بيروت ….. بعد أن عانت مراكز التزلج على الثلج في لبنان من انحسار أعداد المقبلين عليها خلال السنوات القليلة الماضية، يشهد العام الحالي انتعاشا ملحوظا، ولو كان بطئيا، في ممارسة هذه الرياضة الشتوية.
ففي وقت مبكر من فصل الشتاء، وتحديدا بداية ديسمبر/ كانون أول 2016، تساقطت الثلوج على لبنان؛ ما ساعد على جذب العديد من محبي الرياضيات الشتوية، وعلى رأسها التزلج، ويبشر بموسم سياحي طويل.
وتعد منطقة “المزار” في بلدة “كفرذبيان” بقضاء كسروان في محافظة جبل لبنان (حوالي 44 كم شرق العاصمة بيروت) أهم مراكز التزلج وأكبرها في منطقة الشرق الأوسط، وهي تقع على ارتفاع 2500 متر عن سطح البحر (الساحل)، وتعرف بأنها عاصمة السياحة الثلجية في لبنان.
“جو الحلو” ( 24 عاما)، وهو أحد مدربي الرياضات الشتوية، قال للأناضول: “أتوقع استمرار الموسم لفترة متأخرة عن المواسم السابقة (نهاية مارس/ آذار المقبل)؛ بفضل كمية الثلوج (الكبيرة) التي تساقطت”.
“الحلو” تابع بقوله: “أنا من هواة الرياضات الشتوية، ومن مدربيها، لاحظت هذا العام إقبالا كبيرا من اللبنانيين، بجانب بعض العرب بمن فيهم الخليجيين الذين نأوا جزئيا عن السياحة اللبنانية بعد 2012. لاحظنا وجود سعوديين وإقبال عال من الإمارات، فضلا عن تواجد بعض المغاربة والمصريين والعراقيين بشكل لافت”.
موسم ساحر
وبفضل تقارب اللهجات والأجواء يفضل العديد من محبي رياضة التزلج من العرب التوجه إلى لبنان.
أحد هؤلاء السياح، وهو شاب مصري يدعى عمار (26 عاما)، قال للأناضول: “أفضل لبنان على أي بلد آخر؛ لأننا نستطيع التواصل مع أهله دون عوائق، كما يمكنني ممارسة الكثير من الأنشطة خلال فترة قصيرة لتنوع المناخات الموجودة في مناطقه المختلفة”.
عن الإقبال هذا العام قالت نوال البشري (42 عاما)، القادمة من العاصمة بيروت إلى “كفرذبيان”: “نلاحظ ازدحاما حتى وسط الأسبوع”.
البشري تابعت للأناضول: “نرتاد هذا المكان بصورة دورية منذ أعوام، ولاحظت وجود الكثير من لبناني المهجر، وهو ما يتيح لنا مشاهدة الازدحام الكبير حتى منتصف الأسبوع. بجانب تنظيم بعض المدراس رحلات لتلاميذها إلى مراكز التزلج، ليستمتعوا بهذا الموسم الساحر”.
أنشطة متنوعة
وإن أكد أحد عمال البلدية في المنطقة، وهو متواجد دائما في المكان، أن السياحة الشتوية تتعافى، إلا أنه وصف هذا التعاف بـ”البطيء”.
عامل البلدية، الذي طلب عدم نشر اسمه لكونه غير مخول له الحديث مع الإعلام، أضاف للأناضول أن “التعافي موجود، لكنه ليس بالصورة التي عهدها لبنان، غير أنه أفضل بكثير من العام السابق”.
وبدأت المحاولة الأولى للتزلج في لبنان عام 1913، وبلغت هذه الرياضة ذروتها منتصف القرن الماضي، وتحديدا في الخمسينيات، وجرى افتتاح ستة مراكز تزلج على أعالي قمم الجبال.
ووفق أبو كريم (55 عاما)، وهو أحد السياح، فإن “المنطقة تتيح الكثير من الأنشطة، فلا تقتصر على التزلج وحده، بل يمكن استخدام الاسكيدو (درجات مخصصة للسير على الثلوج) إلى جانب التلفريك لمن لا يجيد الرياضة”.
وزاد أبو كريم، في حديث للأناضول، بأن “المنطقة تعج بالمنتجعات السياحية، التي تمكن السياح العرب واللبنانيين من قضاء أيام عدة للتمتع بالثلوج والتقاط الصور المميزة”. كما توجد في المنطقة مقاه ومطاعم تقدم في غالبها أطباقا لبنانية.
مصدر رزق
وتمثل السياحة الثلجية مصدر رزق لسكان منطقة “المزار- كفرذبيان”، الذين ينتظرون هذا الموسم السياحي من عام إلى آخر.
وبإمكان من لا يعرف التزلج أن يتعلمه، حيث يوجد في المنطقة دوما مدربون متخصصون في هذا النوع من الرياضة.
وضمن إجراءات متعددة لخدمة السياح، لا يخلو المكان من مسعفي الصليب الأحمر.
وعامة، تتراوح مدة السياحة الشتوية، أو الثلجية، بين 4 أشهر في الأحوال العادية و5 أشهر إذا تساقطت كميات كبيرة من الثلوج كما حدث العام الجاري.
وبجانب “كفرذبيان” تتوزع المراكز السياحة على بلدات أخرى في محافظتي جبل لبنان والشمال، منها “اللقوق” على ارتفاع 1750 متر من سطح البحر، و”أرز بشري” على ارتفاع ما بين 1850 متر و3087 متر، إضافة إلى “فقرا”، حيث توجد مراكز سياحية على ارتفاع 2400 متر عن سطح البحر، و”باكيش” و”الزعرور” على ارتفاع 1900 متر.