Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

حان الآن مدفع الإفطار

كتب د. عبد الرحيم ريحان

 

القاهرة “المسلة” ….. إعتاد الصائمون منذ مطلع الرسالة على أن يرتبط إفطارهم وإمساكهم في أيام شهر رمضان بأذانى المغرب والفجر ورغم كثرة مساجد القاهرة ومآذنها فقد عرفت هذه المدينة مدفع الإفطار فى العصر المملوكى عام 859هـ / 1439م  وكانت أول مدينة إسلامية تستخدم هذه الوسيلة عند الغروب إيذانًا بالإفطار فى شهر رمضان.

 

 

وقد جاء ظهور مدفع الإفطار بمحض الصدفة ففى أول يوم رمضان عام 859هـ / 1455م كان والى مصر فى هذه الفترة الوالى المملوكي ” خوشقدم” قد تلقى مدفع هدية من صاحب مصنع ألمانى فأمر بتجربته وتصادف ذلك الوقت مع غروب الشمس فظن سكان القاهرة إن ذلك إيذانًا لهم بالإفطار وفى اليوم التالى توجه مشايخ الحارات والطوائف إلي بيت الوالى لشكره علي هديته لسكان القاهرة  فلما عرف الوالى الحكاية أعجب بذلك أيما إعجاب  وأمر بإطلاق المدفع عند غروب الشمس فى كل يوم من أيام رمضان  واستمر هذا الأمر إلى يومنا هذا طبقًا لدراسة أثرية لعالم الآثار الإسلامية الدكتور على أحمد الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة .

 

 

كما عرضت الدراسة روايات أخرى منها أن المدفع ارتبط اسمه بالحاجة فاطمة ففى سنة 859 هـ/1455م لما توقف المدفع الذى أطلقه خوشقدم على سبيل التجربة عن الإطلاق ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب استمرار عمل المدفع فى رمضان فلم يجدوه والتقوا زوجة السلطان التى كانت تدعى (الحاجة فاطمة) التي نقلت طلبهم للسلطان فوافق عليه فأطلق بعض الأهالى إسم (الحاجة فاطمة) على المدفع واستمر هذا حتى الآن إذ يلقب الجنود القائمون على تجهيز المدفع وإطلاقه الموجود حاليًا بنفس الاسم.

 

 

وتقول رواية أخرى مفادها أن أعيان وعلماء وأئمة مساجد ذهبوا بعد إطلاق المدفع لأول مرة لتهنئة الوالي بشهر رمضان بعد إطلاق المدفع فأبقى عليه الوالى بعد ذلك كتقليد شعبى .

 

 

وهناك رواية أخرى مشهورة عن ظهوره تقول أن والى مصر محمد علي الكبير كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة فى إطار خطته لبناء جيش مصرى قوى وفى يوم من الأيام الرمضانية كانت تجرى الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة  فانطلق صوت المدفع مدويًا فى نفس لحظة غروب الشمس وأذان المغرب من فوق القلعة فتصور الصائمون أن هذا تقليدًا جديدًا  واعتادوا عليه وسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان فى وقت الإفطار والسحور فوافق وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميًا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام .

 

 

وقد استمر المدفع يعمل بالذخيرة الحية حتى عام 1859م  ولكن امتداد العمران حول مكان المدفع قرب القلعة  وظهور جيل جديد من المدافع التى تعمل بالذخيرة “الفشنك” غير الحقيقية  أدى إلى الاستغناء عن الذخيرة الحية كما كانت هناك شكاوى من تأثير الذخيرة الحية على مبانى القلعة الشهيرة  ولذلك تم نقل المدفع من القلعة إلى نقطة الإطفاء في منطقة الدرَّاسة القريبة من الأزهر الشريف ثم نُقل مرة ثالثة إلى منطقة مدينة البعوث قرب جامعة الأزهر.

 

 

وقد كان فى القاهرة حتى وقت قريب ستة مدافع موزعة على أربعة مواقع  اثنان فى القلعة واثنان فى العباسية وواحد فى مصر الجديدة وآخر فى حلوان  تطلق مرة واحدة من أماكن مختلفة بالقاهرة  حتى يسمعها كل سكانها وكانت هذه المدافع تخرج فى صباح أول يوم من رمضان فى سيارات المطافئ لتأخذ أماكنها المعروفة ولم تكن هذه المدافع تخرج من مكانها إلا في خمس مناسبات  وهى رمضان والمولد النبوى وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية وعيد الثورة  وكان خروجها فى هذه المناسبات يتم فى احتفال كبير حيث تحمل على سيارات تشدها الخيول  وكان يراعى دائما أن يكون هناك مدفعان فى كل من القلعة والعباسية خوفا من تعطل أحدهما.

 

 

وقد أدى توقف المدفع فى بعض الأعوام عن الإطلاق بسبب الحروب إلى إهمال عمل المدفع حتى عام 1983م عندما صدر قرار من وزير الداخلية المصرى بإعادة إطلاق المدفع مرة أخرى  ومن فوق قلعة صلاح الدين الأثرية جنوب القاهرة  ولكن استمرار شكوى الأثريين من تدهور حال القلعة وتأثر أحجارها بسبب صوت المدفع أدى لنقله من مكانه  خصوصًا أن المنطقة بها عدة آثار إسلامية هامة.

 

 

ويستقر المدفع الآن فوق هضبة المقطم  وهي منطقة قريبة من القلعة  ونصبت مدافع أخرى فى أماكن مختلفة من المحافظات المصرية ويقوم على خدمة المدفع أربعة من رجال الأمن الذين يُعِدُّون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله