يقف زهير جرانة وزير السياحة خلال ساعات أمام أجهزة الإعلام، ليبشر الناس بحصاد الموسم السياحي خلال العام الماضي. لا ندري ماذا سيقول الرجل عن أسباب تدهور النمو في الحركة، التي كان مقدراً لها منذ سنوات أن تصل في هذا العام إلي أكثر من 10 ملايين سائح؟! بالتأكيد سيلقي باللوم في انخفاض نسمة النمو علي الإرهاب، فهو حائط الصد عن كل الفاشلين، هذه الأيام. نعلم أن الإرهاب الذي شهدته الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا ولندن وتركيا لم يؤثر علي زيادة السائحين بهذه الدول.
بل أصبح أمامنا مبرر في الأسواق العالمية بأن نقول إن الإرهاب ظاهرة عالمية لا تختص بمصر أو المنطقة دون غيرها في أنحاء العالم. وهو نفس المنطق الذي واجهنا به كارثة الأقصر عام 1997 وما جاء بعدها من أزمات.
**قد يستشهد الوزير بسوء المرافق والخدمات التي لا تجذب الأجانب إلي مصر، وهي حجة طالما رددها ذوو الأفكار المحدودة، والإرادة المسلوبة، حيث تعتبر هذه الظواهر مستوطنة بين الناس منذ عقود، مع ذلك لم تقف حائلاً دون جذب المزيد من السياح أو تضع الوزارة حلولاً لمواجهتها.
**أنصح الوزير أن ينظر إلي بيته الوزاري من الداخل، فهو موطن الداء وكل الأمراض التي تصيب السياحة تأتي منه أفواجاً، فلا يكتفي بأن يتلقي التقارير من سكرتيرته أو وكيله الأول، اللذين تحالفا علي صد الآخرين عن وجه الوزير، فأصبحا هما آذانه التي يسمع بها وعينيه التي يبصر بها.. بل ويده التي توقع علي كل القرارات التي تخرج عفنوة من بين يديه.
علي الوزير أن ينفتح علي عماله الآخرين في الوزارة، عملاً بنصيحة نبوية »كذب من تحدث بكل ما يسمع«، حتي يري ويسمع ويقارن بين الناس ويتخذ القرار المناسب بإرادته هو وليس تنفيذاً لرغبة الآخرين.
** نقول هذا لأن ما بين أيدينا من مستندات وما نراقبه من خلافات بين القيادات المحددة في الوزارة، نعلم أنها ستجلب علي الوزير المشاكل وعلي البلاد مصائب انخفاض الدخل السياحي أن إحدي الشركات الأجنبية تنازلت عن تنظيم بورصة السياحة المصرية الوحيدة، لخلافات بين قيادات الفنادق وشركات السياحة، ساهم بعض موظفيه في تفاقمها، فخرجت مصر من دائرة الضوء إلي الظلمات، كما بدأت الدولة تدفع 500 مليون جنيه في حملات الدعاية السياحية في الداخل والخارج، بينما البورصة كانت تجعل أجهزة الإعلام تنشر دعاية غير مباشرة ومجانية، بدلاً من إنفاق الملايين عليها حالياً.
** يكفي أن مسئولين بالوزارة جرجروا الوزير إلي توقيع اتفاق لدعم رحلات الطيران العارض إلي منطقة ومطار مرسي علم، وهو المطار الخاص المملوك لأحد المستثمرين الأجانب، والذي تعهد بتسويق خدماته وتحمل تبعات التكلفة وغيره. كما حصل المستثمر علي امتيازات في سعر وتخصيص الأراضي الشاسعة التي حصل عليها وتعهدت الدولة بعدم منافسته في عمله لمدة تزيد علي 20 عاماً. وبدلاً من أن يوجه الوزير هذا الدعم لمنطقة سياحية أكثر تضررا مثل مطار الوادي الجديد الذي توقف العمل به بسبب توقف دعم رحلاته، نجد مستشاريه يرفضون دعم رحلات الطيران إلي طابا، وهي المنفذ الأولي بالرعاية باعتبارها منطقة متضررة من الإرهاب ومطارها مملوك للدولة وتشققت أرض المطار من ندرة العمل به خلال السنوات الماضية.
** نريد من الوزير أن يطلع علي حقيقة التقارير المقدمة إليه قبل أن يتحدث بها علي الملأ، حتي يعي ما يقول يقيناً، لأن الأرقام لم تعد حكراً علي أحد، ولم تعد جهة ما هي المصدر الوحيد للمعلومات.
نعلم أن قطاع السياحة بدأ منحاه في الهبوط في الدولة، ولكن عندما يكون البلاء في القائمين علي هذا العمل، فيكون المؤشر أكثر هبوطاً وخطورة. ولا يكفي أن نقول إن الوزير فعل ما عليه، وأنه طيب القلب وضاحك دائماً.. لأن الأعمال لا تظهر نتائجها علي الملأ بحسن النوايا، وفي كل الأحوال العمل الجيد يزين وجه صاحبه.. بينما السيئ منه يمحق أهله. فإذا كان الوزير يخشي لقاء الرئيس .. فالأولي أن يكون أشد خشية من الله والناس.