Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

شجون سياحية :السياحة.. وعذابات البيروقراطية !

يظل الحديث عن تشجيع الدولة لقطاع السياحة ودفعه لتحقيق أهداف تنموية واستراتيجية وإطلاق شعارات براقة من نوع أن السياحة أمل مصر، وانها قاطرة التنمية، والنشاط الفاعل الذي يضخ الخير في شرايين الاقتصاد الوطني.. يظل هذا الحديث مجرد “حبر على ورق” رغم اتفاقنا مع مضمونه والنوايا الطيبة التي انطلقت منه.. لكن الواقع يقول إن قطاع السياحة يعاني بشدة من مجموعة معوقات يأتي في مقدمتها البيروقراطية التي يصطدم بها قطاع الأعمال الخاص مع كثير من الجهات التي يضطر للتعامل معها في ظل غابة من التشريعات المتناقضة التي أكل على بعضها الدهر وشرب بعد أن مر على صدورها عشرات السنين، والغريب أن بعض القوانين واللوائح الملزمة للسياحة قد صدرت في عصر لم تكن فيه السياحة ضمن النشاطات الاقتصادية الرئيسية في مصر، وللأسف لم تمتد يد التطوير والتحديث والتنقية لهذه القوانين البالية التي يعاني منها المستثمر والمسئول معاً.

فالمستثمر يضيع وقته وجهده جرياً وراء الأوراق والمكاتب والموظفين، تلفه الحسرة والألم واليأس، ويلعن اليوم الأسود الذي قاده لأن يكون مستثمراً في هذا القطاع.. فالحكايات المأساوية متعددة في مواجهة البيروقراطية العقيمة.. السقيمة والمتخلفة.
أما المسئول فيشكو هو الآخر من القوانين واللوائح المقيدة لعمله خاصة أن جهات رقابية عديدة لا ترحمه إذا أخطأ أواستثنى، وفي عقاب زملاء له عبرة ومثال.
من هنا يذهب المسئول إلى قمة التشدد حماية لنفسه، وهو ما يتبعه مرءوسوه بعد أن يضيفوا إليه المزيد من التعقيدات والنتيجة هي وقوع أصحاب المشروعات والمستثمرين ورجال الأعمال في دوامة جهنمية من التعذيب واليأس.
أما الشيء المثير للدهشة هو أن ما ذكرته معروف للجميع وعلى جميع المستويات.. وكثيراً ما نسمع حلولاً واجتهادات وأفكاراً وتنظيرات.. لكن في النهاية.. لا شيء.
وقد استبشر الناس خيراً عندما جئ بوزارة من قطاع الأعمال، وتصور الكثيرون أن معرفة هؤلاء الوزراء الجدد بأصل الداء سيعجل بوصف الدواء ومن ثم الشفاء.. لكن الواقع كان غير ذلك تماماً، وإن كنت لا أشك في نوايا هؤلاء الوزراء، ولا في إمكانياتهم الشخصية بدليل أنهم أداروا مؤسساتهم الخاصة بنجاح كبير.. لكنها البيروقراطية أطلت برأسها من جديد وأشهرت أسلحتها من قوانين ولوائح منتهية الصلاحية وشديدة التخلف، ويعمل في إطارها موظفون اعتادوا على التناقض والتعقيد، وأصبح البعض منهم بطول الوقت واستمرار الممارسة يعشق هذه البيروقراطية ويدافع عنها ويحمل لواءها ويشعر أنها تحميه وتعطي له قيمة، كما تمنح البعض الآخر فرصاً للفساد والتربح.
وهنا يجد الوزير الجديد نفسه في وضع لا يحسد عليه، وإن آماله في التغيير قد تبخرت وتكسرت على هذا الواقع المحزن.. ومع مرور الوقت نجده يستسلم ويوافق اليوم وهو على كرسي الوزارة على ما كان يرفضه بالأمس وهو رجل أعمال.. وهذه مأساة أكبر.

إن أكثر ما يثيرني هي التصريحات المتتالية والساخنة التي تطلق مع بداية تولي كل وزارة جديدة، حيث تتتابع التصريحات الوردية عن القيام بثورة إداريه للقضاء على البيروقراطية، حتى استحدثوا تدعيماً لهذه الشعارات وزارة تسمى “وزارة التنمية الإدارية”.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل حققت هذه الوزارة شيئاً من تلك الشعارات؟ وهل تعاملت بأي قدر من اجل التصدي للبيروقراطية؟.
يبقى أن أقول إنني أتفق مع كل الشعارات البراقة التي تصف السياحة بأنها قاطرة التنمية الاقتصادية أو أمل مصر أو غير ذلك.. ولكن يظل السؤال كبيراً ملحاً: هل يمكن أن تتحقق مثل هذه الشعارات وتتحول إلى واقع على الأرض في ظل هذه الغابة من التشريعات، وهذا الأداء البيروقراطي السائد، وفي ظل العذابات التي يلاقيها قطاع الأعمال السياحي الخاص؟
أما عن الأعباء والرسوم والضرائب والإتاوات التي يتم فرضها على قطاع السياحة أو من وراء ظهره.. فهذه قضية أخرى.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله