أكدت دراسة عالمية مستقبلية لعام 2010 استحواذ «البوتيك أوتيل» بنسبة %10 من إجمالي الاستثمارات السياحية بمنطقة الشرق الأوسط، المتوقع له أن يصبح عماد القطاع السياحي في المنطقة العربية خلال نهاية عام 2015. وقد تنبأت غرفة المنشآت الفندقية بما أسفرت عنه الدراسة بأهمية هذا النمط الاستثماري الجديد، ووضعت مواصفاته العالمية ومواكبتها مع الطبيعة المصرية ضمن تصنيفها الجديد للفنادق في مصر، والذي يحمل علامة «N.N». ومنذ أن أعلنت الغرفة عن هذا المنتج فلم ينفذ حتى الآن أي من المستثمرين هذا الاستثمار على الرغم من صغر حجم الغرفة والتي لا تتعدى الـ50 غرفة فقط.. فما الأسباب التي أدت إلى عدم جذب هذا المنتج لأموال المستثمرين السياحيين، وهل ستستحوذ مصر على نصيب من حجم هذا الاستثمار بالمنطقة؟ والتي أعلنت عنه الدراسة؟
يقول فتحي نور رئيس غرفة المنشآت الفندقية: انه عند التفكير في حجم مواصفات البوتيك اوتيل ضمن التصنيف الجديد للفنادق نظرا لأهمية هذا الفندق وبخاصة في الدول الأجنبية واستقطاب الشريحة العالية الانفاق من السائحين وهو أحد الأسباب التي دفعت الغرفة في الإعلان عن هذا المنتج لكي تستعيد مصر هذه الشريحة الغنية مرة أخرى خاصة أن البوتيك اوتيل يبيع الغرفة بزيادة %50 عن الغرف في فندق 5 نجوم.
موضحا أنه منذ الانتهاء من التصنيف والإعلان عن «البوتيك اوتيل» تقدم للوزارة 25 طلبا حتى الآن، ولكن لم تنفذ أي منها حتى الآن لاصطدام المستثمرين بمواصفات واشتراطات البوتيك أوتيل الدقيقة والمتميزة المستوى والتي تنافس المقاصد العالمية الكبرى، موضحا أن المستثمر تجذبه قلة عدد غرف البوتيك اوتيل التي لا تتعدى الـ50 غرفة للهروب من الالتزام بإنشاء فندق 5 نجوم يصل عدد غرفه إلى 400 غرفة، مشيرا إلى أن هذه الطلبات من جانب المستتثمرين المحليين فقط، أما بالنسبة للعرب والأجانب فلم يتجه أي منهم لضخ استثماراته في البوتيك أوتيل لأن طبيعة المستثمرين خاصة العربي يفضلون الاستثمار في ذات المساحة الواسعة للفنادق الكبرى.
يضيف نور أن الشركات الكبيرة توفر توزيع مجهود التسويق والإدارة والخدمة المتميزة والانفاق العالي في الرواتب على 50 غرفة بدلا من انفاقها على 400 غرفة مؤكدا أن كل منتج جديد يحتاج إلى مجهود في التسويق.
حسام الشاعر رئيس غرفة الشركات بالبحر الأحمر أضاف أن البوتيك أوتيل منتج مطلوب وضروري في القطاع السياحي المصري خاصة أنه يعد أحد المنتجات المهمة التي تجذب السائحين الباحثين عن التفرد والاستجمام، وهذه الشريحة من السائحين تفتقدها مصر خاصة أن أغلب الشريحة الوافدة تقتصر على رحلات الطيران العارض والتي تعتبر من السياحة الرخيصة الباحثة عن الترفيه فقط بأقل التكاليف.
وعن أسباب عدم انتشار هذا المنتج في مصر أشار الشاعر إلى أن ثقافة هذا المنتج غائبة عن الاستثمار السياحي في مصر خاصة أن متطلبات «البوتيك أوتيل» تخالف فكر المستثمرين المحليين والتي تكمن في إنشاء فندق يصل عدد غرفه لأكثر من 400 غرفة وحمام سباحة، وهو ما يخالف طبيعة البوتيك إلى جانب متطلبات أخرى يحتاجها هذا المنتج والمتمثلة في ارتفاع أسعار تكلفة التشغيل الثابتة مثل رواتب العاملين فقد يصل راتب المدير العام شهريا إلى 20 ألف جنيه إلى جانب أسعار تكلفة الخدمات التي تحتاج إلى العمالة المدربة على أعلى مستوى للنزلاء مقابل المبالغ الكبيرة التي يدفعها. ويضيف الشاعر أن شركات الإدارة العالمية غير متخصصة في إدارة مثل هذه المنشآت وأن هناك شركات متخصصة في إدارته معظمها من دول شرق آسيا مثل هونج كونج حيث ينتشر البوتيك أوتيل في المنطقة.
من ناحية أخرى أكد عمرو صدقي نائب رئيس غرفة الشركات وأحد المستثمرين السياحين أن ثقافة البوتيك أوتيل موجودة في مصر بدليل أن الغرفة قامت بادراج مواصفاته ضمن التصنيف الجديد «New Norms» وتعتبر هذه الخطوة بداية لانطلاق هذا الاستثمار الغائب عن الفكر السياحي المصري.
وارجع صدقي عدم انتشار فكر البوتيك اوتيل في مصر إلى أن صناديق السياحة المصرية أصبحت تجارة الهدف منها الربح – فقط – والتي تؤدي إلى حرق وتضارب أسعار الفنادق والتي يتسبب فيها أصحابها بغرض الربح غير مهتمين بتأثيرها السلبي في انخفاض مستوى الخدمة التي تؤدي إلى استقطاب شريحة السائح الفقير، مضيفا بأن انتشار البوتيك اوتيل في مصر وتسويقه في جميع الدول الأجنبية سوف يكون له مردود ايجابي في استقطاب السائح الغني مرة أخرى لمصر بعد أن صنعت بين المقاصد السياحية العالمية على أنها من الدول الرضيعة.
وأشار صدقي إلى نجاح أحد المنتجعات السياحية «سومة باي» بالبحر الأحمر في تقديم هذا النمط من السياحة وهو مقام على ملعب جولف، ويصل عدد غرفه إلى 80 غرفة، كما أنه يقدم خدمة على أعلى مستوى وهو ما جعله ينفرد عن باقي الفنادق واستطاع أن يجتذب إليه أعدادا كبيرة من السائحين الأثرياء من خلال أدواته التسويقية الناجحة في الدول الأجنبية، بالإضافة إلى تجربة أخرى ناجحة بمنطقة الأقصر على البر الغربي لـ«فندق تملكه سيدة أجنبية» مكون من 30 غرفة، حيث توفر للمقيمين الخصوصية والراحة والخدمة المتميزة. ويؤكد صدقي أن هذا المنتج يحتاج إلى التسويق والتنشيط الجيد في الخارج والداخل لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية والمحلية إلى جانب تدريب العمالة على أعلى المستويات ووعي المستثمرين بأهمية هذا المنتج وإضافته ضمن المنتجات الأخرى التي يقدمها المقصد المصري.