لم تعد السياحة مصدرا لزيادة دخل الدول وتوفير فرص العمل فحسب ولكنها أصبحت عاملا مهما في تحسين الميزان التجاري مع الدول باعتبار ان المنتج السياحي سلعة تصديرية.
وبالنسبة لمصر فإن تعاملاتها التجارية مع كثير من الدول خاصة الصناعية الكبري تعاني من عجز لصالح هذه الدول. ولأن مصر دولة مستقبلة للسياح فإن ارتفاع معدلات السياحة من هذه الدول يعني الحد من هذا العجز.
إنني أذكر بهذه المناسبة عندما كان الرئيس في زيارة لروسيا أن أثير ارتفاع قيمة الصادرات المصرية من روسيا وهو ما أدي إلي عجز كبير في الميزان التجاري لصالحها.
وخلال المباحثات وعندما تحدث الجانب المصري عن ضرورة زيادة الواردات الروسية من مصر رد الرئيس الروسي بوتين مبتسما علي ذلك بأن انفاق السياح الروس في مصر والذي كان عددهم قد وصل في ذلك الوقت إلي 600 ألف سائح يمكن أن يعوض جانبا كبيرا من هذا العجز.
اذن فإن السياحة يمكنها أن تعوضنا عن نقص صادراتنا إلي السوق الروسي خاصة بعد تراجعها في أعقاب تفكك دولة الاتحاد السوفيتي القديم وتبني الدولة الروسية للانفتاح الاقتصادي الذي يسمح بفتح سوقها أمام جميع المنتجات العالمية.
نفس هذا الشيء ينطبق أيضا علي علاقتنا التجارية مع الصين حيث بلغت قيمة وارداتنا عام 2005 حوالي 1934 مليون دولار وفقا للاحصاء الرسمي وهو رقم يمكن أن يرتفع بنسبة 25 % إذا أضفنا البضائع التي تصل السوق المصري بوسائل غير رسمية..
.. أما صادرات مصر للصين فإنها لا تتجاوز 211 مليون دولار، بالطبع فإن عدد السياح الصينيين رغم تزايدهم (37 ألف سائح عام 2005) لا يمكن أن يعوض العجز الكبير في الميزان التجاري وهو ما يتطلب التركيز علي زيادة حركة السياحة الصينية بالطبع فإنه ليست هناك مشكلة أن تزداد الواردات من السلع الرأسمالية الانتاجية والمواد الوسيطة التي تحتاجها عمليات الانتاج ولكن المشكلة الحقيقية في أن تركز هذه الواردات علي السلع الاستهلاكية وهو ما تمثله معظم الصادرات الصينية.
واذا كان هدف زيارة الرئيس مبارك لكل من روسيا والصين هو العمل علي تعظيم العلاقات الاقتصادية والمشاركة الصناعية فإنه من المؤكد ان الزيارتين في حد ذاتهما بأبعادهما السياسية والاقتصادية سوف تكون لهما انعكاساتهما الايجابية علي حركة السياحة الوافدة من البلدين.
لاجدال أن استثمار العلاقات الودية القوية التي تربط مصر علي كل المستويات يمكن أن يساهم في تحقيق الطفرة المرجوة في حركة السياحة الوافدة إلي مصر من كل البلدان الصديقة.
حتي تتعاظم فائدتنا من زيادة أعداد السياح الروس والصينيين فإن علي شركات السياحة التخلي عن سياسة المنافسة القائمة علي جذب الأسعار وأن تعمل بدلا من ذلك علي جذب فئات جديدة من سياح البلدين.
النتيجة المحققة من وراء ممارسة سياسة حرق الأسعار هو الخسارة للجميع حيث يتم بيع المنتج السياحي المصري بأبخس الأسعار.
من الضروري أن تهتم أجهزة وزارة السياحة بهذه المشكلة وأن تعمل من خلال الرقابة والاهتمام بالشكاوي المقدمة ضد الشركات المتخصصة في ضرب وحرق الأسعار علي اتخاذ كل الاجراءات التي تحد من أخطار هذه الممارسات التي ان دلت علي شيء فإنما تدل علي أن بعض شركات السياحة والمسئولين عنها لايهتمون بمصالح الوطن بالاضافة إلي افتقارهم لأدني مقومات فن التسويق السياحي.