Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

هل توجد دولة في العالم تستهدف زيادة الاستثمارات وتحفيز النمو وإصلاح اقتصادها تقوم برفع الفائدة 9.5% في أقل من 15 شهر؟ بقلم: محمد رضا

البنك المركزي المصري يصدر قرار رفع الفائدة بواقع 300 نقطة

 

 

بقلم: محمد رضا

 

 

 

القاهرة “المسلة” ….. لم يكن قرار لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بنسبة 2% – 200 نقطة أساس مفاجأة بالعكس كان متوقعاً وفقاً لطريقة تفكير وإدارة البنك المركزي التي شاهدناها وأعتدنا عليها خلال الخمسة عشر شهر السابقة وخاصة أيضاً في أعقاب قرار تخفيض دعم الطاقة، وكان تأكيداً على إستمرار السياسة الكارثية والخاطئة والتي تنتهجها إدارة البنك المركزي منذ بداية عام 2016 والتي قامت برفع أسعار الفائدة بواقع 9.5% – 950 نقطة أساس لتصبح أسعار الفائدة في أعلى مستوى لها من 25 عام منذ عام 1992، حيث قام المركزي برفع أسعار الفائدة 1.5% – 150 نقطة أساس في مارس 2016 و1% – 100 نقطة أساس في يونيو 2016 و3% – 300 نقطة أساس في نوفمبر 2016 و2% – 200 نقطة أساس في مايو 2017 و2% – 200 نقطة أساس في يوليه 2017، لتصل أسعار الفائدة إلي 18.75% و19.75% على التوالى لعائد الإيداع والاقراض لليلة واحدة، لذلك فأننا يجب أن ننظر للقرار الأخير ليس في منعزل عن السياسة النقدية الكلية للبنك المركزي المصري منذ عام 2016 وحتى الآن والتي تثبت كل يوم فشلها وإستمرارها بشكل غير مفهوم وغير مبرر في حرق الاقتصاد المصري وضياع مجهودات الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي وتلاشي كافة الإيجابيات للإصلاح والتي يلتهمها البنك المركزي بسياساته النقدية الكارثية.

 

 

وكما يبرر البنك المركزي بأنه يتبنى سياسة رفع سعر الفائدة لإحتواء التضخم ودعم قيمة الجنية المنهار وإيقاف عمليات الدولرة، وبالرغم من قيامه منذ عام 2016 وحتى الآن برفع أسعار الفائدة 9.5% نجد أن التضخم في بداية عام 2016 كان 8.9% والآن تخطى الـ30% قيمة الجنية من متوسط 8 جنيه مصري للدولار الآن تخطت الـ18 جنيه للدولار، لنجد أنه لم ينجح في أياً منها بل بالعكس كان هو السبب الرئيسي وراء إنهيار قيمة الجنية وزيادة عمليات الدولرة وإرتفاع التضخم حيث أن البنك المركزي لايعي أن أرتفاع التضخم الحالي ليس من جانب الأستهلاك وأنما من جانب العرض بإرتفاع التكاليف بسبب أرتفاع أسعار الفائدة، وبسبب طريقة التطبيق الخاطئة لتعويم سعر صرف الجنية أمام الدولار أنهارت قيمة العملة المحلية بشكل حاد وساهمت بشكل كبير في خفض القوة الشرائية في جانب الأستهلاك ورفع التكاليف بجانب العرض ليساهم أيضاً في دفع التضخم لمستويات قياسية.

 

 

ولم تكن أثار سياسات المركزي على مستوى التضخم فقط، ولكنه أحرق بسياساته الأخضر واليابس وكل ماتبقى من محاولات لعودة الحياة في جسد الاقتصاد المصري، وأدت لحالة من الأنسداد الاستثماري ودفعت الاقتصاد لللكساد وتوقفت عجلة الأنتاج والاستثمار والأستهلاك وزادت البطالة وتراجعت معدلات النمو ليؤكد دخول الاقتصاد المصري لحالة كاملة من الركود التضخمي، حيث أنعكست الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة على ارتفاع تكلفة الأنتاج وهو ما دفع الشركات إلي رفع أسعار البيع للمتنج النهائى لتزداد الأسعار على المستهلك مما جعل المستهلك هو المتحمل الرئيسي لها وبالتالى ارتفاع نسبة الركود فى الأسواق نتيجة تدنى المستوى الاجتماعى والاقتصادى وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين، وفي نفس الوقت أدى رفع أسعار الفائدة إلي تراجع حجم الاستثمارات المباشرة سواء الأجنبية أو المحلية نتيجة لارتفاع تكلفة الاستثمار نظراً لارتفاع تكلفة التمويل من البنوك لإنشاء وتشغيل استثمارات حالية أوجديدة، هذا بجانب أثر رفع أسعار الفائدة على سحب السيولة من الأسواق والبورصة المصرية ومن قطاعات الاستثمارات الأخرى وتحويلها وتجميعها وركودها في القطاع المصرفي دون استثمارها لأن تكلفة استثمار هذة الأموال أصبح مرتفعاً جداً على المستثمرين مما دفع البنوك للتحول من تمويل المشروعات وهو دورها الرئيسي واتجهت الي اقراض الحكومة (سندات وأذون خزانة) وهو مادفع إلي إعتماد الحكومة على تمويل عجز الموازنة المتفاقم من خلال البنوك مما أدى إلي تفاقم الدين المحلي وتكلفة الدين لمستويات كارثية وغير مسبوقة تجاوز الدين العام 100% من الناتج المحلي الأجمالي في مؤشر وسابقة خطير في ظل أن الحكومة لاتمتلك خطة حقيقية للتعامل مع ارتفاع العجز فى الموازنة المتفاقم بعد رفع الفائدة على الكوريدورأدى إلي زيادة تكلفة الدين في الموازنة العامة للدولة والتي أصبحت تمثل أكثر من ثلث الموازنة المصرية وبالتالي أرتفاع عجز الموازنة، ومع ارتفاع تكلفة الاستثمار وارتفاع تكلفة الأنتاج وزيادة أسعار السلع في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين أدى لمزيد من الركود في النشاط الاقتصادي دافعاً معدلات النمو إلي التراجع وزيادة معدلات البطالة وتفاقم حالة الركود التضخمي.

 

 

أما عن محاولات الأصلاح الاقتصادي، فكلما حاولت الحكومة خفض عجز الموازنة بتخفيض الدعم يقوم المركزي برفع أسعار الفائدة وبالتالي تزداد تكلفة خدمة الدين أو فوائد الدين العام والتي أرتفعت بشكل قياسي خلال عام بسبب رفع أسعار الفائدة 9.5% لتسجل تكلفة الدين أكثر من ثلث الموازنة ليتفاقم العجز وتستدين الحكومة أكثر وأكثر بسعر الفائدة الحالي وتزيد تكلفة الدين العام أكثر وأكثر ونظل في ذات الدائرة المغلقة دافعين الاقتصاد إلي وضع كارثي، لنجد أن مانوفره بتخفيض الدعم ورفع الضرائب يلتهمه رفع أسعار الفائدة في دفع تكلفة وفوائد الدين العام، أي ماتصلحه الحكومة يضيعه البنك المركزي بسياساته، بالإضافة إلي ضياع كل محاولات الحكومة نحو جذب أستثمارات سواء محلية أو أجنبية في ظل أرتفاع تكلفة الاستثمارحيث من المفترض أن يحقق المستثمر الحاصل على تمويل من البنوك لتشغيل مشروعات حالية أو إقامة مشروعات جديدة عائد استثماري يكفي لتغطية تكلفة التمويل وتكاليف الاستثمار والتشغيل الأخرى وهو مايستحيل حدوثه خاصة في حالة الكساد وإنخفاض القوة الشرائية للمستهلكين، ليصبح أنه من الأفضل أمام المستثمر إيداع أمواله في البنوك والحصول على عائد يقترب من الـ20% دون تحمله أية مخاطرة لأنه يستحيل أن يحقق صافي ربح في ظل هذه الظروف من أي استثمار بهذة النسبة، لنجد حالة تضاد واضحة بين الحكومة والبنك المركزي لعدم الاتساق بين قرارات السياسة النقدية والسياسة المالية بالأتجاة بسياسة إنكماشية واضحة من البنك المركزي في الوقت الذي تنتهج فيه الحكومة سياسة توسعية تقوم على أساس زيادة الانفاق الاستثمارى وجذب الاستثمارات لرفع معدلات النمو الإقتصادى، وبالتالي كل محاولات الأصلاح لن تجدي.

 

 

لتضعنا قرارات المركزي في حالة أنسداد استثماري وتجبرنا بأن نجلس جميعاً الآن في منازلنا مستثمريين وخبراء وعامليين في الاستثمار المباشر أو الغير مباشر أو القطاعات المختلفة ونكتفي بالمشاهدة ويتحول من تبقى من الشعب من منتجيين إلي مستهلكين فقط ونضع جميعاً أموالنا في البنوك ونحصل على أعلى عائد استثماري دون أية مخاطرة أو أعباء تدفعه لنا البنوك والبنوك تسلف الحكومة وتحصل منها على أعلى عائد أيضاً دون مخاطرة والحكومة أما ستزيد من الاستدانة أو ستفرض علينا ضرائب أكثر، ليصبح من يدفع تكلفة ذلك هو اقتصادنا القومي وبالتالي الجيل الحالي والأجيال القادمة من هذا الشعب وسنظل في هذه الدائرة المغلقة حتى التخلي عن سياسة رفع أسعار الفائدة وإتباع سياسة أتجاه نزولي لأسعار الفائدة لتصل إلي مستويات من 10% إلي 6%، وبالطبع لا أنسى أننا لن تستطيع الإجابة على هذا السؤال الذي سيطرح علينا من المستثمرين الأجانب وهو “هل توجد دولة في العالم تستهدف زيادة الاستثمارات وتحفيز النمو وإصلاح اقتصادها تقوم برفع الفائدة 9.5% في أقل من 15 شهر؟

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله