أهم بندين على جدول اهتمامات مجلس وزراء السياحة العرب لم يستطع المجلس ان يفعل فيهما شيئا التأشيرات واسعار الطيران لأنهما يخرجان عن نطاق مسئولياته وبالتالى فاننا نستطيع ان نقول ان أهم اهداف المجلس وهو تشجيع وتنشيط وتنمية السياحة العربية لم يتحقق أو لم يستطع المجلس ان ينفذ توصياته من أجل تحقيق أهدافه بشأنها لأنها تقع فى مسئولية جهات أخرى لا يملك أن يفرض عليها شيئا ولكن المجلس مع هذا تبنى فى عام ٧٩٩١ حملة مساندة مصر سياحياً وجعل عام ٨٩٩١ عام السياحة العربية إلى مصر وكان لهذا بلا شك أثره فى تنشيط السياحة العربية إلى مصر والوقوف إلى جوارها فى أعقاب أزمة الأقصر ويوشك المجلس ان يأخذ قرارا مماثلاً فى اجتماعه القادم فى بيروت باعلان عام ٧٠٠٢ عام السياحة العربية إلى لبنان لمساندة لبنان بعدما تعرض له من تدمير نتيجة للعدوان الاسرائيلى على لبنان فى صيف عام ٦٠٠٢واجتماع المجلس نفسه فى بيروت جاء بناء على دعوة سابقة من حكومته قبل أحداث الحرب عليهاولكنه أصبح واجبا بعد هذه الأحداث، وكذلك أكده المجلس الاقتصادى والاجتماعى لجامعة الدول العربية فى دورته الاستثنائية التي عقدها فى بيروت خلال شهر أكتوبر ٦٠٠٢ لبحث سبل دعم لبنان لمواجهة الآثار التدميرية للعدوان الاسرائيلى على لبنان .
الاستثمار والتدريب السياحى، كانا أيضاً من أهم الاهداف التى عمل المجلس من اجلها وقد عقد المجلس عدة ندوات لتشجيع الاستثمار وقام بجهد من اجل تجميع قوانين الاستثمار فى الدول العربية كذلك فعل فى شأن التدريب وحصر إمكانات التدريب السياحى المتاحة فى الدول العربية والحصول على منح من بعض الدول والهيئات العربية تستفيد بها دول عربية أخرى وقد فعل المجلس الكثير فى مجالات عديدة بينها مؤخرا توحيد معايير تصنيف الفنادق فى الوطن العربى و قد اتجه الى الاخذ بالمعايير المصرية الحديثة التى انجزتها غرفة الفنادق المصرية واخذت فيها بأحدث المستجدات فى مجال الفندقة ولكن هناك
ومع ان هذا المجلس مجلس سياحة إلا ان الخلافات السياسية العربية تنعكس على أدائه عندما يكون للسياسة ان تقول بشىء فيما يعرض على المجلس والموقف الأشهر فى هذا الجانب كان عندما صدر دليل الاتحاد العربى للفنادق والسياحة بالتعاون مع المجلس وكان يحتوى على خريطة الوطن العربى ولكن ألغام هذه الخريطة كانت وراء ايقاف توزيع هذا الدليل وكانت وراء أقصر اجتماع لمجلس وزراء السياحة العرب وكان الاجتماع فى الجزائر وكان لغم الخريطة الذى فجر الخلاف وأنهى الاجتماع على الفور هو الموقف من الصحراء والنزاع حولها بين المغرب والجزائر والبوليساريو وهكذا تكهرب الجو وانفض الاجتماع الذى لم يكد يبدأ، حتى دعى الوزراء إلى جلسة سرية لبحث مشكلة الخريطة وخرجوا من ا لاجتماع الذى طال فى محاولات التوفيق لينفض الاجتماع وتقرأ كلمة الختام بعد ساعات قليلة من كلمة الافتتاح وأمام مجلس وزراء السياحة العرب فى هذا الاجتماع عدة موضوعات هامة إلى جانب القرارات الخاصة بدعم لبنان سياحياً بينها دراسة مشروع الاستراتيجية العربية للسياحة واقرار مشروع تصنيف الفنادق العربية وتطوير المنتجات السياحية العربية المشتركة وانشاء جائزة عربية لجودة لخدمة السياحية بينها جائزة للاعلام السياحى وتقرير الأمانة الفنية حول برنامج اعرف وطنك ومشروع الجزء الأول من دليل التشريعات السياحية العربية واختيار عاصمة السياحة العربية ومع تمنياتنا بدورة ناجحة للمجلس فى هذه الدورة فاننا لابد ان نشيد بجهد الأمانة الفنية للمجلس وعلى رأسها السيدتين مواهب خلاف وصالحة أبوسبعة، ودور هذه الأمانة فى القيام بكل أعباء التحضير والاعداد والمتابعة لكل جهود المجلس ولجنته التنفيذية والمشروعات التى تصدر عنهما ونحيى أيضاً فى هذه المناسبة الدكتور محمد بن ابراهيم التويجرى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشئون الاقتصادية، والذى سيرأس لأول مرة بعد منصبه الجديد اجتماعات اللجنة التنفيذية للمجلس الوزارى العربى للسياحة التى بدأت فى بيروت امس الخميس والحديث متصل بعد اجتماع المجلس بإذن الله.