رجح خبراء أن يكون موسم أعياد الميلاد ورأس السنة في لبنان هذا العام، مختلفا عن العامين الماضيين بسبب عدة عوامل أهمها انتخاب رئيس جديد للبلاد، وتوقعوا أن تكون لها تداعيات إيجابية في إنعاش النمو الاقتصادي من بوابة السياحة.
بيروت ….. ربط محللون اقتصاديون الازدهار السياحي النسبي الحاصل حاليا في لبنان، بعوامل ثلاثة، أولها الاستقرار السياسي الناتج عن انتخاب عون رئيسا للبلاد وتكليف سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة.
وأشاروا لـ العرب إلى أن العامل الثاني هو عودة زيارات مواطني دول الخليج للارتفاع، بعد تحسن العلاقات الخليجية اللبنانية وانحسار التوتر.
أما العامل الثالث، فهو قرب حلول موسم أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، الذي يعتبر فرصة لاستقطاب السياح بدعم من العاملين السابقين.
وكما هو معتاد سنويا، أضيئت شجرة عيد الميلاد في وسط العاصمة بيروت، مطلع الشهر الجاري بمشاركة العشرات من المواطنين في إشارة إلى انطلاق موسم الأعياد ورأس السنة.
وارتدت العاصمة وأغلب المناطق اللبنانية حلة الأعياد بالأضواء والأشجار المزينة بالألوان المبهجة، وأعلنت معظم فروع المحال التجارية والمطاعم عن خصومات بهذه المناسبة.
وانهمكت الآليات في محيط البرلمان والوسط التجاري، بإزالة الحواجز الإسمنتية من أجل تخفيف الإجراءات الأمنية وتسهيل حركة المواطنين والسياح خلال فترة الأعياد.
وكشف بيار الأشقر، رئيس اتحاد المؤسسات السياحية ونقيب الفنادق، عن ارتفاع حجوزات الفنادق في فترة الأعياد المقبلة مقارنة بالعام الماضي، بفضل انتخاب عون رئيسا للبلاد وتكليف الحريري برئاسة الحكومة.
وقال إن “الحجوزات في الفنادق بلغت نحو 90 بالمئة هذه الفترة” وسط ارتفاع كبير في الإقبال رغم تراجع متوسط مدة الإقامة المتزامنة مع ليلة رأس السنة للسياح الخليجيين إلى 7 أيام، مقارنة بنحو أسبوعين في الأعوام الماضية، في إشارة إلى تقديم الفنادق تسهيلات سابقا لجذب السياح بسبب الإقبال الضعيف.
وأكد أن غالبية الحجوزات جاءت من السياح وليس المغتربين، وأنها شملت أيضا السوريين والعراقيين والأردنيين، إضافة إلى بعض اللبنانيين الذين ليس لديهم مكان إقامة في لبنان.
وعبّر الأشقر عن أمله في تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن من أجل انطلاقة قوية على الصعيد السياحي، وأكد وجود بوادر لرفع التحذير الخليجي في وقت قريب، ما قد يرفع من نسبة الحجوزات.
وكانت معظم دول الخليج قد حذرت مواطنيها من السفر إلى بيروت عقب الأزمة الأخيرة مع لبنان، والتي بلغت ذروتها قبل عدة أشهر.
وتزيد نسبة إشغال الفنادق التي أعلنها الأشقر، بشكل كبير عن موسم الأعياد في العام الماضي، حيث لم تتجاوز 56 بالمئة، بحسب الإحصائيات المتاحة.
ويقول الخبير الاقتصادي باسل الخطيب، إن الأجواء إيجابية تؤكد قرب حدوث ازدهار سياحي شبيه بالفترة الذهبية التي بلغت ذروتها في العام 2010، حيث دخل أكثر من مليوني سائح البلاد.
ويتوقع أن يصل عدد السياح خلال العام الحالي إلى 1.55 مليون سائح بفضل التداعيات الأخيرة التي من بينها عوامل الاستقرار، وذلك بفارق كبير عن العام الماضي.
وكانت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني قد أشارت في نوفمبر الماضي، إلى أن المخاطر مازالت مستمرة في لبنان رغم انتخاب رئيس للبلاد.
وذكر الخطيب أن السائح الخليجي هو الأكثر إنفاقا في لبنان، وعبر عن أمله في أن يساهم الاستقرار الأمني في زيادة نسبة النمو وتحسين حركة الأسواق لا سيما مع عودة الحفلات الفنية في مختلف المناطق اللبنانية مع موسم أعياد الميلاد.
وعانى لبنان في السنوات الأخيرة من تداعيات الحرب في سوريا وأزمة اللاجئين، وتعمقت الأزمة أكثر بعد تحذير الدول الخليجية لمواطنيها من السفر إلى لبنان، لكن ذلك يتجه للتراجع بعد انتخاب رئيس للبلاد.
وكانت السعودية أولى دول الخليج التي أوفدت وزير الدولة لشؤون الخليج، ثامر السبهان، للقاء المسؤولين قُبيل انتخاب عون، ثم أوفدت مستشار الملك السعودي، أمير منطقة مكة، خالد الفيصل، في نوفمبر الماضي، الذي نقل دعوة للرئيس عون لزيارة البلاد.
ويأمل لبنان في تعزيز المساعدات الدولية بعد خطوات الاستقرار السياسي وإعادة توطين النازحين السوريين في لبنان الذين يصل عددهم إلى 1.5 مليون أي ما يزيد على ثلث سكان البلاد.
وتتضارب التقديرات بشأن حجم خسائر الاقتصاد اللبناني من الأزمة السورية، بحسب منظور احتسابها، لكن متوسط الخسائر المباشرة فقط يقدر بنحو 20 مليار دولار.
وقام وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بزيارة إلى لبنان الشهر الماضي وصدر العديد من التهاني الخليجية للرئيس عون لتعزز المسار التصاعدي في عودة الدفء إلى العلاقات اللبنانية الخليجية.
وقال رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان المركزي، خلال كلمة بمناسبة انعقاد مؤتمر البنوك العربية في بيروت، إن التقديرات تشير إلى أن النمو الاقتصادي للبلاد سيتراوح ما بين 1.5 و2 بالمئة، مشيرا إلى أن التوقعات تؤكد أن نسبة التضخم بلغت الصفر.