أشرطة الفيديو الكثيرة التي تدور حول القطط تنتشر حاليا على مواقع الإنترنت وتحظى باهتمام ومتابعة الجماهير، لكن قبل أربعة آلاف سنة، كان أبناء الفصيلة من الكائنات الكبيرة المتوحشة وأبناء عمومتهم من الكائنات الصغيرة الأليفة يحظون بمكانة رفيعة ونجومية كبيرة في حياة المصريين القدماء؛ حيث تحولت هذه المخلوقات الجميلة من مجرد حيوانات إلى رموز مقدسة تثير الإعجاب بتألقها وجمالها.
تستضيف العاصمة واشنطن في الوقت الراهن معرضًا عن القطط في مصر الفرعونية في صالة آرثر إم ساكلر التابعة لمؤسسة سميثسونيان، بتنظيم من متحف بروكلين. المعرض بعنوان (قطط سماوية: القطط في مصر القديمة) ويستمر حتى يوم 15 كانون الثاني/يناير 2018، وهو يسلط الضوء على دور القطط في أساطير وعقيدة المصريين القدماء والدور المهم الذي لعبته في الحياة السياسية والدينية والاجتماعية بمصر القديمة.
يحتوي المعرض على 81 قطعة أثرية تعود إلى عهد المملكة المصرية الوسطى (2008- 1630 قبل الميلاد) والعصر البيزنطي (395-642 م)، تتراوح بين التماثيل والتوابيت والتمائم إلى القطط المحنطة.
يربط معرض القطط السماوية بين مميزات وصفات القطط – مثل مهارتها العالية في الصيد، وشراستها، وقدرتها على الرؤية في الظلام، ومرحها ولطفها مع صغارها، وبين رموز المقدسات في مصر القديمة. وهذه الصفات (المتعارضة أحيانا) تكشف عن ازدواجية تعكس رؤية المصريين القدماء للعالم.
ويظهر الإله رع، إله الشمس، وآلهة أخرى على شكل قط أو أسد متمدد، في إيماءة تشير إلى عادة القطط في التمدد للاستمتاع بضوء ودفء الشمس.
كانت الأسود، التي تدل على القوة، مرتبطة بالملكية والقداسة لدى المصريين القدماء. ويحتوي معرض القطط السماوية على العديد من العناصر التي تربط بين الأسود والملوكية – على سبيل المثال، في المعرض تميمة على شكل جعران مزخرف بأشكال “تروي قصة ملك يصطاد الأسود، ترمز إلى السيطرة والفتوحات”، حسبما قالت أمينة المعرض أنطونيتا كاتانزاريتي.
وتضيف أمينة المعرض أن ملوك المصريين القدماء يتنقلون ومعهم أشياء كلها تدور أو تمثل الأسد. وكانوا يعبدون الإلهة ساخميت التي لها رأس أسد، والتي يعني اسمها باللغة المصرية القديمة :المرأة القوية. وأشارت كاتانزاريتي إلى أنه نظرا لأن الأسود كانت تعيش في أطراف الصحراء، كان الاعتقاد السائد آنذاك أنها كانت تحمي حدود مصر مع العالم الخارجي.”
وبما أنهم كانوا يعتقدون أن التمائم تمنح الحماية أيضا لمن يحملها، فغالبا ما كانت العائلات من مختلف الطبقات الاجتماعية تحرص على اقتناء آلهة على شكل القطط أو ما يشبه القطط.
ومن بين القطع الأكثر غرابة بين الكنوز التي يضمها المعرض تمثال برونزيّ صغير لقطّة ومعها صغارها.
القطة الأم تجسد الإلهة باستيت، ومن بين ما كانت ترمز إليه الخصوية والإنجاب. وتجسيدها على هذه الصورة في التمثال، يرمز بشكل واضح إلى صفة الحماية التي تتميز بها القطط نحو صغارها – إضافة إلى تعلق وعشق المصريين القدماء بهذه الكائنات التي كانوا يعتزون بها وهي القطط.
المصدر : شير امريكا